بسام الهاشم *
أكثر من عشرين شهراً انقضت على انتخابات 2005 النيابية والسيد كارلوس إده ما زال يعيش مرارة الهزيمة التي مني بها آنذاك مع حلفائه أمام مرشحي التيار الوطني الحر وحلفائهم، وقد تمادى تحت وقع الهزيمة، كمن به هوس يستعصي عليه لجمه، في التطاول على شخص دولة الرئيس العماد ميشال عون. وكان الموقف الثابت للعماد عون وجميع معاونيه الترفع عن الرد، فإذا بالجموح يبلغ به في الآونة الأخيرة، غضباً من التجاهل ولا ريب، حد التجريح باستقامة العماد أمام التكليف الضريبي، والطعن بديموقراطيته، والتشكيك في عدم ارتباطه بأية قوة خارجية، ولا سيما سوريا، وصولاً إلى اتهامه بالتبعية إلى هذا الفريق أو ذاك من الأفرقاء السياسيين المحليين.
فلأن اللبنانيين جميعاً، ومثلهم العرب والعجم والأجانب العارفون بالرئيس عون، يدركون تماماً كم هي مجانبة للحق هذه التلفيقات المهووسة، لا يرى أحد منا، نحن أهل التيار الوطني الحر، حاجة إلى الرد عليها بما قد يشبه من قريب أو من بعيد محاولة للدفاع عن رئيسنا وتبيان ما نعرفه نحن عنه من فضائل.
ولكن، مع ذلك، قد يكون هناك بعد، في زوايا قليلة من بعض القرى النائية في بلاد جبيل، بعض من كبر في السن وبقي يعتقد بأن بين كارلوس إده وريمون إده (الذي كان، هو الآخر، كالعماد عون، عظيماً من عظماء لبنان) ما يجمعهما غير الاسم وعلاقة النسب فحسب (بقطع النظر عن قضية «العمادة» التي لنا عودة إليها). فعلى أهلي هؤلاء، الباقين بلا تبصر في انتساب ابن الشقيق إلى العم على ولاء لزعيم الكتلة الحالي، أرى من واجبي ــ وأنا المنحدر من أصول كتلوية معروفة، فضلاً عن أنه كان لي شرف البقاء، بمعرفة ومباركة تامتين من العماد عون، على صلة وثيقة بالعميد الحقيقي حتى مماته ــ أن أعمم بعض ما يبدو لي مهماً أن يعرفوه عن سلوك السيد كارلوس إده، وخصوصاً في المجالات التي تطاول فيها على العماد عون، بل بالأخص في مجالي الديموقراطية والتكليف الضريبي، كي يستطيعوا تقييمه بموضوعية، ومن ثم التعامل معه بما يستأهل من معاملة.
ففي مجال التكليف الضريبي، أولاً، يصور السيد إده نفسه مثالاً في الاستقامة، وهو يجرِّح بالرئيس عون، حين يتباهى بأن الكتلة الوطنية دفعت، من أصل 200000 دولار أميركي كان العميد الراحل قد أوصى لها بها، مبلغ 63000 دولار ضريبة للدولة. والحق أنه لا سبب عندي للتشكيك في أن مثل هذا المبلغ قد سُدِّد فعلاً للخزينة. ولكن ثمة سؤال يبقى، مع ذلك، مطروحاً في هذا المعرض، ويبقى من حق الناس على السيد إده ــ نعم من حقهم عليه، لطالما كان هو المبادر إلى وضع نفسه في موضع المساءلة ــ أن يجيبهم عنه، على أن يأتي جوابه مدعَّماً بصور ينشرها عن الوثائق الرسمية ذات الصلة، وهو السؤال التالي: هل هذا المبلغ ذهب بالفعل تسديداً لضريبة عن المئتي ألف دولار الموصى بها، أم تسديداً لبعض ما أصابك من ضريبة انتقال تركة المرحوم عمك إليك؟
غير أن هذا السؤال لا يلبث أن يستحضر في الذهن أسئلة أخرى نطرحها على من صوَّر نفسه مثالاً في الاستقامة الضريبية، على أمل الحصول عليها، هي أيضاً، بإجابات مثبتة، وهي التالية:
