قبل ايام، بدأت lbci، بعرض المسلسل الدرامي اللبناني «بكير» (إنتاج شركة Day Two Picture- كتابة كلوديا مرشليان - إخراج سمير حبشي) بعد غياب طويل. يأخذنا العمل الى إحدى قرى البقاع، مع قصة شابة تدعى «مجدلا» (كارول الحاج) تهرب من سطوة زوجها (عمار شلق) وتعنيفه لها، لتعود وتأخذ ابنتها المراهقة (ناديا شربل) خفية، لتحميها من تزوجيها مبكراً. قضايا لا شك أنها باتت مكرورة في الدراما اللبنانية، لكن هذه المرة، تضع الكاتبة كلوديا مرشليان خلطة من مختلف المعضلات والقضايا المثارة إجتماعياً بدءاً من العنف الأسري، وسطوة الذكورية، وليس انتهاء بعمالة الأطفال، وزواج القاصرات وتمكين المرأة. جملة قضايا صبّت في قالب درامي واحد، وعُمل على تعبيد طريق «مجدلا» لدى هربها الى العاصمة، بخلق صدفة لها لدى لقائها بالمحامي «طارق» (دوري السمراني)، الذي سيساعدها على مواجهة زوجها واستعادة أولادها الثلاثة، وربما خلق لاحقاً قصة عاطفية بين الثنائي. القصة الى هنا، قد تبدو عادية، الى أن شهدنا في إحدى الحلقات تعريف «طارق» عن نفسه بأنه محام و«ناشط في المجتمع المدني». توصيف قادم حديثاً الى اللغة الدرامية، وليست مصادفة إقحامه في هذه الحبكة، إذ نرى في بداية ظهور المحامي في الحلقات، أنه أبرح ضرباً جراء دفاعه عن إحدى النساء من عنف أقاربها الذكور. وعلى هذا المنوال، قدم نفسه أمام «مجدلا» ليس كصاحب مهنة فقط، بل كـ«ناشط» في قضايا الدفاع عن حقوق المرأة، يتحمل تبعات هذه المهمة حتى لو وصلت الى تلقيه عنفاً جسدياً مبرحاً. ليست مصادفة إقحام صفة «ناشط في المجتمع المدني» على المشهد الدرامي اللبناني، وتصويره بهذه النزاهة والبسالة، إذ يبدو واضحاً التوظيف في هذا المكان، عبر تعزيز هذه الفكرة في أذهان المشاهد كي يعتاد على هذا التوصيف وما يحمله من صفات «حسنة»، تسهم في تحوله الى «سد منيع» بوجه الذكورية وفي مناصرة المرأة وقضاياها. وهذا الأمر بالطبع لا ينفصل عن السياق السياسي وفرض مصطلحات جديدة على المشهد السياسي قبيل الإنتخابات من مجموعات تطلق على نفسها لقب «تغييرين» و«ناشطين من المجتمع المدني»!.
«بكير» يومياً ما عدا الخميس والجمعة بعد نشرة الأخبار المسائية على lbci.