تقترب ذكرى نكبة انفجار بيروت ونسترجع معها مشهدية الدمار والألم، وشهداء عاشوا في وطنهم مظلومين يبحثون عن سبل العيش الكريم و رحلوا أشلاء في توابيت تاركين خلفهم حكاية وطن مكسور واهل يستجدون الحقيقة في بلد لم يتفق زعماؤه الا على طمس الحقائق.مرت أربع سنوات وولا يزال ذوو الضحايا و الجرحى يبحثون، من دون كلل، بين أروقة المحاكم ومكاتب أصحاب النفوذ عن قرار للوصول الى العدالة التي طُمرت مع قمح الاهراءات، فنبت القمح و لم تظهر الحقيقة.
كما كل شهرعلى مدى الاعوام الأربعة الفائتة، وتاكيداً على حقهم وسعيهم للوصول الى الحقيقة، نفذ «تجمع أهالي شهداء وجرحى ومتضرري انفجار مرفأ بيروت»، وقفته الشهرية الرمزية الـ 46، أمام بوابة الشهداء رقم ٣ لمرفأ بيروت، بمشاركة أهالي الشهداء والجرحى.
وألقى رئيس التجمع إبراهيم حطيط كلمة أهالي الشهداء، فقال: "ستون يوما، وتحل الذكرى السنوية الرابعة لفاجعة مجزرة انفجار مرفأ بيروت. أربع سنوات من المماطلة والتسويف والتسييس والتحريف والتمييع بهدف التضييع وتيئيس أهالي الضحايا والشهداء وأصحاب الحقوق من الجرحى والمتضررين، مؤامرة اشترك فيها سياسيون وقضاة وأمنيون وحقوقيون وسفارات وجمعيات وإعلاميون حرّفوا حقائق، وبدّلوا وقائع، وتغاضوا عن كل الأدلة والبراهين والإثباتات التي تخالف هواهم السياسي والطائفي لندفع وحدنا الثمن، بعدما خلت بيوتنا من الأعزاء والغوالي وفلذات الأكباد، وباتت مساكن للأحزان والأوجاع والآلام والدموع والحسرات».
أضاف: «تعبنا، وأنهكتنا السنون الأربع بفصولها وأيامها ولياليها، لكننا لا ولن نيأس لأننا طلاب حق، والحق لا يموت بدليل الوقفات الـ ٤٦ هنا على بوابة الشهداء رقم ٣ على رمزيتها والتحركات التي سبق ونفذناها على مدى السنوات الماضية، وتعرضنا خلال بعضها للضرب والقمع». وتابع: «وإن لم نصل بعد حتى اليوم إلى هدفنا بالحقيقة والعدالة المرجوة، يكفينا فخرا أننا أبقينا قضيتنا حية، رغم كل هذه السنوات، وإلا لكانت طُمست كغيرها وضُبضبت في أدراج النسيان، وكل الفضل يعود إلى هذه الوقفة الشهرية التي كان لنا شرف تأسيسها وتثبيتها واستمراريتها».
وأردف: «ونحن على أعتاب الذكرى السنوية الرابعة، فهل يكفي ذلك؟ هل نستمر إلى ما لا نهاية مكتفين بهذه الوقفات الرمزية والتحركات التي لا تجدي نفعا؟ بل إن بعضها يستثمر في السياسة. هل نكرر المكرر ونسمح بهدر المزيد من الوقت لتمر الذكرى الخامسة والسادسة كرمى لعين قاض شعبوي نفخه البعض فظن نفسه نصف إله لا يرد ولا يخاصم ولا تكف له يد؟».
وأضاف: «لا يا سادة، نحن كأولياء دم لن نسمح بكل ذلك، ومن أراد أن يصنع من نفسه بطلا على حساب الحقيقة الحقيقية، قادرون على قصقصة جناحيه بما نملك من وثائق ومستندات و أدلة ترد كيده إلى نحره، بعدما تجرّد من كل مهنية وابتعد عن وحدة المعايير في استدعاءاته وبعدما أهمل وتغاضى عن استدعاء كل من كانوا في سدة المسؤولية منذ دخول نيترات الموت إلى حين انفجارها، وعلى رأسهم أمنيون وقضاة، وفي طبيعة الحال اليونيفل التي يتجاهل مسؤوليتها الجميع، فيما زج بغياهب السجون بالكثير من الأبرياء ظلما وعدوانا، أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر محمد المولى وشفيق مرعي، ولدينا الكثير من التفاصيل نتركها إلى حينها».