1. هل صحيح أنك، قبيل وفاة المرحوم عمك، بذلت ما بوسعك لإقناعه ببيعك، بيعاً صورياً بالطبع، التركة التي كنت سترثها عنه، بدلاً من تركها تنتقل إليك بعد مماته وفق الأصول التي يحددها القانون، ولكنه لم يقتنع؟ إن هذا، في الحقيقة، ما سبق أن اعترفت أنت به أمام مشاهدي تلفزيون الشبكة اللبنانية للإرسال (LBC) في حلقة تعود بتاريخها إلى أوائل آذار 2001 من برنامج «كلام الناس» للإعلامي مارسيل غانم. وهذا أيضاً ما يشهد على حصوله مقربون من العميد الراحل كانوا شهوداً على وقائعه. فماذا، بالتالي، كان الغرض من محاولتك هذه يا حضرة المثال في الاستقامة؟ هل كان غير سعي من قبلك إلى التهرب من دفع الرسوم الباهظة التي يدفعها الوريث غير المباشر (وهذه هي حالك) كرسوم انتقال للتركة، وهي المتجاوزة لنسبة 30 بالمئة من القيمة التقديرية لهذه الأخيرة، ومن ثم الاكتفاء بدفع بديل من هذه الرسوم لا يتجاوز نسبة 6 بالمئة من قيمة العقارات المعنية، هو رسم تسجيلها عقارات «مشتراة»؟
2. دعنا نسلم جدلاً بأنك أخطأت من هنا بالفكر والقول فحسب؛ ما يعني بالتالي أن خطيئتك بقيت عند هذا الحد غير مكتملة. فهل كنت في حيز العمل، بعد ذاك، بعد رحيل المرحوم عمك الذي نفتقده جميعاً، أكثر تقيداً بشروط الاستقامة منك في حيز الفكر والقول؟ إن هذا ما كنته لتكونه، بدايةً، لو كنت نفذت وصايا عمك الثلاث بحذافيرها؟ فهل هذا ما فعلته يا ترى؟ ثم هل أولاد عمتك راضون عما فعلت، وهم الذين ما وصل إليهم من كل التركة إلا النزر اليسير؟
3. من المعروف أنك ورثت عن العميد الحقيقي مجمل ما كان يملك من عقارات في لبنان، وقوام ذلك ثمانمئة ألف متر مربع بالقرب من زحلة وستة ملايين وثمانمئة ألف متر في عانا بالبقاع الغربي، أي ما مجموعه سبعة ملايين وستمئة ألف متر مربع في البقاع، فضلاً عن منزل العميد المشيَّد على مساحة 1500 متر في غرب بيروت. ومن المعروف أن السعر المتداول للعقارات في المنطقة التي يقع فيها منزل عمك يناهز 4000 دولار أميركي للذراع (لا للمتر) الواحد، وأن الثمن التقديري للعقارات التي ورثتها عن العميد في منطقة البقاع (أي في عانا وجوار زحلة) يقع ما بين 45 و50 مليون دولار أميركي، باعتبار أن ثمن المتر المربع في تلك المنطقة يقع ما بين 6 دولارات أو أقل بقليل و 6 دولارات ونصف أو أكثر بقليل. فاستناداً إلى ذلك، كان ينبغي عليك أن تدفع للخزينة ضريبة انتقال للتركة التي ورثتها هكذا ما لا يقل عن 17 إلى 19 مليون دولار أميركي. فهل هذا بالتالي ما دفعته؟ ثمة في البلد من يقول إن مجمل ما دفعته في هذه الخانة لا يتعدى مليون دولار. فهل هذا صحيح؟ إن كان هذا غير صحيح، فما هي بيناتك على عدم صحته؟
4. هل صحيح، أيها السيد، أنك تودع أموالك كلها ــ وهي طائلة ــ في جنة ضريبية هي غير لبنان (البلد الذي تقيم فيه حالياً) وغير البرازيل (البلد الذي ما زالت لك فيه مصالح)؟ إن كنت تزعم أن هذا غير صحيح، فما عليك لإثبات ذلك إلا أخذ المبادرة بنشر أمرين، مدعَّمين بالمستندات ذات الصلة، على الملأ: حجم توظيفاتك وأموالك المودعة في لبنان، وقيمة ما سددته سنوياً للخزينة اللبنانية من ضريبة على الدخل منذ استقرارك في لبنان في أيار 2000. ولكن، إذا صح أن جل أموالك مودع في مصارف الجنة الضريبية تلك، أفلا يكون في ذلك الدليل الذي يصعب دحضه على إمعانك في التهرب من دفع الضريبة لمصلحة أي من البلدين اللذين لك فيهما مصالح؟
