من منظور القانون الدولي، هناك فرق بين مفهومي الأسرى والرهائن. يُعدّ المقاتل الذي يقع في يد طرف خصم في نزاع مسلح دولي أسير حرب. ويكفل القانون الدولي الإنساني الحماية لجميع الأشخاص الذين يقعون في يد العدو أثناء النزاع المسلح، سواء كانوا مقاتلين فيعدّون أسرى حرب أو مدنيين فتؤمن لهم الحماية على هذا الأساس. وتمّ توسيع تعريف أسير الحرب الذي حدد في عام 1949، وبموجب التعريف الجديد، لم يعد وضع أسير الحرب يقتصر على المقاتلين الذين هم أفراد في القوات المسلحة، إذ قد يمنح للمدنيين المشاركين في الأعمال العدائية وللأفراد في حركات المقاومة. بالنسبة للرهائن، ينظم القانون الدولي الحقوق الأساسية للرهائن ويحظر احتجازهم أو ايذاءهم من خلال عدد من الاتفاقيات الدولية أبرزها الإعلان العالمي لحقوق الانسان الذي يحظر التعذيب والمعاملة القاسية، كما تحظر اتفاقية مناهضة التعذيب ممارسة التعذيب بكافة صوره على الرهائن. وتعتبر مثل هذه الأعمال جرائم حرب وفقا لاتفاقيات جنيف لعام 1949 وملحقاتها. ووفقا للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية فإن أخذ الرهائن في نزاع دولي أو داخلي هو جريمة حرب يمكن للمحكمة الجنائية الدولية معاقبة محتجزي الرهائن. وقد اكتسبت هذه القاعدة وضع القانون العرفي، والخلاصة إن «أخذ الرهائن محظور»، سواء في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية.
أما الاتفاقية المباشرة التي تعنى بوضع الرهائن فهي الاتفاقية الدولية لمناهضة أخذ الرهائن لعام 1979. وبموجب الاتفاقية، فإن أخذ الرهائن وإيذاءهم أو ابتزازهم هو جريمة إرهاب دولية ترتب المسؤولية القانونية على مرتكبيها. وعرّفت الاتفاقية الرهينة بأنه شخص مدني تم اختطافه واحتجازه كرهينة من قبل جهة ما لتحقيق مطالب سياسية أو مالية وليس له علاقة بالقتال.

الهجوم على غلاف غزة: فعل مقاومة أم إرهاب؟
فور صدور قرار التقسيم رقم 181 في العام 1947 عن الأمم المتحدة، بدأ الكيان الصهيوني عمليات التطهير العرقي بهدف إفراغ القرى الفلسطينية وتهجير سكانها وطردهم على نحو ممنهج. وأدت هذه الحملة الهمجية إلى السيطرة على 50% من المنطقة التي خصصت للدولة العربية بموجب قرار التقسيم، وهُجّر 61% من مواطني الأراضي العربية أي ما يقارب 800 ألف فلسطيني. وعلى أنقاض القرى العربية أقيمت المستعمرات الاستيطانية. ومن بين هذه القرى تلك التي كانت تقع في ما كان يعرف بقضاء غزة. شكل قضاء غزة في التقسيمات البريطانية أحد الألوية الجنوبية في فلسطين خلال فترة الانتداب البريطاني وبلغ مساحته 111.5 كيلومتر مربع وضم 3 مدن رئيسية هي المجدل وغزة وخانيونس و54 قرية منها بيت حانون ودمرة وهوج وعراق المنشية وحمام وكوكبا وغيرها. بعد نكبة 1948 انقسم قضاء غزة إلى قسمين، يتبع أحدهما للإدارة المصرية بمساحة 365 كيلومتراً مربعاً وهو ما يسمى بقطاع غزة، في حين سيطر الاحتلال الاستيطاني بفعل التطهير العرقي المشار إليه أعلاه، على ما تبقى من مساحة قضاء غزة المعروف باسم غلاف غزة وأسس فيها 50 مستوطنة وكيبوتس، منها سديروت والعين الثالثة واشكلون ورعيم وبئيري وغيرها. وظل قطاع غزة تحت الإدارة المصرية حتى حرب عام 1967 عندما احتل الصهاينة القطاع.
الهدف من إبقاء المستوطنات في غلاف غزة وتعزيز تواجد المستوطنين فيه، هو الإبقاء على حاجز جغرافي وديموغرافي بين قطاع غزة والضفة الغربية ما يمنع مستقبلا قيام دولة فلسطينية متصلة الأطراف

