بابتهاج عارم، تعاطت القنوات الخليجية مع حدث قصف المقاتلات الأميركية (طراز أف 16)، لمواقع «الحشد الشعبي»، في منطقة «القائم» (غرب العراق)، التي راح ضحيتها أكثر من عشرين مقاتلاً. هكذا، بدت هذه القنوات مجرد أبواق تردد خلف الأميركيين، وتبرز تصريحاتهم ومواقفهم المتتالية مساء أمس، في تماه تام مع الرواية التي قدمت كتبرير للمجزرة الحاصلة في العراق. لعلّ أبرز هذه المنصات، قناة «العربية»، التي انكبت منذ اللحظة الأولى لوقوع الغارة، على متابعة ما يجري، ونشر الصور الأولية لمخلّفات العدوان الأميركي، مع إصرارها على نشر صور لجثة قائد في «الحشد» قضى في الغارة الأميركية، وابراز وجهه على الشاشة، في أداء يتخطى الحد الأدنى من الأخلاقيات الإعلامية. هكذا، بدت الشماتة واضحة على الشبكة السعودية تجلى ذلك، من خلال عنوانها: «رداً على استهداف قواعد عسكرية... أميركا تقصف مواقع لكتائب حزب الله الموالية لإيران في سوريا والعراق». ولم تبتعد «سكاي نيوز» الإماراتية عن هذا المسار، إذ كانت الناقل الوفيّ للخطاب الأميركي، باعتباره أن «الحشد» يشكل «خطراً أمنياً على العراق»، وقد «لجأت» أميركا الى استهداف قواعده كرد عسكري من قبل واشنطن على استهداف «القوات الأميركية في العراق ما بين عاميّ 2007 و 2008». وفي الوقت الذي حرصت فيه «الجزيرة» على لعبة التوازن بين الأطراف المعنية، لوّحت صحيفة «الشرق الأوسط» بدورها بـ «إجراءات أخرى»، ستتخدها واشنطن بعد «استهداف كتائب حزب الله في العراق»، ولم تتردد في تظهير الغارات التي شنتها المقاتلات نفسها على الأراضي السورية والعراقية على السواء ووصفها بـ «الناجحة». هكذا، بنظرة بانورامية سريعة على كيفية تعاطي الإعلام الخليجي مع العدوان الأميركي على سوريا والعراق، يتظهر حجم الخضوع الإعلامي والسياسي للسياسة الأميركية، واسقاط اعتبار أن الأميركيين موجودون في العراق بصفة احتلال لا أكثر، والتعمية على هذه النقطة الأساسية مقابل اعتبار مجموعة من العراقيين خطراً على «أمن» بلادهم!