في سياق اللقاءات الشهرية التي ينظِّمُها «مركز التراث اللبناني» في «الجامعة اللبنانية الأَميركية LAU»، عقَد هذا الأُسبوع لقاء مع المصوِّر الفوتوغرافي إِدي شويري عرض فيه 50 صورة مُكَبَّرة عن جولاته المتنوِّعة الأَمكنة والمواضيع في مختلف المناطق اللبنانية، وأَصدر صُوَرَها في مؤَلفاتٍ ملوَّنةً مع نصوص وشهادات.افتتاحاً، لم يكن النشيد الوطني بتسجيله المأْلوف، بل بفيديو قديم من 1988 للنشيد الوطني يعزفه عبدالرحمن الباشا ووليد عقل على البيانو، وجاد عزقول على الغيتار، ونسيم معلوف على الترومبيت.
رئيس «الجامعة اللبنانية الأَميركية» ميشال معوَّض استهلَّ اللقاءَ بكلمة جاء فيها: «هناك بلدانٌ تَشتهر بنوعٍ واحدٍ من التراث، تعتَزُّ به وتُسَوِّق له على أَنه بعضٌ مِن هُويَّتِها. وهناك بلدانٌ منَحَها اللهُ أَنواعاً متنوِّعةً من التراث تَزدهي بها على سائر البلدان، لِما يكونُ فيها من غِنى في إِرثِ تاريخها، وفي انفتاحِ هُويَّتِها على سائر البلدان». وأَضاف: «نحنُ في لبنان، نَشكُر اللهَ على نعمةِ أَنه خَصَّ بلَدَنا بمروَحةٍ واسعةٍ من التراث، بين جمالِ الطبيعة، وعطاياهُ التي تَجعلُ لبنانَ بلدَ السياحة الشتائية والصيفية والربيعية على السواء، إِلى جانب تُراثِنا الفكري والأَدبي والفني بأَعلامٍ كبارٍ طبَعَت آثارُهم بَصْمَتَها على مرحلةٍ خَصبةٍ من تاريخِنا الأَدبيّ والفنيّ، إِلى جانب إِرْثٍ معماريٍّ فريدٍ ببُيُوتِنا التقليديةِ الحاملةِ طِرازًا خاصًّا قلَّما نَجدُهُ في الجوار والمحيط، مع تراثٍ بحريٍّ يتلأْلأُ في الشمس وليالي القمر، نُباهي به لِما فيه من جمالاتٍ نباهي بها أَن تكونَ من عطايا الله على أَرضِنا وسمائِنا وتاريخِنا القديم والحديث».
وختم قائلاً: «مهما يمرُّ لبنان في صعوبات مريرة، فهو لم يَغِبْ ولن يَغيب، لأَنَّ طائرَ الفينيق اللبناني جزءٌ من قَدَرِه العظيمِ أَن يَنهَضَ من رمادِه قوياً أَكثرَ مما كان، فيواصلَ رسْمَ مصيرنا في قَدَرٍ يَخترقُ الصعوبات ليبقى لبنان، كما كان منذُ أَول التاريخ، على الصفحةِ الأُولى من كتاب التاريخ».
مدير «مركز التراث» الشاعر هنري زغيب مهَّد للمُحاضِر بأَنّ أَهمية التراث ليست في حفْظه والحفاظ عليه وحسْب، بل بنقْله عبر مختلف الوسائل والوسائط إِلى أَبناء الجيل الجديد، كي يعرفوا أَن لبنان الحقيقي ليس ما يحصل فيه حالياً من مصائب وكوارث اقتصادية ومالية واجتماعية بسبب مَن يسوسون الدولة، بل هو الوطن الخالد المتواصل في الزمان والذي يعطي لبنان هويته الحضارية المميَّزة».
بعدذاك تولَّى إِدي شويري عرْض صُوَره على شاشة كبيرة في القاعة، شارحاً مكان كلّ صورة وظروفها ومميِّزاتها، بدءاً من رحلة فوتوغرافية ممتعة إِلى محمية أَرز الشوف في الباروك قائلاً إِنها «أَكبر محمية أَرز في لبنان»، ظهرَت فيها الطبيعة اللبنانية المفردة في مختلف فصول السنة.. ثم انتقل إِلى كازينو صوفر الشهير في القرن الماضي وما كان له من دور سياحي في الصيف، وروى قصة أَمين الريحاني ونومه ليلةً فيه، كتب على أَثَرها نصَّه الشهير «القصر المنيف». ثم جال فوتوغرافياً على تاريخ القطار في لبنان منذ إِنشاء الخط الحديدي سنة 1895 وما كان له من دَوْرٍ في دفْع الحركة الاقتصادية والسياحية وشهرة بيروت منذئذٍ.. وانتقل إِلى الضيعة اللبنانية التراثية وطِيْبِها ومذاقِها الطيِّب بعاداتها وتقاليدِها الجميلة وبيوتِها التراثية التي تَروي في صَمْتِها حكاياتٍ وراءَ جدرانها الصامتة.. بعده عرض صُوَراً من الحياة البحرية في لبنان وما فيها من تراثنا البحري وما للبَحَّارة والصيَّادين اللبنانيين وشبَكاتِهم من قِصَصٍ ونوادر.. وختم جولته في وقْفَةٍ عند تاريخ مرفأ بيروت منذ القرون القديمة، وتَطَوُّره ودوره وتَوَسُّعه حوضاً بعد حوض، وقصة بناء الأَهراءات وأَهميتها، وكيف ازدهر المرفأُ مع السنوات حتى كان له في التاريخ مجدٌ وعزٌّ، إِلى أَن تَشَوَّه في انفجار 4 آب المأْساوي.