في حين يحتفل النظام المصري بالذكرى الحادية عشرة لثورة 30 يونيو التي أطاحت بحكم الإخوان المسلمين بعد عامٍ واحد من وصول الرئيس السابق محمد مرسي إلى قصر الرئاسة، يصل غضب المصريين إلى ذروته! أما السبب، فهو استمرار أزمة انقطاع التيار الكهربائي وعدم الثقة في وعود الحكومة بإنهاء «خطة تخفيف الأحمال» خلال أسابيع.
وفي ظلّ كلّ ما يحدث، دائماً ما يقف الإعلام المحتكر من قبل الدولة في صفّ الجهة التي تتخذ القرارات، لا بل ينشر حملات وأفكاراً تزيد الطين بلّة! أطلقت القنوات والصحف المنضوية تحت مظلة «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» (تابعة للاستخبارات) حملة قبل نحو أسبوعين تسلّط الضوء على أخبار انقطاع الكهرباء في عدد من دول العالم، بما فيها الولايات المتحدة وروسيا وبعض دول «العالم الثالث» التي لا يعرف المصريون مكانها على الخريطة، مؤكدة أنّ ارتفاع درجات الحرارة كان سبباً رئيسياً فيها. فقوبلت هذه الحملات بتعليقات ساخرة، لا سيما أنّها تعرض دائماً الخبر من دون التفاصيل. هكذا حصل في خبر انقطاع التيار الكهربائيّ عن مطار مانشستر في المملكة المتحدة، حيث ركّزت المنصات الحكومية على خبر انقطاع التيار ولم تبرز كيف تعاملت الجهات المختصّة مع الأمر وكيف عوّضت المسافرين وحوّلت رحلاتهم بطريقة منظّمة إلى مطاراتٍ أخرى!

لكن لم يتوقّع القائمون على الحملة أن تردّ الصفحة الرسمية لوكالة «روسيا اليوم» على منشور لصفحة قناة ON زعمت فيه انقطاع الكهرباء في روسيا، واصفةً إياه بـ «المضلّل»، قبل أن تلخّص خطة إنتاج الكهرباء التي تتبعها موسكو. فرغم أنّ روسيا في حالة حرب مع أوكرانيا، إلا أنّ سكّانها لم يشهدوا أزمات كالتي تعاني منها المحروسة.

هكذا، لم تفلح كلّ محاولات مصر لتبرير ارتفاع الأسعار وانقطاع الكهرباء عبر الحديث عن الحرب الروسية ــ الأوكرانية و«طوفان الأقصى» وارتفاع درجات الحرارة، في تهدئة الرأي العام.

وفي الوقت الذي كادت تنحسر فيه هذه الحملات وينساها الناس، أطلقت وزارة الكهرباء حملة مفاجئة أثارت غضباً أوسع! إذ دعت المواطنين إلى الإبلاغ عن سارقي التيار الكهربائي، لتنتفض الجماهير من جديد عبر منصات التواصل الاجتماعي، وتتهم الدولة بأنّها تحيد الأنظار عن القضية الرئيسية.
أتى الإعلان في أكثر من صيغة. أمّا أبطاله، فمواطنون عاديّون، بهدف حثّ العامة على الإبلاغ عن السارقين، كما لو أنهم السبب في نشوب الأزمة الحالية. لكن مَن سيسرق الكهرباء غير الموجودة أساساً؟
الحملة الإعلانية حقّقت مفعولاً عكسياً، إذ ازدادت المطالب والاتهامات لوزارة الكهرباء بإهدار الأموال العامة. وكالعادة، لم تردّ الوزارة فيما استمرّ بثّ الحملة بكثافة بين فواصل البرامج التلفزيونية، لتذكّر المصريين كلّ ساعة بأنّ واقع الكهرباء مستمرّ على ما هو عليه، وبأنّ الحلّ يكمن في الإبلاغ عن اللصوص وليس في حلّ المشكلة من الجذور.