تتدحرج المنطقة بخطى حثيثة نحو حرب شاملة، بعد تحول كفة الصراع لمصلحة حلف المقاومة وانتصاره على الإرهاب التكفيري. أصبح تَواجُه الأقوياء إذاً مسألة واردة؟ هل يُشعل الصيف نيران الحرب؟ هل تدخل الرياض حرباً ضد طهران؟ كيف يستعدّ الكبار لليوم الموعود؟لنبدأ بحزب الله! جهز الحزب مخازن السلاح بأنواع الصواريخ شتى، القادرة على استهداف منشآت ومطارات وموانئ العدو بدقة شديدة. يعمل الحزب منذ مدة على تغيير معادلات الصراع. يقول السيد حسن نصر الله في هذا الصدد: «إذا تغيرت معادلة الجو، تغيرت معادلة الصراع كله». وعن العقيدة القتالية لحزب الله، يقول السيد حسن: «لا نوفر أبناءنا للمستقبل، نفخر بأولادنا عندما يذهبون إلى الخطوط الأمامية، ونرفع رؤوسنا بأولادنا عندما يسقطون شهداء». يعتمد حزب الله على تكتيكات حربية خاصة، من أشهرها حرب الكمائن المُحكمة التي تكون نتائجها محسومة: تسقط المواقع عندما يكون الهجوم من زوايا عدة. لا يملك سلاح الطيران الحديث رادارات متعددة الأبعاد يمكنها أن ترصد الجهات كلها، وتكشف الطرق التي منها ينطلق المقاومون نحو الهدف المقصود. يلتفون حول الهدف بأشكال متنوعة ويسقطونه بأقل الخسائر الممكنة. يملك الحزب تشكيلات متعددة من الطائرات المسيرة المتخصصة للرصد والقصف. من ينسى صور الآليات الأميركية وهي تنفجر وسط مناطق القتال بسلاح روسي؟ من ينسى رقص الميركافا وسط وادي حجير! كان الكورنيت دائماً شريكاً في صناعة النصر. يملك الحزب قدرات هائلة في مجال الحرب السيبيرية، وإعلاماً حربياً فريداً، وخبرة عالية في صناعة النصر. وقد أهّله ذلك بحق ليكون منافساً خطيراً للجيش العبري. ومن جهة أخرى، ساهمت الحرب ضد الإرهاب التكفيري في تطوير الأداء القتالي للحزب: صقل المقاتلون مهاراتهم وطوروا أداءهم وأسلوبهم حسب طبيعة المعارك. ساهم قتال رجال حزب الله جنباً إلى جنب مع الجيش العربي السوري في تطوير الأداء كثيراً، وفي سرعة التنفيذ. أضف إلى ذلك سلاح المفاجآت! هكذا يستعد حزب الله لليوم الموعود.
تمكن الجيش العربي السوري بدوره من هزيمة «الناتو السني» في الغوطة، وأخرج البقية الباقية من المجموعات المسلحة باتجاه المحميات الطبيعية في إدلب. لا يحتاج حماة الديار إلى قرع الطبول. بعد إقصاء «النصرة» و«داعش» من نهائيات الحرب، ها هم جنود الأسد يتقدمون نحو الحدود!
لم يفلح «عرب أميركا»، خلال السنوات الماضية، في إنجاز المهمات الموكلة إليهم


لم تتوقف طوال العقدين الأخيرين حركة الإنتاج في المصانع العسكرية الإيرانية رغم ظروف الحصار. هكذا تمكنت إيران من تطوير وتحديث قدراتها الدفاعية والهجومية، مستفيدة من اتفاقات التعاون العسكري مع روسيا والصين وكوريا الشمالية. واستطاعت تأمين اكتفائها الذاتي من الصواريخ الباليستية، وكذا تلبية حاجات حلفائها، طبقاً لاتفاق الدفاع المشترك الموقّع في دمشق بين سوريا وإيران وحزب الله عام 2009. في هذا السياق، دخلت الخدمة في صفوف هذا الحلف منظومات دفاع جوي جديدة إلى جانب السلاح الروسي، ومنظومات بحرية (نذكر من بينها «منظومة المندب»، «H2»، و«صمود»، وغيرها)، وسلاح باليستي يستطيع الوصول إلى القواعد العسكرية والأهداف البعيدة. تساعد إيران حلفاءها من خلال دورات تدريبية، وتبادل الخبرات، وتكوين وتأهيل وحدات متخصصة في الصناعة الصاروخية، ومجالات أخرى… وقد أعفى ذلك طهران من إرسال شحنات مكشوفة يمكن أن تقع في أَيْدٍ غير مرغوب فيها. حَلَّقَت أخيراً صواريخ إيرانية في سماء المنطقة: ويُعتقد أنها نسخ مطورة لصواريخ «هاوتسونغ 5» و«6». يُحْدِث هذا النوع من الصواريخ دماراً هائلاً في المنشآت الحيوية. وقد حَمَّلَتِ العربية السعودية إيران مسؤولية الاستهداف الباليستي الذي تعرضت له الرياض، بصواريخ «بركان H2»، وبدأت تقرع طبول الحرب.
