قبل تدشين التطبيع العربي والخليجي مع كيان الإحتلال، كانت مجمل حفلاته تمرّر بخفر بعد الكشف عنها إعلامياً، وما خفي منها في الوثائق المسرّبة. وبعد توقيع الإتفاقات التجارية والديبلوماسية والثقافية مع الإحتلال، عُمل على «تعميم» هذه التجربة و«التبشير» بتوقيع بلدان عربية أخرى لإتفاقيات مشابهة. لبنان البلد الذي تعاقب قوانينه على التطبيع، وما زال يخوض صراعاً مفتوحاً مع كيان الإحتلال على حدوده الجنوبية، يراد له اليوم، تمرير التطبيع مع «اسرائيل». إذ برزت في الآونة الأخيرة، اتجاهات إعلامية مختلفة للترويج للإحتلال، مرة عبر التسويق لعلاقاته التجارية مع الدول العربية والخليجية المطبّعة، واستغلال تفجير المرفأ، ومرة أخرى عبر تصاريح تلفزيونية من قبل أشخاص يعملون في الحقل الإعلامي أكان داخل أو خارج لبنان. إذ أقدمت ماريا معلوف على الظهور على قناة «كان» الإسرائيلية، وتباهيها بهذه الخطوة التطبيعية ودعوتها عبر تغريدة إلى تكثيف الظهور العربي على الإعلام الإسرائيلي، بما أنّ «الإسرائيليين مسموح لهم الظهور في الإعلام العربي». كما وصفت من ينتقد ظهورها التلفزيوني بأنه لا «يمتلك الشجاعة وبعد النظر»، و«يستحق الشفقة»! إذاً تبجحت معلوف في إطلالتها التلفزيونية التطبيعية، و«أدت» فروض الطاعة للإحتلال عبر مهاجمة «حزب الله». ومساء الخميس الفائت، أطل مارسيل غانم ضمن تخصيصه حلقة كاملة من «صار الوقت» (mtv)، للتطبيل لدول الخليج، ومهاجمة «حزب الله». قاطع مراراً مداخلة للصحافي فيليب أبو زيد، الذي ربما «أخطأ» وقال: «نحن ضد اسرائيل»، ليقاطعه غانم هنا، ويرد عليه: «مين قلك ما تعمّم»، ووضع المجاهرة بالتطبيع ضمن خانة «حرية الرأي»! وعقّب قائلاً :«ما نعمّم انه كلنا ضد التطبيع في ناس مع التطبيع هيدا الموضوع منو تابوه». هكذا، يعتبر غانم المجاهرة بالتطبيع مع كيان الإحتلال «كسراً للمحرمات»، ويقع في خانة «حرية الرأي» في حادثة ليست الأولى من نوعها على بلاتوه البرنامج. لكن غانم يتجرأ على تكرارها مرات أخرى، بما أنه خارج المحاسبة القانونية، التي وجب أن تتحرك إزاء هكذا تصاريح تلفزيونية، تفرغ مفهوم التطبيع من مضمونه، وتشجع على المجاهرة به. كذلك على مقلب معلوف الموجودة في الإمارات، فإن تبجحها حتى بعد الدعوى القضائية المقامة ضدها في لبنان، مردّه أنها تعتبر نفسها «محصنة» خارج البلاد، وبالتالي خارج المحاسبة. تفتح حسابها على تويتر وتغرّد متباهية بالتطبيع مع «اسرائيل» وتعلم علم اليقين أنه لن تتم مساءلتها كما زميلها غانم.