كلمات «صانعة» للحدود في ضيافة يونا ياهاف«الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل» تناشد هؤلاء ألا يكونوا شهود زور في مهزلة تهدف إلى إخفاء الوجه الحقيقي للكيان العنصري
عبد الرحيم الشيخ وعمر البرغوثي*
تواصلت في الأيّام الأخيرة النداءات الداعية إلى مقاطعة مؤتمر «كلمات بلا حدود ـــــ المؤتمر العالمي لأدباء من أجل السلام». هذا المؤتمر الذي ينطلق اليوم في حيفا ويستمر حتى 4 كانون الأول (ديسمبر)، يقام بدعوة من وزارتي الثقافة والخارجية الإسرائيليتين، وبرعاية بلدية حيفا العنصرية، وبمشاركة ملتبسة للسفارة الفرنسية ومنظمة «القلم» الدولية PEN. وقد رحّبت «الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل» PACBI، ببيانات الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين، ومجموعة الكتاب والأدباء والمثقفين في فلسطين المحتلة عام 1948، والفرع الأردني لمنظمة «القلم» الدولية، ورابطة الكتاب الأردنيين...
المشاركة العربيّة في المؤتمر المنعقد في «بيت الكرمة»
في حيفا، برعاية رسمية من دولة الاحتلال والتمييز العنصري، يمثّّل تحدياً سافراً لمبدأ المقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل، وخرقاً لمعاييرها، وخصوصاً حين يأتي من «مثقفين» يعرفون الظلم الاستعماري الإسرائيلي، ويفترض بهم أن يتخذوا منه موقفاً أخلاقياً. كذلك فإنّ مشاركة الكتّاب العرب (بمن فيهم الفلسطينيون) هي تطبيع فاضح حسب تعريف التطبيع الذي طورته «الحملة الفلسطينية للمقاطعة...» وأقرته غالبية المؤسسات الثقافية الفلسطينية. المطلوب اليوم تصعيد مقاطعة إسرائيل ومؤسساتها المتواطئة، ورفض المشاركة في المؤتمر الذي يندرج ضمن الحملة الهادفة إلى إخفاء حقيقتها العنصرية والكولونيالية خلف ستار الفن والأدب والعلم والتكنولوجيا.
ولعل ما يزيد من فداحة أي مشاركة عربيّة في المؤتمر، انعقاده تحديداً في حيفا، برعاية رئيس بلدية هذه المدينة التي ما زالت شاهدة على أفظع حملات التطهير العرقي التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني: من تحويل قرية عين حوض ـــــ بعد تطهيرها عرقياً ـــــ إلى «قرية للفنانين» الصهاينة، وصولاً إلى اقتراح رئيس بلديتها الحالي يونا ياهاف الذي يفتتح المؤتمر، بمصادرة سفينة «مرمرة» التي شاركت في «أسطول الحرية»، وشهدت على المجزرة الإسرائيليّة، لتحويلها إلى «فندق سياحي عائم كرمز عالمي للتسامح والتقارب والأمل»! بعد تاريخ طويل جاوز ستة عقود من السياسات الاستعمارية والتمييز العنصري، أما آن لكلّ ضمير حي، أن يرفض إضفاء الشرعيّة على نشاطات مصممة للتغطية على جرائم إسرائيل، ترعاها المؤسسة الرسمية التي تمضي منهجياً في سياستها القائمة على استبدال شعب بشعب، وثقافة بثقافة. الفرع الأردني لمنظمة «القلم» الدولية، لفتَ رئاسة المنظمة إلى أنّ رعايتها لمؤتمر حيفا (الملتبسة) مخالفة لما اتفق عليه في المؤتمر السنوي الـ76 للمنظمة في طوكيو في أيلول (سبتمبر) الماضي. فقد اعترضت الدول العربية الأعضاء في المنظمة (كالأردن، ومصر، والجزائر، والمغرب) على مشاركة المنظمة أو «لجنة السلام» المنبثقة منها، في مؤتمر حيفا المذكور. وقد لوَّحت الروائية ليلى الأطرش، رئيسة الفرع الأردني لـ«القلم» بالانسحاب من المنظمة ومقاطعة أنشطتها في حال ثبوت تورطها في رعاية مؤتمر حيفا. ويضاف إلى ذلك بيان رابطة الكتاب الأردنيين التي «عبرت عن

