في نادي اليخوت في بيروت، احتشد الصحافيون قبل ظهر السبت لتغطية المؤتمر الصحافي الذي عقدته اللجنة المنظّمة لمهرجان «بيروت ترنّم» لإطلاق برنامج الدورة الخامسة عشرة، التي تقام بين 1 و23 كانون الأوّل (ديسمبر) المقبل، ويحييها موسيقيون عالميون ولبنانيون مرموقون (جوناتان فورنيل/ الصورة، يكوون سونوو، جيوزيبيه جيبوني، شانتال باليستري، بينيديكت كلوكنر، جاهدة وهبي، غادة شبير، عبير نعمة، رافي مندليان، بشارة مفرّج، ميرا عقيقي...) يقدمون الكلاسيك الغربي بشكل أساسي، بالإضافة إلى الترنيم والإنشاد الشرقي والجاز.بوفيه مرتّب ينتظر المدعوّين بعد المؤتمر، سبقته أطراف أحاديث تبادلها الحاضرون حول فنجان قهوة على التيراس حيث يجلس غاضباً «عباس» (اسم مستعار) خلف البار خادماً القوم، لاعناً المكان الذي لا يشبهه والمساهم ربما بوضعه المادي المزري ووضع البلد. لم نفهم للوهلة الأولى لِم «عباس» كان عابساً، حتى رأينا واضع نظرية «اقتصاد الواتسآب»، محمد شقير، وبَطُلَ العجب. «لين» (اسم مستعار) كانت ألطف، فهي ربما لا يهمها سوى تمرير المهمة بهدوء وجني بعض المال وتوفير قسط دراسة ما، قد تقيها «الشحار» لاحقاً وتمنح أهلها بعض الفخر.
في البداية، وثائقي قصير يعرض سيرة «بيروت ترنّم» ودوره والمحطات الأساسية. تلته كلمة رئيسة المهرجان ميشلين أبي سمرا التي حيَّت جمهور المهرجان ثم الشركاء الداعمين وأبرزهم بعض السفارات (سلوفاكيا، تشيكيا، إيطاليا، البرازيل...) والأفراد، وكذلك وجّهت التحية للمهرجانات الأخرى والصحافيين وغيرهم قبل أن تعطي الكلام للمدير الفني الأب توفيق معتوق الذي استعرض البرنامج الممتاز (الذي نتناوله بالتفصيل عشية الافتتاح) نسبةً إلى ما هو متوقّع في «الجحيم».
بعد البرنامج أطلق المهرجان، على لسان ريشار عازوري، مبادرة El Sistema على غرار البرنامج التربوي الذي وضعته فينزويلا عام 1975 لتعليم فقراء البلد الموسيقى. دول أخرى سبقتنا إلى هذه التجربة الممتازة، لكن هنا تأتي بدعم من السفارة الأميركية ورعاية السفيرة ذات الشفتَين «المزمزمتَين» لشدّة الـ«سمسمة» ربما. هذه مصيبة، فالدولة هي التي من واجبها رعاية هكذا مشروع. لكن، هل يُلام المهرجان على القبول برعاية الـ USAID ودعوته الجمعيات غير الحكومية لدعمه في مهمّته؟ بالطبع لا. فالدولة التي لا توَفّر أياً من حاجات شعبها، عليها أن تتوقع «أنجَزة» (من NGO) كل شيء... بدءاً من المقاومة وصولاً إلى تركيب لمبة في قرية.
انتهى المؤتمر الصحافي وحسناً فعلت ميشلين أبي سمرا بأن نسيَت الإفساح في المجال أمام أسئلة الصحافة. فرح أبو الواتسآب وأسرع متفقّداً البوفيه الشهي مُرندِحاً: أنا مش كافر، بس الجوع كافر... في حين راح «عباس» يبحث عن «فهد» ما، ينضم إليه لاحتجاز الحاضرين وإعلانها ثورة، لكن هذه المرة من نادي اليخوت لا من «نزل السرور».