5. قبل أن نطوي هذه الصفحة، ثمة سؤال يراود كل من يراك تواظب هكذا، على القصف في غير الاتجاه المناسب، وهو بطبيعة الحال يستدعي منك الجواب الشافي. فما دمت أنت على هذا القدر من الحرص على تحصيل الدولة ما لها من مستحقات في ذمة المكلفين، لماذا لا تبدأ، بدلاً من المضي في قصف العماد عون ظلماً وعدواناً، بإفادتنا برأيك في سلوك حلفائك، ولا سيما الحريريون منهم، إزاء الموجبات الضريبية! هل لك أولاً، يا سيدي، أن تقول لنا كم بلغت قيمة المبالغ التي سددها آل الحريري للخزينة العامة كرسوم انتقال للتركة المقدرة، حسب ما نشر في الصحف، بـ 17,4 مليار دولار أميركي، التي انتقلت إليهم كميراث عن الرئيس الشهيد رفيق الحريري؟ وهل لك من ثم أن تقول لنا ما تراه فيها؟ بل هل أنت مسلِّم بأحقيتها؟
أمّا في المجال السياسي والديموقراطي، فغير قليلة هي الملاحظات التي يستدعيها سلوك السيد كارلوس إده. ولكننا نكتفي هنا، لوجوب الاقتضاب، بذكر ما نعتقد أنه الأكثر جوهرية من بينها، وهو التالي:
أولاً. من المعروف أن السيد كارلوس إده كان، حتى وفاة المرحوم عمه سنة 2000، غائباً عن لبنان منذ 25 سنة، وأنه ما كان حتى ذاك التاريخ موجوداً في عالم السياسة اللبنانية، ولا حتى مهتماً، سواء من قريب أو من بعيد، بحزب الكتلة. ومن المعروف أيضاً أن العميد ريمون إده رحمه الله ما كان يريد له مطلقاً أن ينخرط في السياسة، وقد كانت له (أي للعميد الحقيقي) تصريحات واضحة عن هذه المسألة، نذكر من بينها على سبيل المثال، كشاهد على صحة ما نقول، تصريحاً نشرته له جريدة الديار في حزيران 1998. بل إن بين من كانوا أقرب المقربين إلى العميد ريمون إده من يذهب إلى حد إفادتنا بأن الأخير بذل ما بوسعه للحؤول دون انخراط ابن شقيقه كارلوس في السياسة. فهل للسيد كارلوس إده أن يشرح لنا، والحال هذه، باسم أية ديموقراطية، وباسم أي تراث سياسي شخصي، بل باسم أية شرعية، وأية معايير ومفاهيم في الفكر السياسي المعاصر كان له أن صار فور وفاة عمه، في أيار 2000، وريثه في عمادة حزب لم يكن مورِّثه حتى يريد له أن يخلفه فيها، بل حتى أن يخلفه، بالمطلق، في السياسة؟
ثانياً. قد يزعم السيد كارلوس إده، في معرض الإجابة عن هذا السؤال، أن وصوله إلى المنصب هذا لم يكن من قبيل الفرض على المحازبين، ممثلين بأعضاء مجلس الحزب، بل بإرادتهم الحرة. فهل كان قبول هؤلاء الأعضاء به هو حقاً ما ثبت في ما تلا تنصيبه عميداً من تطورات في داخل الحزب؟ وهل أتت من ثم هذه التطورات مثبتةً للرسوخ في الديموقراطية، الذي يدعيه لممارساته؟ دعونا نستعرض أبرز الوقائع:
