في وقت تتهيّب فيه دولة الاحتلال الدخول في مواجهة مع قطاع غزة أو مع المقاومة في لبنان، لا تجد مكاناً لـ«تفشّ» فيه «خُلقها» سوى مخيّم جنين، الذي تتعامل مع الحالة المقاوِمة فيه بـ«التقسيط»، متهيبّة أيضاً تنفيذ عملية واسعة ضدّه ستعيد إليها كوابيس «السور الواقي» عام 2002. على أن الاقتحامات المتكرّرة للمدينة ومخيّمها لا تندرج فقط في إطار سعي قيادة العدو لجنْي مكاسب تكتيكية باتت في أمسّ الحاجة إليها في مواجهة جمهورها، بل ثمّة حاجة عملية إلى ذلك تفرضها حقيقة انطلاق عدد من المقاومين الذين نفّذوا عمليات في الداخل المحتلّ أخيراً، من جنين نفسها، فضلاً عن تكاثر أعداد المقاومين في المدينة، وانضمام أسماء جديدة من «المطلوبين» إلى القائمة، بما يهدّد بتوسيع دائرة الاشتباك، التي لا تفتأ تتمدّد في طول الضفّة وعرْضها، متّخذة من جنين نموذجاً ومثالاً. على أن العدوّ، الذي أراد أمس تنفيذ عملية خاطفة يستطيع من خلالها ترهيب المقاومين والبيئة الحاضنة لهم، خرج بوصْمة ستظلّ تلاحقه حتى في المعسكر الداعم له، بعدما أقدم على إضافة جريمة جديدة إلى سجلّه الأسود، باغتياله الصحافية الشهيدة شيرين أبو عاقلة، التي كان لها قصب السبْق دائماً في إيصال صوت أهالي الأراضي المحتلّة إلى العالم