مشاركة ملتبسة للسفارة الفرنسية ومنظمة «القلم» الدولية

إدانتها القويَّة لهذا اللقاء التطبيعيّ الوقح». وحسناً فعل «اتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين» الذي عبّر عن شجبه أي مشاركة في المؤتمر، وطالب الكتّاب والشعراء العرب والمبدعين من أهلنا في فلسطين المحتلة عام 1948 الذين وُجهت إليهم دعوة للمشاركة بمقاطعة المؤتمر. وقد استجاب هؤلاء لنداءات المقاطعة، وأعلنوا على موقع «عرب 48» رفضهم المشاركة في «مؤتمر تدعو إليه حكومة، أيدي وزراء ومسؤولين فيها ملطخة بدماء الشعب الفلسطيني (...)». واستنكروا «مشاركة أدباء وكتّاب من بلاد عربية يتعرض إخوانهم، أبناء الشعب الفلسطيني، لمضايقات وملاحقات وقمع وترحيل وقتل».
أما «حملة المقاطعة»، فتؤكد ضرورة مواصلة التحرِّي عن الدور الملتبس لمنظمة «القلم» في تنظيم المؤتمر. وتدعو المنظمة المذكورة إلى توضيح موقفها الرسمي من المؤتمر، ومن السياسات العنصرية والاستعمارية الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين وقضيتهم العادلة. كذلك تدعو مثقفي العالم إلى مقاطعة المؤتمر الذي لا يطلق إلا «كلمات صانعة للحدود» بسكوته عن الجرائم الإسرائيلية الجسيمة، ومخالفاتها المستمرة للقانون الدولي ولحقوق شعبنا. تلك السياسة الإجراميّة تتجلى، أكثر ما تتجلّى، في الحصار الإجرامي المضروب على مليون ونصف مليون فلسطيني في غزة، وفي حملات التطهير العرقي التدريجي لشعبنا في القدس والنقب والأغوار.
www.pacbi.org

* أكاديميّان وناشطان فلسطينيان في «الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل» PACBI، والنص يستند إلى البيان الذي وزّعته الحملة في «رام الله المحتلّة»


ميرا عوض «بدها تعيش»

بعدما مثّلت إسرائيل في «مهرجان الأغنية الأوروبية» الذي أقيم في موسكو في آذار (مارس) 2009 وغنّت «السلام» إلى جانب الإسرائيلية أحينوعام نيني، ها هي ميرا عوض تعلن: «بطّلت فلسطينية!» (لم أعد فلسطينيّة). نقل موقع «قديتا.نت» عن صحيفة «هآرتس» أنّ المغنية الفلسطينية شاركت في فاعليات Other Israel Film festival في نيويورك، وقدّمت حفلة على هامش المهرجان حيث «راحت تغني بالإنكليزية والعربية، وتشرح للجمهور أنها، منذ الـ«لينش» في رام الله، توقفت عن اعتبار نفسها فلسطينية، وصارت تعرّف عن نفسها بصفتها إنسانة «بدها تعيش»... والجمهور الإسرائيلي لم يبخل عليها في التصفيق». و«اللينش» واقعة تعود إلى عام 2000 في بداية الانتفاضة الثانية، حين تجمّع حشد من المواطنين الغاضبين في رام الله وضربوا جنديين إسرائيليين حتى الموت.


قد تم تعديل المقال عن نسخته الأصلية في الأربعاء ١ كانون الأول ٢٠١٠