1. في أوائل شهر تموز من سنة 2000، أي بعد شهرين فقط من عودته من البرازيل واعتلائه سدة العمادة في حزب الكتلة الوطنية، رشح السيد كارلوس إده السيد خليل تابت لرئاسة الحزب في مقابل السيد إدمون شبير الذي، من جهته، كان تعويله في هذه المواجهة على دعم أعضاء مجلس الحزب له. فما كان من المجلس إلا أن صوَّت ضد مرشح «العميد» لمصلحة السيد شبير؛ ما دفع مرشح «العميد» الذي لم يحالفه الحظ إلى مغادرة الحزب لشعور من قبله بالمهانة. فلو كان السيد كارلوس إده مقبولاً من أهل الحزب إلى الحد المفترض حسب ما تستبطنه مزاعمه، فهل كان هؤلاء ليخيبوه كما فعلوا، بعد شهرين فقط من تسنمه مقاليد العمادة؟
2. في منتصف الشهر عينه، سأل السيد كارلوس إده مجلس الحزب رأيه في احتمال المشاركة في الانتخابات النيابية لتلك السنة (أي السنة 2000)، وكانت رغبته هو، المصرح بها، أن يقر المجلس فكرة المشاركة. غير أن الأخير خيَّب ظنه للمرة الثانية، وهو ما عبر عنه في تصويت كثيف ضد المشاركة، احتراماً لتعليمات خطية كان قد تلقاها من العميد الحقيقي قبيل مماته. غير أن العميد المنصَّب حديثاً ما وجد غضاضة في تجاوز قرار مجلس الحزب ــ طبعاً من باب الإمعان في احترام الديموقراطية !ــ إذ ما لبث أن خاض الانتخابات، في بيروت، ولو بشخص النقيب أنطوان قليموس الذي كان هو (أي «العميد») لا يكن له الود.
3. سعياً إلى إحلال شخص آخر موالٍ له في منصب الأمين العام للحزب، محل المرحوم ابراهيم اسطفان الذي كان قد أجبره في أوائل تموز نفسه على الاستقالة، رشح السيد كارلوس إده السيد أندره نادر لمنافسة النقيب قليموس على الأمانة العامة. وقد ناشد أعضاء مجلس الحزب علناً أن يصوتوا لمرشحه. فماذا كانت النتيجة؟ كانت النتيجة أن خذله هؤلاء للمرة الثالثة بانتخاب النقيب قليموس أميناً عاماً للحزب، تحدياً لإرادته المعلنة. ويشار هنا، للتدليل على ما لدى السيد إده من احترام للرفاق، أنه قبيل هذه الانتخابات، استدعى المرشحَين إلى مكتبه، وهناك توجه إلى النقيب قليموس لإفادته بأنه يدعم ترشيح منافسه السيد نادر بالعبارات التالية: «لقد اخترت أقلكما سوءاً».
4. في نيسان 2001، صوتت اللجنة التنفيذية بأكثرية 21 صوتاً في مقابل صوت واحد ضد مشاركة الحزب في لقاء قرنة شهوان. ولكن عميد الحزب المبتدع في غفلة من الزمن ما لبث أن تجاوز قرار اللجنة التنفيذية بالإقدام على المشاركة في هذا اللقاء، الذي ــ للمناسبة ــ انتهى إلى الخروج منه بعد بضعة أشهر.
5. سعياً إلى التخلص من كل هذه المعارضة الداخلية، ما وفَّر السيد كارلوس إده وسيلة إلا واعتمدها لدفع أنطوان قليموس إلى الاستقالة من الأمانة العامة. وهذا ما أفلح في الحصول عليه بعد جهد جهيد. فكان أن انتهز الفرصة المتاحة من هنا للانقضاض على صلاحيات مجلس حزبه. فإذا به يفرض تعديلاً للنظام الداخلي للحزب يستطيع بموجبه، هو نفسه كـ «عميد»، تعيين الأمين العام لهذا الأخير، بعدما كانت العادة قد درجت، وفقاً للنظام الداخلي المعمول به منذ إنشائه سنة 1946، على أن يكون الأمين العام منتخباً من المجلس. ثم، بعدما حصل الديموقراطي الكبير (!) على هذا التعديل في النظام الداخلي، كان له أن كلف بالأمانة العامة ــ بكل ديموقراطية، بالطبع! ــ الدكتور جوزيف مراد بدايةً، ثم من بعده السيدة كنعان بويز التي هي الأمينة العامة الحالية.