عام 2005، انسحب الاحتلال من القطاع وفكك مستوطناته ولكنه لم ينسحب من غلاف غزة وأبقى على المستوطنات التي تم انشاؤها منذ العام 1948.(نقلا عن غزة كيف نقرأ جغرافية المعركة ؟)، والهدف من إبقاء المستوطنات في غلاف غزة وتعزيز تواجد المستوطنين فيه، هو الإبقاء على حاجز جغرافي وديموغرافي بين قطاع غزة والضفة الغربية ما يمنع مستقبلا قيام دولة فلسطينية متصلة الأطراف. وبناء عليه، فإن مستوطنات غلاف غزة هي مستوطنات غير شرعية أقيمت على أنقاض قرى فلسطينية تم تهجير سكانها وطردهم بالقوة، واحتلالها شكل خرقا لقرار الأمم المتحدة. لذا، بما أن المنطقة التي تسمى غلاف غزة محتلة وكل أراضيها تعود إلى فلسطينيين لجأوا أغلبهم إلى قطاع غزة، فيصبح من واجب
هؤلاء ومن حقهم وبمقتضى القانون الدولي مقاومة الاحتلال والعودة إلى أراضيهم. وبناء عليه، فإن الهجوم الذي شنته المقاومة ضد غلاف غزة هو حق مشروع وليس عملا إرهابيا كما تدعي إسرائيل وحلفاؤها. (راجع لماذا لم يكن هجوم 7 أكتوبر إرهابيا؟)

حتجاز المستوطنين: أسرى أم رهائن؟
بموجب احكام المادة 12 من الاتفاقية لمناهضة اخذ الرهائن، فإن مسمى الرهائن لا ينطبق على النزاع المسلح في فلسطين حيث « لا تسري الاتفاقية على أفعال أخذ الرهائن في المنازعات المسلحة وذلك بقدر ما تكون اتفاقيات جنيف لعام 1949 لحماية ضحايا الحرب أو البروتوكولات الإضافية لتلك الاتفاقيات هي السارية على تلك المنازعات المسلحة، ولا تسري هذه الاتفاقية على فعل من أفعال اخذ الرهائن يرتكب اثناء المنازعات المسلحة المعرفة في اتفاقيات جنيف لعام 1949 وبروتوكولاتها بما في ذلك المنازعات المسلحة التي يرد ذكرها في الفقرة 4 من المادة 1 من البروتوكول الإضافي لعام 1977 والتي تناضل فيها الشعوب ضد السيطرة الاستعمارية والاحتلال الأجنبي ونظم الحكم العنصرية ممارسة لحقها في تقرير المصير كما يحدده ميثاق الأمم المتحدة وإعلان مبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلاقات الودية والتعاون».

تواجد المستوطنين في المستوطنات المقامة على أراضي الفلسطينيين وقراهم المهجرة ومشاركتهم المباشرة في الاعمال العدائية ضد الفلسطينيين أفقدهم صفة «المدنيين» وفي حال اعتقلوا بيد المقاومة سيعتبرون أسرى حرب


واستناداً إلى المادة 12 من اتفاقية مناهضة اخذ الرهائن ، فإن ما قامت به المقاومة الفلسطينية من أسر مستوطنين لا يشكل عملا اجرامياً، ولا يخضع توصيف ما قامت به المقاومة لنطاق الاتفاقية في كونه جريمة إرهاب دولية. من ناحية أخرى، فإن احتجاز المقاومين للمستوطنين إثر هجومهم على مستوطنات غلاف غزة المحتل، لا يعتبر جريمة حرب طبقا لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، عملا بنص المادة 31 منه، والمتعلقة بحالات امتناع قيام المسؤولية الجنائية على مرتكبي الأفعال الجرمية المنصوص عليها في النظام الاساسي للمحكمة. فبموجب هذه المادة في فقرتها ج، إذا كان الشخص المرتكب في حالة دفاع عن النفس والأرض والممتلكات تسقط جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية لان ذلك الطرف كان في حالة دفاع مشروع طبقا لقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة واتفاقيات جنيف وملحقاتها.
في ما يتعلق بوضعية المستوطنين عند اعتقالهم من قبل المقاومة، فوفقا لما سبق لا يمكن اعتبارهم مدنيين ولا يمكن تطبيق قواعد حماية المدنيين عليهم.

