رغم أنّ السينما التي صنعها محمد سلمان ليست التي نطمح إليها أكان في المضمون أو الشكل، لكنه بلا شك أحد المساهمين الأوائل في إنشاء سينما شعبية إذا صحّت التسمية، انطلاقاً من الخمسينيات حتى فترة من قبل الحرب. كما أنّه اعتمد نواة السينما المصرية بكيفية المزج بين العنصر الغنائي والعناصر الفنية الأخرى، بالإضافة إلى إطلاق موجات من الأفلام، ابتداءً من الأفلام الغنائية الاستعراضية التي شاركت فيها مجموعة من النجوم كنجاح سلام، وصباح، وسميرة توفيق، بالإضافة إلى موجة الأفلام سمّيت بـ «البدوية» وأدخل عليها عنصر السيرة من خلال متابعة مغامرات البدوية في باريس وروما وبيروت. أطلق أيضاً موجة أفلام بوليسية وتجسسية واقتباس نموذج «جيمس بوند» على الساحة المحلية عبر فيلم «الجاكوار السوداء»، مع إدخال كل ما كان يجري في الستينيات من حركات اجتماعية كالتحرر الجنسي، والشباب والمخدرات في مجموعة أخرى من الأفلام مثل «أبطال ونساء» و«الضياع». كل ذلك في تركيبة تمتاز بالبساطة تجمع ما بين ممثلين لبنانيين ومصريين وطغيان للهجة المصرية، مع مشاركات لمحمد سلمان نفسه تمثيلاً بدور المخرج، وإضافة العنصر الفكاهي الخاص به، وانتقاده لبعض الأمور مثل السينما البديلة كما يفعل في «الأستاذ أيوب»، ليشير إلى أنّ هذه السينما وسينما المؤلف لا تحققان شيئاً على شباك التذاكر مقارنة بأفلامه. كان يصوّر أربعة أو خمسة أفلام في السنة الواحدة. يمكن أن نرى عدداً كبيراً من الأفلام التي أنجزها خلال تلك السنوات وصولاً إلى أحد أواخر أفلامه الذي يعالج بشكل مباشر الحرب اللبنانية مع فيلم «من يطفئ النار؟». أيضاً نجد من خلال عمل محمد سلمان في الإخراج في الستينيات والسبعينيات، انطلاقاً من فيلمه الأول بعنوان «اللحن الأول» عام 1957، صورة لبنان ما قبل الحرب ما بين لبنان الترفيه والتسلية والـ «دولتشي فيتا»، ولبنان الذي يأخذ كل الموجات التي تأتيه ويتكلم بكل اللهجات التي تأتيه، ونموذج بلد يرتكز على نوع من الكذبة، وقد جسدتها هذه السينما، والتي بدورها توزعت على العالم كنسخة متجددة أو نسخة من نوع آخر من الأفلام المصرية الممزوجة بتأثيرات مختلفة مع عناصر طغت خلال هذه الفترة حتى على صعيد التعاون مع بلدان أخرى مثل سوريا وتركيا.
* المخرج هادي زكاك