أضاف: «بطبيعة الحال قبل الذكرى السنوية، ستكون لنا وقفة، وكذلك في ٤ آب، ولدينا لحينه الكثير مما سنقوله ونفعله، ولن يكون على غرار كل ما سبق، والحر تكفيه الإشارة».
وتوجه إلى القاضي طارق البيطار بالقول: «عليك أن تتذكر يا حضرة القاضي أنك مدعى عليك بجرم اغتصاب سلطة، وهذا الادعاء من مدعي عام التمييز السابق غسان عويدات، وقد ترتبت عليه أمور قانونية ملزمة لك، وأنت تعلم ذلك تماما، وإن كنت تريد العودة إلى استكمال التحقيق فعليك حل هذه المعضلة، ولن يجديك الإيعاز لمكتب الادعاء لتحريك البعض للضغط على الريس جمال الحجار. كما عليك أن تتخطى سيل دعاوى الرد والنقل والمخاصمة المتراكمة بحقك، والتي تسببت بها باستنسابيتك التي طالما حذرناك منها، وهي ما أخّرت وعطلت التحقيق لأكثر من سنتين ونصف سنة. أما اجتهادك المريب جملة وتفصيلا وتوقيتا وتعطيلا، فلن أخجل هذه المرة أن أقول لك "بلو وشراب ميتو". وبعد أن تتحرر من كل ذلك، ستكون مواجهتك معنا نحن كأهالي شهداء وأولياء دم كونك أصبحت خصما لنا، وأعددنا لك العدة المدعّمة بالوثائق بدعاوى لو حولت إلى قاض نزيه ما تردد لحظة بإقصائك. عليك الآن أن تسلم ملف التحقيقات إلى النيابة العامة التمييزية من دون إبطاء لأن من حقها الإطلاع عليه، وتسجيل ملاحظاتها التصويبية، وهذا أمر بديهي لا يحق لك المماطلة فيه».
قاض شعبوي نفخه البعض فظن نفسه نصف إله لا يرد ولا يخاصم ولا تكف له يد


كما توجه إلى مدعي عام التمييز القاضي جمال حجار بالقول: «نعلم الضغوط التي تمارس عليك، كما نعلم المحرضين، ونحن كأولياء دم ندعمك ونساندك ونقف بجانبك بمواجهة هؤلاء الذين يطلبون ما يعتبرونه حقا، وهم يريدون به باطلا. نتمنى عليك العمل بعقل بارد وتحت سقف القانون لا الضغوط، فنحن نقدر حجم المسؤولية الملقاة على عاتقك، ولن نطلب منك أي شيء قبل تسلمك ملف التحقيقات من البيطار، وسنعطيك المهلة الكافية للاطلاع عليه ووضع ملاحظاتك القانونية، وسبق وأطلعناك على مستند دامغ يؤكد أن القاضي البيطار يتعاطى بالملف بالسياسة لا بعقلية القاضي فلا تأبه لزوابع في فنجان».
وختم: «لا يزال جرحى انفجار مرفأ بيروت حتى اليوم من دون أي مساعدة ومن دون أي رعاية صحية من الدولة، التي تسببت بكل جراحهم وآلامهم، رغم أننا نقلنا مأساتهم إلى نواب وكتل ووزراء، ولكن من دون جدوى، ونحن في صدد حسم هذا الأمر قبل الذكرى السنوية مهما كان ثمن ذلك».
فاجعة مرفأ بيروت لم تصب فقط الأرواح، انما أصابت وطناً وجيلاً كاملاً، وغيرت ذكريات مدينة فاستبدلت صورها الجميلة بذكريات تفوح منها رائحة الموت، لن تكفي اعادة اعمار ما تهدم لمحوها وتخطيها .وحدها الحقيقة تبرد القلوب وتعطي لذوي الضحايا والجرحى جزءاً من حقوقهم، وتعيد للجيل الجديد ايمانه بوطن يعيش فيه بأمان وعدل.

(الوكالة الوطنية، القوس)