لا يتوقف قادة الكيان العبري عن توجيه التهديدات إلى حزب الله: لا تزال الجوقة السمفونية العبرية تردّد، دون كلل أو ملل، نفس أسطواناتها. تؤكد تلك التصريحات حالة الهلع التي يتخبط فيها الكيان المذكور. ظل الأخير طوال السنوات العشر الأخيرة منطوياً على نفسه وهو يدرس سبل الحل لمواجهة حزب الله. طرحت النخب السياسية والعسكرية الصهيونية عدة نظريات. يقترح أفيغدر ليبرمان في هذا الصدد تدمير كامل القرى الجنوبية. ويقترح «صديق دونالد ترامب المفضل»، تشجيع دول الخليج على دخول الحرب ضد إيران. واقترح مهندس مغمور إنشاء أكبر مظلة فولاذية في التاريخ، تدعمها جدران إسمنتية، لتحمي الأراضي الناطقة بالعبرية والمقدرة بـ20770 كلم من الصواريخ الباليستية!
هدد الصهاينة مراراً وتكراراً بمحو إيران من الوجود، لكنهم لم يفعلوا. تخلى بنيامين نتنياهو عن خطط الهجوم بعد أن تأكد من استحالة صد 13 ألف صاروخ في الدقيقة! يستعد الصهاينة لليوم الموعود وهم حيارى! لا تستطيع القبة الفولاذية أن ترد كل الصواريخ! كيف يحمي الكيان إذاً منشآته وقواته فوق الأرض؟ من يحيي أسطورة الجيش العبري بعد موتها؟ أجمع الجنود الصهاينة، في تصريحاتهم بعد توقف العمليات القتالية عام 2006، على أن «الداخل إلى لبنان مفقود، والعائد منه مولود!». من يوقف زحف المقاومين نحو الجليل؟ ماذا بعد سقوط «الإف 16»، هل تفلح «الإف 35» في حسم المسألة؟ سبق للكيان العبري أن اعتمد سياسة الاغتيالات، لكنه فشل في القضاء على المخزون الاستراتيجي من القادة صناع النصر: تخرج من مدرسة عماد مغنية آلاف القادة يعرفون كيف يفكرون ويخططون وبإبداع ينفذون.
لم يفلح «عرب أمريكا»، خلال السنوات القليلة الماضية، في إنجاز المهام الموكولة إليهم: لم يتمكنوا من إسقاط النظام. خلال بداية الصراع، طلب هؤلاء من الرئيس الأميركي أن «يضع في بطنه بطيخة صيفي»، وتعهدوا تحرير دمشق في خمسة أيام. تَخَيَّلَ هؤلاء النظام السوري وجبة سريعة يمكن التهامها دفعة واحدة! أثار فشل الفاشلين غضب ترامب! استعداداً للحرب، نفذ ترامب أكبر عملية سطو على البنوك الخليجية في العصر الحاضر. وعقد صفقات تاريخية لم يحلم بها حتى آل بوش. صرح «دبليو ترامب» وهو يرقص رقصة الحرب: «كان يوماً رائعاً! مئات مليارات الدولارات من الاستثمارات في الولايات المتحدة! ووظائف، وظائف، وظائف!».
أدرك الأميركي حجم الأخطار المحدقة بالكيان العبري، لذلك هبَّ لنَجْدته. في هذا السياق، أجرى الجيش الأميركي أخيراً مناورات مشتركة مع الجيش الصهيوني، هدفها المعلن هو حماية الجبهة الداخلية والمناطق الحساسة من خطر الصواريخ. هل يتمكن الأميركي من حماية منطقة «غوش دان»؟ هل يفلح في حماية مفاعل «ديمونة» وملحقاته داخل البحر؟ ما دور الجيش الأميركي بعد توقف مشروع تدريب المجموعات المسلحة؟ لِمَ حشر الأميركي نفسه داخل مثلث الموت؟ هل يتوغل ترامب في فييتنام جديدة؟ هل يستغل حزب الله حالة الهدوء الداخلي ويقوم على مغامرة جديدة؟ هل يتراجع ترامب عن «صفقة القرن»؟
* كاتب مغربي