لا شك أن الإعلام العالمي عموماً، دخل بقوة على خط تفجير مرفأ بيروت، كما غيره من المنصات التي أولت اهتماماً بالحدث، لكن، مع غياب تكشّف حقيقة ما حصل، تفتح الأبواب واسعة أمام التأويلات والمعلومات المتضاربة، فكيف إذا كنا أمام تسريب وثائق وأمام ميديا تشتغل على مبدأ الإنتقاء والتوجيه، ويتلقاها بدوره المتابع اللبناني ويشتغل بدوره على الاجتزاء منها تبعاً لأجندته، عدا طبعاً طبيعة تشدقه بكل ما يصدر عن الصحافة الغربية. امس، كنا أمام خبرين اثنين سرعان ما انتشرا على المنصات الإجتماعية: تسريب صحيفة «نيويورك تايمز»، لبرقية ديبلوماسية أميركية، صدرت بعد ثلاثة أيام من انفجار بيروت، تكشف أن متعاقداً أميركياً مع الجيش الأميركي حذّر قبل 4 أعوام من أن المرفأ يحتوي على مخبأ للمواد القابلة للإنفجار بطريقة غير آمنة. التقرير صدر عن السفارة الأميركية في بيروت، ووصف بـ«الحساس»، وتضمن حديثاً عن خبيراً أميركياً في أمن المرافىء، رصد وجود المواد الكيميائية خلال «جولة تفقد أمنية في مرفأ بيروت»، وأبلغ مسؤولي المرفأ عن عملية التخزين غير الآمنة لمادة نيترات الأمونيوم. وأضافت الصحيفة أنه من المتوقع أن يكون المتعاقد قد أبلغ السفارة الأميركية أو «البنتاغون» بهذه النتائج. تقرير بغاية الأهمية، لم يحظ كفاية بالضجة المثارة حول مضمونه، فراحت تتناقله بعض وسائل الإعلام، ولاقى خجلاً عند عدد من الناشطين في مشاركته، بخلاف الخبر الثاني، الصادر عن وكالة «رويترز» أمس أيضاً. خبر أكدت فيه، أن رئيس الجمهورية ميشال عون، والرئيس الحكومة المستقيل حسّان دياب كانا يعلمان بوجود المواد المتفجرة في المرفأ، ونشرت رسالة كانت «المديرية العامة لأمن الدولة» قد رفعتها الى الرئيسين في تموز (يوليو) الفائت، وتتضمن تحذيراً من خطر سرقة المواد واستخدامها في «هجوم ارهابي»، أو امكانية انفجارها، ودعت الى تأمين المواد الكيميائية على الفور. تقرير «رويترز» وجد ضالته على السوشال ميديا أمس، وعلى المنصات الإلكترونية، لأن جزئيته تتناسب مع أجندات هؤلاء السياسية. هكذا، انقسم المشهد الإفتراضي، بين «رويترز» و«نيويورك تايمز» واتضحت جلياً لعبة التعتيم والتظهير وحالة الإنقسام التي تسود الشارع اللبناني، والتي تتكىء على لعبة التصويب السياسي، لا محاولة البحث بالفعل عن حقيقة ما جرى في مرفأ بيروت قبل أسبوع!