بالتزامن مع ذكرى مئويته، هذا العام، رحل اليوم الفيلسوف والمفكّر اللبناني بولس الخوري (1921 -2021)، مختتماً عقوداً طويلة من الاشتغال الفلسفي والفكري نتج عنها عشرات المؤلّفات التي انكبّ على كتابتها طوال حياتها. يمتدّ مشروع الخوري الفلسفي إلى سنوات طويلة، استهلّها في دراسة الفلسفة واللاهوت في القدس، واختتمها أكاديمياً بنيله شهادة الدكتوراه في الآداب من الجامعة الملكيّة في ليدن الهولندية سنة 1965 والتي تعدّ محطّة أساسيّة في حياته الأكاديمية. تنقّل الخوري بين بلدان عالمية عدّة منها فرنسا وإيطاليا وألمانيا قبل أن يستقرّ في لبنان منذ ثمانينات القرن الماضي، فيما أمضى سنواته الأخيرة في إحدى دور الرعاية اللبنانية وفق رغبته الخاصّة، ما مكّنه النظر إلى الحياة ورؤيتها من بعيد. انشغل الخوري بفلسفة الخيبة، أول مشاريعه الفلسفية. وفيها، ينطلق من الإنسان كمحور لفلسفته التي ترى الخيبة كخاصيّة للوضع الإنساني ونقصه الكياني، خصوصاً أن الإنسان يطمح لما هو أبعد من عالمه المنظور. وقد برزت هذه الفلسفة في مجموعة من مؤلّفات منها «الواقعة والمعنى والانسداد»، و«المساءلة»، و«لعبة الحياة»، و«في مسألة الإنسان».
كتب الخوري أيضاً عن مواضيع الدين والإيمان، والفكر العربي المعاصر كما في مؤلّفه «العالم العربي والتحوّل»، ومواضيع الحداثة والأصالة، بالإضافة إلى الحوار اللاهوتي بين المسيحيّين والمسلمين بين القرنين الثامن والثاني عشر، ما نتج عنه مؤلّفات مثل «اصطلاحات فلسفية ولاهوتية في المجادلة بين المسيحيين والمسلمين في العصر الوسيط»، و«سلسلة المسيحية والإسلام في الحوار والتعاون»، و«المقدس في نصوصه العربية القديمة عند المسلمين والنصارى في العصر الوسيط عند المسلمين». ومقابل العمل البحثي الذي وصل إلى عشرات الكتب بالعربية والفرنسية، قدم الخوري مساهمات في العمل الأكاديمي التدريسي للفلسفة في جامعات عدّة منها الجامعة اللبنانية و«جامعة الروح القدس» في الكسليك، و«جامعة القديس يوسف» في بيروت.