لا تتبع يولا خليفة إيقاعاً منتظماً حيال إصداراتها الموسيقية. تعمل وفق الإلهام والمزاج كما تحبّ أن تسميه. آخر مرة أطلقت فيها مجموعة من الأغنيات ضمن ألبوم كانت في عام 2015 تحت عنوان «هواك». وها هي تعود بعد أربع سنوات بأسطوانة جديدة عنوانها «في الطريق». بينهما لم تبقَ بلا نشاط فني، فكانت لها مشاركة في «صوتي»، عرض مسرحي تعبيري راقص، جمعها بثريا بغدادي ونادرة عساف. عن بدء العمل على ألبوم موسيقي جديد خاص بها، تقول خليفة لـ «الأخبار»: «لم تكن لدي فكرة ألبوم. وفجأة جاء الإلهام. ذات مرة خرجت بأغنية «اكتب لي» بناء على نصّ للشاعر المصري سمير سعدي. كان الطقس جميلاً وسُعدت بالعمل على هذه الأغنية. فكانت المشاعر متأججة وبمثابة افتتاح للألبوم الجديد. استغرق العمل بعدئذٍ عاماً ونصف عام تقريباً».المشاغل والهواجس التي تسكن الفنانة أي السلام والحب والإنسان والهجرة ما زالت هي نفسها. لكن هذه المرة بدا ميلها واضحاً إلى الهجرة والسفر. في هذه الصدد تضيف: «حتى العنوان «في الطريق» يدلّ على السفر والرحيل. هو طريقي الشخصي أولاً، لكنه أيضاً طريق الناس الذين ليس لهم مأوى ومكان يسكنون فيه. الكثير من الأغنيات يتحدث عن الغربة والهجرة والسفر. وهو من أكثر المواضيع سيطرة على عالمنا اليوم، كالغرق في البحر وإلى ما هنالك من أخبار وكوارث».
نصوص الأغنيات التسع التي يتضمنها الألبوم مبنية على قصائد بالعامية والفصحى. كما أن أحدها نصّ كتبته خليفة نفسها حول الوداع: «إنه إحساس أمّ بعيدة عن ولدها. وهذا ما تعيشه معظم العائلات في أيامنا. عنوانها «الرحيل»». استقت الفنانة كذلك من الشعر الأندلسي نصّين من أعمالها: سافرت بعيداً إلى الوراء. فالنساء آنذلك كنّ يكتبن بحرية وجرأة أكبر. من النصوص التي انطلقت منها أيضاً قصيدة لجبران خليل جبران عن السلام. كما هناك نصّ لمريم حيدري، شاعرة معاصرة تحكي هواجس المرأة اليوم كما تقول. فضلاً عن ذلك، أثّر فيها نص بالعامية لميشال بو رجيلي الذي فقد والديه خلال الحرب الأهلية وأتى بنص يتحدث فيه عن اشتياقه لأمه. لا تدّعي خليفة الغوص بعيداً في التركيب الموسيقي للأغنيات، ولو قامت بنفسها باستنباط الجمل اللحنية البسيطة التي أوحت بها لها النصوص. أمّا العمل على التوزيع والتركيب فجرى لاحقاً في الاستديو بمساعدة ولديها الموسيقيين رامي وبشار خليفة، إضافة إلى تعاونها مع فرقة موسيقى إلكترونية يعمل ضمنها ابنها البكر.
نصوص الأغنيات التسع التي يتضمنها الألبوم مبنية على قصائد بالعامية والفصحى

أحبّت هذه المرة التعاون مع عدد من الشباب الموسيقيين العازفين، ما أضفى على العمل روحاً شبابية. في نظرها «هو مزاج وانفتاح على الأمور. أحبّ التنوع. وقد أتنقّل بين الشرقي والإلكتروني. أميل إلى الخلطة ولست محددة بلون معين. من ناحية أخرى، التأليف والموسيقى والغنى والتعبير والإحساس واحد عندي في العمل، ولا أركّز على عنصر أكثر من غيره. يجري العمل على الجو العام الذي تخلقه أغنية ما».
تتمتع خليفة برغبة لافتة في تحقيق ذاتها وفي الخروج بأعمال فنية كلما شعرت بالحاجة والاستعداد لذلك. كلّ عمل تنجزه أشبه بخطوة جريئة تقوم بها، على اعتبارها أن للمرء ميلاً دائماً إلى الاستسلام والامتناع عن إنجاز الأمور. فالجرأة في نظرها هي «أن أكون موجودة برغم الصعوبات والأجواء المحيطة. أريد أن أحقق ذاتي وأقوم بخطوة إلى الأمام. أما في ما يتعلق بألبوم «في الطريق»، فأظنّ أن الكليب الذي صوّرته كان خير دليل على ذلك وصُوّر بطريقة عفوية».