يخصص العازفان بيتي سليخانيان كورتيان وجورج دكاش أمسية موسيقية يقدّمان خلالها أعمالاً لمؤلفين لبنانيين وأرمن يعزفانها على آلتي بيانو مساء غد الجمعة في حفلة تنظّمها كلية الموسيقى في «جامعة الروح القدس» في الكلسيك. لطالما تركّز اهتمام كلية الموسيقى في الجامعة على توثيق كل ما له علاقة بالارث الموسيقي اللبناني. كان التبادل الثقافي بين لبنان وأرمينيا في صلب هذا الاهتمام. تندرج أمسية غد الجمعة في هذا الاطار وتحمل عنوان Chords of two worlds (أوتار من عالَمين) إشارة الى التناغم والحوار بين آلتين وحضارتين. كثيراً ما يركّز العازفون الآتون من خلفية كلاسيكية على أعمال الريبرتوار الغربي المعروف وهذا أمر طبيعي نظراً لغناه وعظمته. لكن الحاجة دائمة أيضاً لحفلات تعرّف إلى مؤلفين محليّين أو حديثين قلما يحظون بفرصة لإبراز أعمالهم في أمسيات العزف الكلاسيكي. ما يميّز الأمسية هو التنوع في اختيار المقطوعات التي تنتمي الى أنماط مختلفة من فالس الى روكوييم عصري وتانغو وموسيقى أرمنية وألحان من التراث اللبناني وإلقاء الضوء على مؤلفين محليين ومعاصرين مهمين. يأتي كل من العازفَين من عالم الموسيقى الكلاسيكية الغربية، وكلاهما تابع دراسات معمّقة في العزف على آلة البيانو. تنتهي كورتيان قريباً من الاعداد لرسالة دكتوراه في العلوم الموسيقية، كما تتمتّع بسنوات من الخبرة في تعليم العزف على الآلة في الجامعة نفسها. أما دكاش، فتابع مسيرته الموسيقية في باريس بعد دراسة التاريخ والعزف على البيانو أيضاً في الجامعة. في عام 2018، قدّما للمرة الاولى حفلة مشتركةً لآلتي بيانو على خشبة «مسرح أبو خاطر» في برنامج متنوّع أصرّا على تضمينه قطعتين لمؤلفين لبنانيين هما شربل روحانا وسيفاغ ديرغوغاسيان. ثم أسس دكاش مع زينا صالح كيالي مهرجان Les musicales du Liban عام 2019 في باريس، وقررا أن يكون نصف برنامج الحفلات المقدّمة مخصصاً لمؤلفين لبنانيين. قدّم الثنائي ضمنه مجدداً حفلة موسيقية لآلتي بيانو بعدما طُلب إليهما افتتاح الحدث، فكانت معظم المقطوعات المقدّمة أيضاً من ريبرتوار المؤلفين اللبنانيين. أما أمسية الغد، فستكون مخصّصةً بالكامل لمؤلفين لبنانيين وأرمن. في هذا الصدد، تخبرنا كورتيان: «أعرف جورج منذ أيام الدراسة في الجامعة، وتخرّجنا في الوقت نفسه تقريباً. هو أكمل في فرنسا وأنا هنا. التقينا بعد سنوات وجاءت فكرة حفلة تجمع آلتي بيانو وتحمّسنا لها، خصوصاً أن هذا النوع من الحفلات لا يُنظّم كثيراً في لبنان. قررنا إدخال مؤلفين لبنانيين الى البرنامج لأننا كموسيقيين من واجبنا ان نروّج لأعمالهم».
تنطلق الأمسية مع فالس لآرام خاتشاتوريان، إحدى حركات السويت «ماسكاراد» التي كُتبت في الأصل لأوركسترا، وباتت لاحقاً من أكثر أعماله شعبية وشهرة. نجد ضمن البرنامج أيضاً مقطوعة «روكوييم» لسيفاغ ديرغوغاسيان التي سبق أن قدّمها العازفان في حفلتهما الأول، كانت في الاصل مخصصة لجوقة لكن المؤلّف وزّعها لآلتي بيانو خصيصاً للعازفين. وقد أحبّ الأخيرين توجيه تحية الى العازف والمؤلف ستيفان إميان، أحد مؤسسي كلية الموسيقى في الكسليك، وصاحب مقطوعات جميلة اختار منها كل من العازفين واحدةً لأداء منفرد. يُختتم الجزء الاول من الامسية بمقطوعة My strong Faith التي خصّهما بها المؤلف والموزّع إدوار طوريكيان التي ستُقدّم للمرة الاولى على المسرح. يعود العمل الى عام 2019، لكن بسبب الظروف تأخّر اجتماع الموسيقيين الثلاثة الى اليوم. لطوريكيان مسيرة طويلة في التأليف والتوزيع كما هو دكتور في العلوم الموسيقية. هذه المقطوعة هي سوناتا لآلتي بيانو من 3 حركات استوحى لحنها من أغنية «إيماني ساطع» للأخوين رحباني التي أدتها فيروز. بحسب كورتيان، ينبع هذا العمل من حبّ طوريكيان الشديد للبنان وإيمانه بأنه سيتحّسن برغم الصعوبات. لذا استوحى ألحان السوناتا من الأغنية الشهيرة، كما أدخل ألحاناً لبنانية في قالب غربي معتمداً كتابة موسيقية مجدِّدة.
أما في الجزء الثاني من الحفلة، فسنسمع فيه «كونشيرتينو» للمؤلفة اللبنانية ريتا غصن المقيمة في فرنسا، مكتوباً بأسلوب يذكّر بموسيقى التانغو، وكذلك مقطوعة «رابسودي أرمنية»، للمؤلفين بابادجانيان وهاروتيونيان اللذين ألّفاها سوياً وفيها الكثير من الألحان الارمينة والجو القرعي الذي يوحي بالآلات الشعبية. والختام مع Trait d’union لشربل روحانا التي كانت في الاصل لمجموعة شرقية مع بيانو، أعاد توزيعها لآلتي بيانو.
__