لطالما شكل «معرض بيروت العربي الدولي للكتاب» المساحة الأرحب للنقاش وعكس هوية لبنان الثقافية والحضارية المتنوعة. لكن يبدو أن هذه الخاصية ما عادت تروق للبعض، خاصة على أبواب الإنتخابات النيابية المقبلة وشدّ العصب الطائفي والسياسي. بعد عودة للمعرض عقب غياب ثلاث سنوات، وقع إشكال اليوم في «دار المودة للترجمة والتحقيق والنشر» بعد أيام من التحريض على جناحه عبر وسائل التواصل الإجتماعي، تصدرته شخصيات سياسية ونيابية، بسبب رفعه صورة عملاقة لقائد «فيلق القدس» السابق قاسم سليماني، ووضعه كتباً تحاكي المقاومة وقادتها في العراق ولبنان وفلسطين. اليوم أقدم شاب قدم نفسه على أنه من «ثوار 17 تشرين»، على تمزيق صورة سليماني، وتخريب بعض مقتنيات الجناح، تحت هتاف «بيروت حرة حرة.. إيران طلعي برا»، مستغلاً فراغ الجناح من العاملين فيه، إذ لم يتواجد صباحاً حينها سوى شابة واحدة. وعلى الفور، حضرت دورية من الأمن الداخلي، لفضّ الإشكال فيما بقي بضعة شبان لا يتعدى عددهم أصابع اليد الواحدة في الخارج حاملين العلم اللبناني. ووسط غياب الطرفين عن التواصل مع الإعلام، تبقى الأسئلة مشرعة حول هذا التعدي الذي يحصل للمرة الأولى في فعالية ثقافية، ومحاولة «الدواعش» كما انتشر وصفهم على السوشال ميديا، طمس باقي المشاركات في المعرض، وفرض وجهة نظر واحدة، لا بل العمل على التحريض والتأليب ضدها ضمن سياق حملة ممنهجة سادت الفترة الأخيرة.