احتجاز المقاومين للمستوطنين إثر هجومهم على مستوطنات غلاف غزة المحتل، لا يعتبر جريمة حرب طبقا لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية عملا بنص المادة 31 منه والمتعلقة بحالات امتناع قيام المسؤولية الجنائية

إذ إن المستوطنين في الضفة الغربية والقدس وكذلك في غلاف غزة هم جزء لا يتجزأ من آلية الاحتلال الإسرائيلي ويحمل معظمهم السلاح ويرتكب اعمال عنف ضد الفلسطينيين. فالمستوطنات، وبالأخص تلك الواقعة في غلاف غزة، لها أدوار عسكرية مما يجعلها وفق المادة 52 من ملحق البروتوكول الأول لاتفاقيات جنيف أهدافا عسكرية حيث يتم استخدامها كنقاط ارتكاز لعمليات عسكرية ويتم فيها تجميع الأسلحة والمعدات العسكرية والكثير من العمليات العسكرية التي تستهدف قطاع غزة تنطلق من هذه المستوطنات. كما ان المستوطنين فيها يعمل الكثير منهم في مراكز ذات طابع أمني. فالمستوطنون وضعهم مختلف تماما عن الرهائن المدنيين العزل الذين يحظون بحماية القانون الدولي ويخضعون لاتفاقية مناهضة اخذ الرهائن. وطبيعة تواجد المستوطنين في المستوطنات المقامة على أراضي الفلسطينيين وقراهم المهجرة ومشاركتهم المباشرة في الاعمال العدائية ضد الفلسطينيين أفقدهم صفة «المدنيين»، وفي حال اعتقلوا بيد المقاومة سيعتبرون أسرى حرب، وبالتالي فهم يخضعون لنطاق المادة الرابعة من اتفاقية جنيف الثالثة. وبينما لا يعتبر أخذ أسرى الحرب بحد ذاته جريمة حرب، بعكس أخذ الرهائن، إلا أنه وفق القانون الدولي الإنساني يجب معاملة جميع الأشخاص المحتجزين في زمن الحرب، بما في ذلك الاسرى، معاملة إنسانية، والمعاملة اللاإنسانية لأسير يمكن أن ترقى إلى مستوى جريمة حرب.



مستوطنات غلاف غزة التي أقيمت على أنقاض قرى فلسطينية
مستوطنة بئيري هذه المستوطنة عبارة عن «كيبوتس» زراعي تأسس منذ بداية حركة الاستيطان الصهيونية في المنطقة عام 1947
كيبوتس راعيم وقاعدة فرقة غزة العسكرية
تمتلك الكيبوتس شركة كيان «إسرائيل ليزر» المتخصصة في الصناعات العسكرية، وتشتهر هذه البؤرة الاستيطانية بأنها كانت محمية ببطارية دفاع جوي لحماية المصنع.
مستوطنة نتيفوت تأسست عام 1956 عقب النكبة، وضمّت بشكل أساسي مهاجرين من المغرب وتونس، انضمّ إليهم بعد انهيار الاتحاد السوفياتي مهاجرون روس ولاحقاً إثيوبيون.
مستوطنة كيسوفيم تأسست عام 1951 على يد أعضاء حركة «الشباب» الصهيونية من الولايات المتحدة،
مستوطنة سديروت أكبر مستوطنات غلاف غزة، ويعود تأسيسها إلى النكبة الفلسطينية، وقد أقيمت على أنقاض قرية نجد الفلسطينية
مستوطنات صوفا ونير يتزحاك وحوليت
كيبوتس وموقع كرم أبو سالم – «كرم شاليم»
مستوطنة كفار عزّة كيبوتس زراعي وموقع عسكري ، تأسس بعد النكبة على يد مستوطنين صهاينة مغاربة.
كيبوتس وموقع ناحال عوز تأسس عام 1951 كأول مستوطنة لقوات الناحال (قوات نخبة في جيش الاحتلال).
كيبوتس إيريز
زيكيم واحدة من أبرز مستوطنات غلاف غزة، تتمتع بتحصينات أمنية مشددة كونها موكلة بحماية مصفاة للنفط ومنشأة تخزين ومحطة توليد للطاقة موجودة بمحاذاة المستوطنة، تمدّ جنوب كيان الاحتلال الإسرائيلي بالكهرباء
أوفاكيم تأسست في الخمسينيات، ولعبت خلال سنواتها الأولى دوراً في التاريخ العسكري الصهيوني، إذ شارك العديد من مستوطنيها الأوائل في العمليات الحربية ضد الفلسطينيين والعرب. (المصدر: الميادين نت)