6. بعد ذلك، وكان قد أضحى طليق اليدين في فرض ما يراه من تغييرات على الحزب، بادر السيد كارلوس إده، إلى خفض عدد أعضاء مجلس الحزب من 129 إلى 60 عضواً. ولم تكن غايته من هذا التدبير أكثر ولا أقل من إزاحة مناوئي سياسته وهم من أقرب المقربين إلى العميد الكبير ريمون إده. فإذا به اليوم، والحال هذه، هو من يسمي أعضاء مجلس الحزب الذين إليهم هم يعود من ثم أن ينتخبوه عميداً.
7. بعد كل هذه التعديلات، بات السيد كارلوس إده هو الآمر الوحيد الناهي في حزب الكتلة الوطنية. فكان أن طرح نفسه، في الانتخابات الحزبية الأخيرة، مرشحاً وحيداً لعمادة الحزب. وكان أن انتخب بالطبع عميداً لست سنوات جديدة. وكان، إلى ذلك، من نتائج هذه الإدارة «الحكيمة» أن دفعت بالكثيرين من قياديي الحزب التاريخيين إلى الاستقالة منه تاركين إياه للسيد كارلوس إده كي يسرح ويمرح فيه. وقد كان في طليعة من استقالوا، ومنهم من سبق أن كان أميناً عاماً أو أميناً عاماً مساعداً للحزب، أو رئيساً لمجلسه، أو أمين سر لهذا المجلس، السادة الآتية أسماؤهم : نقيبا المحامين السابقان شكيب قرطباوي وأنطوان قليموس، وسمير عبد الملك، ومحمد المولى، ود. صخر سالم، ود. سليم سلهب، وشادي حنا، وأنطوان تفنكجي، وفضول خلوف، وشربل عواد، ومانويل اسطفان، وروجيه خوري، ورالف جرمانوس، وإيلي مشرقاني، وإيلي شلهوب، وأنطوان شرفان، وإدي صفير، الخ. وكل هذا في النطاق الداخلي للحزب. أما في النطاق الخارجي، فقد كانت أبرز إنجازات العميد المستحدث هي التالية: 1) هزيمة مرشحه للنيابة في بيروت في انتخابات سنة 2000؛ 2) هزيمة مرشَّحه للانتخابات النيابية الفرعية سنة 2002 في قضاء المتن، هزيمةً مدوية، بوجه المرشح المدعوم من التيار الوطني الحر؛ 3) هزيمة مرشحيه للانتخابات البلدية سنة 2002، ولا سيما في مدينة جبيل؛ 4) الهزيمة المذلة التي مني بها شخصياً في انتخابات 2005 النيابية، التي كان هو فيها المرشح الوحيد للكتلة الوطنية في كل لبنان، والتي أصر فيها على الترشح ضد لائحة التيار الوطني الحر، رغم كل ما أسديناه له آنذاك ــ نحن شخصياً ومعنا كثيرون من الكتلويين الأقحاح ومحبي العميد الحقيقي ــ من نصائح كي لا يفعل، بل كي لا يتحالف ضد التيار، احتراماً لرأي القواعد الكتلوية التقليدية، مع الكتائبيين والقواتيين والدستوريين الذين عانت هذه القواعد الأمرين من تعدياتهم عليها في السابق وكانت إرادة العميد ريمون إده الثابتة الابتعاد عنهم، والذين ترى فيهم بالتالي أخصاماً لا مجال عندها للتسويات معهم.
8. لمناسبة الكلام على انتخابات 2005 النيابية، يشار إلى أن المرشح كارلوس إده لمع آنذاك بحلوله في أدنى سلَّم الراسبين، بإحراز نتائج أدنى من نتائج حلفائه الكتائبيين والقواتيين والدستوريين، وذلك في قضاءين هما قضاءا جبيل وكسروان كانت فيهما الكتلة الوطنية سيدة الموقف بلا منازع أيام ريمون إده. ولم يجئ ذلك تعبيراً عن اعتراض من القواعد الكتلوية التاريخية على خيارات كارلوس، بل عن رفض منها بكل جوارحها لشخصه.
9. خلاصة الأمر أن كارلوس إده خسر جميع المعارك الانتخابية التي خاضها، إلى أية جهة انتمى الأشخاص الذين تحالف معهم. فعلينا إذن التسليم بأنه هو من يُغرِق الآخرين المتحالفين معه، لأن الناخبين يرفضونه من أعماق أعماقهم.
* رئيس اللجنة المركزية للتثقيف السياسي في التيار الوطني الحر