القاهرة | في السنوات الأخيرة، اعتاد مسؤولو «الهيئة المصرية العامة للكتاب»، الجهة المنظمة لـ«معرض القاهرة الدولي للكتاب»، تصدير «الوهم» «الفنكوش» بالتعبير الدارج، والتصريحات البراقة التي قد تخالف الواقع، والاستناد إلى أساليب الفهلوة والإدارة بـ«الذراع»، والضيق بأي انتقادات والردّ عليها بسخرية.بدأت الدورة الـ51 من معرض القاهرة، التي اختُتمت قبل أيام، برحيل القاص الشاب محمد حسن خليفة، بعد سقوطه أمام أروقة البيع وأجنحته، في جناح «هيئة قصور الثقافة» التابعة لوزارة الثقافة، في الساعات الأولى من أيام المعرض، إثر تدافع زوار الجناح. ووفق ما أكد الشهود العيان الرواية السابقة، أصدرت الوزارة بياناً تنفي فيه وفاته أمام جناح تابع لمؤسسة رسمية، مدّعية إصابته أمام جناح دار النشر التي أصدرت مجموعة خليفة القصصية، كأنّه بهذه الرواية مات في نطاق لا يخصّ سلطة معرض القاهرة.
اللافت أن الصحف المصرية لم تسعَ لتبيان صحة أيّ من الروايتين، ربما لأنّ كثيرين من صحافيي الثقافة يعملون ضمن لجان معرض القاهرة، وراحوا يطبّقون سياسات «دع الموضوع يموت»، في حين تباكى هؤلاء الصحافيون على «طبيبات المنيا» اللواتي لقين حتفهن في حادث سير خلال توجّههنّ من المنيا إلى القاهرة بالإجبار، لحضور مؤتمر طبي تابع للوزارة، الشهر الماضي.
قبيل فعاليات المعرض، خرج المشرف على النشاط الثقافي، شوكت المصري، بالإعلان عن اختيار من سمّاهم «سفراء المعرض»، وضمّت القائمة مفكرين وكتّاباً وفنانين ولاعبي كرة قدم، ليكتشف الناس أن الأمر ليس سوى فرقعات للاستهلاك الإعلامي، ولم يقدم أي سفير فيهم خدمات للثقافة سوى زيارة المعرض الاعتيادية لبعضهم.
استضافت إدارة المعرض على نحو رسميّ عناصر دينيين تكفيريين


من ناحية أخرى، استضافت إدارة المعرض، على نحو رسمي، عناصر دينيين تكفيريين، إذ أقامت هيئة الكتاب احتفال توقيع في قاعاتها الرسمية للداعية السلفي المتشدد حازم شومان، المعروف بمساندته لجماعة الإخوان بخاصة خلال اعتصام رابعة 2013، وتكفيره للفنانين والتحريض عليهم. وفي 2011 اعتدى على حفلة غرب القاهرة كان يحييها المطرب هشام عباس، مردّداً هتاف «الغناء حرام». كذلك استضافت القاعات ذاتها الداعية أحمد عبده عوض، الشهير بـ«داعية الجن»، لشهرته في «تأليف رقية قادرة على إخراج الجن من جسد الإنسان»!!
الواقعتان أعادتا إلى الواجهة استضافة معرض الكتاب في دورته الخمسين، العام الماضي، أبرز الدجالين المصريين إبراهيم أبو حسين، الذي يدّعي أنه يتلقّى نوراً ربانياً لتفسير القرآن يسميه «التفسير الإشاري»، وقد ذاع صيته حتى أصبح مادة للسخرية الطاحنة على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد استضافته إدارة الندوة في قاعة الندوات الرئيسية للحديث عن مستقبل الخطاب الديني!
يبدو أيضاً أن الدورة الأخيرة هزيلة بمقارنتها باليوبيل الذهبي الذي احتشدت خلفه مؤسسات الدولة الرسمية، فغابت طوابير الوافدين وتراجعت أعداد الزائرين، ومع ذلك، أعلنت الوزارة أن عدد زائري العام الحالي بلغ ما يقارب 4 ملايين مواطن، من دون أن يلتفت القائمون على المعرض إلى أن بلوغ هذا الرقم يستلزم دخول ثلاثة أشخاص في الثانية الواحدة من كل بوابة لأرض المعارض لمدة عشر ساعات متواصلة، ومن دون انقطاع، طوال أيام المعرض!
من جهة، ورغم قلة تصريحات رئيس هيئة الكتاب، هيثم الحاج علي، فقد صدّر أيضاً في آذار (مارس) الماضي «فنكوشاً» يخصّ تبادل الترجمة بين الكتابات العربية والصينية، معلناً أنّه جرى الاتفاق مع المجموعة الصينية «فانج تشنغهوي» على ترجمة 20 كتاباً سنوياً من إصدارات الهيئة إلى الصينية، و20 أخرى تترجمها الهيئة من الصينية إلى العربية. ورغم مرور ما يزيد على 11 شهراً على الاتفاق، لم يُعلن عن أي عنوان عربيّ تُرجم إلى الصينية ضمن الاتفاق، واكتفت الهيئة المصرية بالإعلان عن كتاب «التخلص من الفقر»، للرئيس الصيني شي جين بينغ.