ربما تكون الكوميديا السورية قد بدأت منذ أيّام «مسرح الشوك» و«الكباريه السياسي» اللذين يُعد دريد لحّام أحد روادهما ومؤسّسيهما. جاء ذلك عشية النكسة وما تلاها من وقائع سورية متردّية أفسحت الطريق أمام خلق مادة درامية تنهل من الواقع، وتصوغ منه مفردات نقدية ساخرة، تكون قوام مواد كوميدية متماسكة. هكذا، صاغت الدراما السورية جزءاً من مجدها على الكوميديا، سواء في ما قدّمته من أعمال بجهود جماعية، أو ما لمع منها من كركتيرات خالدة، نجح أصحابها في ترسيخ مكانتهم في الذاكرة الجمعية للمشاهدين! لاحقاً، تحوّلت الأفكار المسرحية إلى مشاريع تلفزيونية، واستمرت طويلاً منها «مرايا» و«بقعة ضوء». لكن تباعاً، خبا ضوء تلك المشاريع ووصلت إلى طريق مسدود. منذ سنوات، لم يحظ المشاهد السوري بمسلسل كوميدي يجمع حوله الجمهور. وفي هذا الموسم استمرار لغياب الكوميديا. لن نتابع جزءاً جديداً من «بقعة ضوء» ولا مشاريع مشابهة. كلّ ما في جعبة هذا الموسم هما عملان: الأوّل تجربة بسيطة بعنوان «ضيف على غفلة» (كتابة نسرين حيلوني وإخراج عمار تميم وإنتاج عاطف حوشان ـ بطولة: وائل زيدان، ليلى سمور، سحر فوزي، ميرنا شلفون، وفاء موصللي، جمال العلي، عبير شمس الدين، أندرية سكاف، نادين قدور، غادة بشور، سوسن ميخائيل، يزن السيد، عاصم حواط، مازن عباس، حسام سالمة، علا باشا ـــ القنوات الرسمية السورية) الذي تنطلق أحداثه من مطبخ «هنية» التي تحضّر أطباق الطعام بناء على طلبات خاصة من النزلاء، في مكان يؤجر بشكل يومي لزبائن هم في الحقيقة ضيوف وأبطال المسلسل الذين ستدور بينهم تفاصيل وأحداث كوميدية انطلاقاً من المنتجع والطبق اليومي الذي يتم تحضيره.أما العمل الثاني فهو دراما اجتماعية لايت تقترب من الكوميديا هو الجزء السادس من «صبايا». خلال خمس سنوات، قدّمت شركة «بانة» (عماد ضحية) هذه السلسلة فتحوّلت إلى ماركة تجارية حقيقية بالنسبة إليها لما بلغته من جماهيرية وانتشار، مع هجمات نقدية كانت تتناول خواء المادة الدرامية، وفراغها من المضامين القيّمة، أو ابتعادها عن مجابهة اليومي والمعاش عند المواطن السوري أو العربي، ثم انفصالها في مطرح ما عن الواقع المأزوم.
كلّ ما في جعبة هذا الموسم هما عملان

كانت حجّة صنّاع العمل بأن القصد من هذا المسلسل هو الترفيه، وهذا نوع يحق لأصحابه استثمار نجاحه. لكن الجزء الأخير انحدر بالمستوى ليكون ختام التجربة التلفزيونية، قبل توقف طويل لشركة الإنتاج التي كانت أوّل من استثمر سورياً في السوشال ميديا، وحصّلت أرباحاً منها. وها هي تقرّر هذا العام العودة إلى التلفزيون، معتمدةً على ماركتها المسجلة بجزء جديد من «صبايا» مع فريق متماسك. هكذا، أوكلت الكتابة لمحمود إدريس، والإخراج لفادي وفائي، إلى جانب مجموعة فنيين مكرّسين، على رأسهم عباس شرف كمدير إضاءة وتصوير، فيما راحت الأدوار إلى: ديمة بياعة، جيني إسبر، شكران مرتجى، ناظلي الرواس ميرنا شلفون، نورا العايق، قاسم ملحو، ندى برهوم، لين ضحية، شادي الصفدي، وجوان الخضر. يعرض على روتانا دراما.
العمل يقترح حلاً منطقياً ليعيد بعض صبايا الأجزاء السابقة كي يعشن في بيت واحد، ويجتمعن فيه مع صبايا جديدات وتبدأ رحلة من المفارقات في المشاريع المهنية والحياتية بعيداً عن القضايا اليومية العالقة للمواطن السوري، إنما في محاولة لاجتراح مواضع ترفيهية مسلّية!