يُشبّه الفنان التشكيلي محمد حرب (1979) مدينته غزة بالبقرة الحلوب، لما تحتويه من قصص وأحداث مشتعلة بحكم الظروف السياسية التي تعيشها. وخلال جائحة كورونا، نشط حرب في توثيق يوميات الحجر الصحي، وعلاقته بالمكان والضوء والأوكسجين المفقود، من خلال صناعة محتوى بصري احترافي عبر فيديو آرت. فقد شارك حرب أخيراً في مهرجان الفيديو آرت الذي تنظمه مؤسسة «فيلم لاب» وضم 33 دولة عربية ودولية. مشاركة حرب تمثّلت في فيلمين: الأول بعنوان «حجرة الصدى»، وهو عبارة عن تصوير شكل الحياة في غزة من خلال الصوت والصورة بمنظور الفنّان خلال فترة الحجر الصحّي. من إحدى الجهات، ترصد الكاميرا يوميّات الفنان في الحجر، ومن أخرى يوميات العالم عبر شاشات الأخبار التي تبثُّ تفاصيل كورونا. وثّق الفنان وعالج و أعاد تدوير هذه اللحظات بالمونتاج من خلال عمل فنّي معاصر يتمحور حول الصراع حول حب البقاء. الفيلم الآخر بعنوان «بدون نوافذ»، وهو يُصوّر مهاجمة الفيروس للتجمّع الأسري، باختطافهم واحداً تلو الآخر، عبر تصوير اجتماع عائلة على طاولة طعام، واختفاء الأفراد تباعاً. في هذا العمل، يجسد الفنان المكان الذي يصطدم فيه الصوت والصدى، حيث تتكرّر الذاكرة والخيال عبر السطح والفضاء واللون. أنجز حرب مقاطع فيديو وسجل الأصوات لقصص غرفة العزل، والتي تجسد الحركات الفائقة لرحلة جماعية افتراضية للمكان تتجلّى وتتكشف عبر المشهد في محاولة للخروج من الداخل. من خلال الأعمال المرئية المعاصرة، يتم تقديم فكرة الرحلة الافتراضية بالفيديو والصوت. هنا، يقول حرب إنّ الشعور الأفضل يتمثّل في أنّ الأفلام تمنحه تذكرة سفر للتنقل من خلال عمله عبر العالم، خصوصاً أنّه أحد أبناء غزة الذين يعيشون حالة الإغلاق المتواصل لمعبر رفح البرّي، ما يُعيق السفر بسبب الحصار الإسرائيلي.
ومن جهة أخرى، كانت فترة الحجر الصحّي بالنسبة لمحمد حرب، بما فيها من عزلة، فرصة لتقليب أوراق مشاريعه القديمة، والبدء في تكوينها من جديد، والتفكير في تنفيذها من خلال مؤسسات فنية ودولية. فغايته إيصال رسالته بأنّ الفن قادر على إيصال صورة غزة!