ما زالت صحيفة «الحياة» تلفظ أنفاسها في انتظار حلول عتبة العام المقبل لتقرير مصيرها. هكذا، يمكن وصف الوضع المأساوي الذي تعيشه الصحيفة العريقة إثر أزمة مالية حادة ضربتها منذ العام الماضي وما زالت مستمرة حتى اليوم، إضافة الى عدم اكتراث مالكها الأمير السعودي خالد بن سلطان، بما يحدث لموظفيها.


وزاد من غموض مصير الصحيفة اليومية، الأخبار التي تتناقلها أخيراً بعض وسائل الإعلام الخليجي، عن أن خالد بن سلطان «تنازل» عن بعض أملاكه لولي العهد محمد بن سلمان إثر حملة الاعتقالات الأخيرة في المملكة. في المقابل، تتحدّث تلك المواقع عن أن «الحياة» لم تعد ضمن أولويات الأمير السعودي حتى قبل جولة الاعتقالات. من هذا المنطلق، يتردّد في الأوساط الإعلامية أن مكتب بيروت سيتمّ إقفاله نهائياً مطلع العام الجديد، وتحديداً في كانون الثاني (يناير) المقبل. مع العلم أنّ خبراً مماثلاً انتشر في العامين الماضيين، لكن تسارع الأحداث السياسية يؤكّد فرضية الإقفال التام قريباً. أما بالنسبة إلى مكتب دبي، فإنّه سيتمّ بقاؤه وتعزيزه، إلى جانب موقع «الحياة» الإلكتروني.


الثابتون كانوا يقبضون
نصف راتب، والمستكتبون
لم ينالوا حقوقهم منذ نيسان


قبل أشهر، أُقنع الموظفون في «الحياة» بالحصول على نصف رواتبهم، ريثما تنجلي الغيمة. أما المستكتبون، الذين يعمل بعضهم في «الحياة» منذ أكثر من 20 عاماً، فلم يقبضوا مستحقاتهم منذ شهر نيسان (أبريل) الماضي. مصدر من داخل الصحيفة السعودية، يؤكد لنا أنّ «الوضع النفسي» للموظفين لا سيما في مكتب بيروت، بات في الحضيض. ولا يخفى على أحد أنّهم يرزحون مع عوائلهم معيشياً تحت وطأة هذه الأزمة. وتبعاً للمصدر عينه، بات الموظفون يتمنون انتهاء هذا «الكابوس»، متأرجحين بين أمرين: الأمل في حلّ الأزمة سريعاً، بما أن فرصهم للعمل في مجال الصحافة بات معدوماً، أو إعلان مصير الصحيفة بالإقفال النهائي ومواجهة الأمر الواقع. علماً أن بوادر هذه الأزمة بدأت منذ استقالة رئيس تحريرها غسان شربل، قبل عام تقريباً، وانتقاله إلى صحيفة «الشرق الأوسط»، ليحل مكانه زهير قصيباتي. الوعد بانتهاء هذا «الكابوس» قريباً، وقبول الموظفين/ ات بأخذ نصف رواتبهم، تحول اليوم الى مسار آخر. إذ علمنا من المصدر نفسه عن توقف دفع هذه الرواتب منذ تشرين الأول، وانضمام الموظفين الى زملائهم المستكتبين الذين لم يقبضوا مستحقاتهم منذ أشهر. بالتالي، تصاعدت النقمة على الممول السعودي، الذي يبدو أنه نأى بنفسه عمّا يحصل في صحيفته. وسط تصاعد النقمة، لا سيما في مكتب بيروت (بما أن مكتب لندن بات بحكم الملغى)، حاول رئيس التحرير الحالي إقناع الموظفين بأن الأزمة السعودية ستنتهي قريباً، وأن الأمير خالد بن سلطان «سيخرج قوياً». لكن، ما حصل هو خلاف ذلك، إذ بات الموظفون وعوائلهم ينتظرون مصائرهم المعلقة، فيما الثقل التحريري حالياً، يوضع في قسم «الآراء»، مع إلغاء اجتماعات التحرير الأسبوعية مع رؤساء الأقسام الباقية. وسط هذه المشهدية القاتمة، بات توصيف «الحياة»، إحدى كبريات الصحف العربية، بـ «البيت» المصنوع من ورق، والخوف من انهياره يلوح في الأفق.