158 منظمة ومشروعاً تشاركت في الهجمة على إيران، وفق ما تم رصده من خلال تتبّع الشبكة المتداخلة للمنظمات «غير الحكومية» الغربية المعلنة التي عملت في السنوات الماضية على زعزعة الاستقرار في الجمهورية الإسلامية. في الواجهة، عدد محدود من المنظمات يُفترض أن تمثّل مكوّنات إيرانية، أما في الخلفية فمجتمع «دولي» غربي أطلسي، وفي عمق المشهد وجوهره مراكز أبحاث أميركية وصهيونية.
المستوى الأول: رسم السياسات والتوصيات
أصبح معلوماً أنّ مراكز الأبحاث تمثّل المصالح العليا للولايات المتحدة، وهي من ترسم بأبحاثها وتوصياتها السياسات الخارجية لواشنطن، وبنسبة كبيرة جداً السياسات الخارجية لدول الأطلسي. وقد رصد فريق «الأخبار» 10 مراكز أبحاث Think tanks تستهدف إيران تحت عناوين من قبيل «نشر الديموقراطية» و«الشفافية» و«حقوق الإنسان» و«حقوق المرأة»، والأهم «ضمان حرية الإنترنت».

المستوى الثاني: التخطيط والتنسيق
تمسك المنظمات المانحة الكبرى بناصية هذا المستوى. فهي تتلقّى الميزانيات الضخمة من الحكومات الغربية، ومعها الخطوط العامة للإنفاق في برامج محددة للأقاليم والدول. وقد تم رصد 18 منها تحت عنوان منظمات غير حكومية يتكرّر ذكرها في بند مموّلي المشاريع والمنظمات التي تعمل لزعزعة الاستقرار في إيران.

أنقر على الرسم البياني لتكبيره


المستوى الثالث: الإدارة والتنفيذ
يظهر هذا المستوى على شكل أربعة تكتلات رئيسية. التكتل الأول هو Impact Iran، وتتمركز غالبية منظماته في الولايات المتحدة، ويضم 17 منظمة تدّعي 14 منها أنها تمثل الإيرانيين. منظمتان أُطلق عليهما اسمَا معارضَين إيرانيَّين راحلين، وخمس منها تدّعي تمثيل مكوّنات إثنية في إيران، وثلاث تعمل كمنصات إعلامية معارضة، فيما ثلاث أخرى منظمات دولية كبرى لا مقرات لها في إيران (إحداها تُعنى بحرية الإنترنت، والثانية تحارب عقوبة الإعدام، والثالثة تُعنى بحقوق المثليّين). واللافت أن المنظمات الإيرانية لا تحاول إظهار أي شكل من الشفافية. فغالبيتها لا تقدم تقارير مالية على مواقعها ولا تكشف شبكة مانحيها، كما أن عدداً منها مجرد قشور وأصغر من أن تدّعي تمثيل شارع.
مجال عمل هذا التكتل هو الضغط على إيران على منابر الأمم المتحدة وتشويه صورتها وعزلها، خصوصاً في الـ UPR، أو المراجعة العالمية الدورية التي تقيّم سجلّ الدول في مختلف المجالات، وتُعقد كل عدة سنوات وتكون على شكل توصيات متبادلة بين الدول الأعضاء. وقد بذلت الولايات المتحدة جهوداً مكثّفة ليس لتحسين صورتها، بل لتجر إيران خلفها في التقييم من خلال التحريض والضغط.
مراكز الأبحاث تمثّل المصالح العليا للولايات المتحدة، وهي من ترسم بأبحاثها وتوصياتها السياسات الخارجية لواشنطن


التكتل الثاني معنيّ أيضاً بالأمم المتحدة، لكنه غير منظّم بإطار رسمي، ويتشكل من ثلاثة مستويات، الأول معنيّ بشكل مباشر بالضغط في الأمم المتحدة ويضم 15 منظمة، ست منها أميركية، وخمس تتخذ من سويسرا مقرّات لها ويقودها أميركيون ذوو توجهات صهيونية. على رأس هذا المستوى منظمة UNWatch ومشروع Geneva Summit المتفرّع منها. وفي المستويين الثاني والثالث، 16 منظمة دولية و8 منظمات دولية صحافية تعمل بشكل داعم ومؤازر لشيطنة إيران في المنابر الدولية والأممية.
التكتل الثالث هو منظمة Small Media، ومقرها بريطانيا، وهي تجمّع يضم تسع منظمات منبثقة منها، تعمل في إعداد الأبحاث والتقارير حول ادعاءات الاضطهاد وقمع الحريات ومشاريع التغلغل الرقمي ومواقع البروباغاندا والإعلام. وتتشارك Small Media مع 24 منظمة أخرى في منظمة للتدريب على المناصرة (التحريض) باسم Advocacy Assembly، وهذه الأخيرة، أيضاً، تجمع ما بين حرية الإنترنت والصحافيين ومنصات راديو إعلامية موجهة إلى الجمهور الإيراني. يبرز في عدد من المنظمات الطابع الأمني كتدريب الناشطين والصحافيين على مقاومة التحقيق، أو إخفاء المعلومات وتبادلها مع الجهات الأجنبية - الغربية طبعاً - بعيداً من الرقابة الإيرانية، إضافة إلى تدريب على الحفاظ على أمنهم الشخصي.

مجال عمل تكتل Impact Iran هو الضغط على إيران على منابر الأمم المتحدة وتشويه صورتها وعزلها


تبرز في التكتل وحدة خاصة في كلية بروكلين (جامعة نيويورك). يتحدث البرنامج بشكل صريح عن عزل إيران دولياً، وفي الأمم المتحدة بشكل خاص، وعلى منبر الـ UPR تحديداً. ويضم موقع الجامعة «سيمينار» تعليمياً تطبيقياً (بالخطوات) بعنوان TWENTY-FIRST CENTURY TRICKS OF THE TRADE FOR RUNNING A HUMAN RIGHTS CAMPAIGN لكيفية بناء قضية ضد الجمهورية الإيرانية في هذا المنبر، وكيفية بناء التحالفات الدولية ضدها وإحراجها. إحدى المنظمات التي «ولّدتها» Small Media تسمى UPROAR، وهي تُعنى بشكل خاص بمنبر الأمم المتحدة وتضع إيران في صلب اهتماماتها.
التكتل الرابع أكثر تخصصاً بـ«حرية الإنترنت»، ويأتي على رأسه صندوق التكنولوجيا المفتوح المموّل من «وكالة الولايات المتحدة للإعلام العالمي» الحكومية التي تضم راديو أوروبا الحرة وأخواتها. يعمل هذا الصندوق على تمويل مشاريع التغلغل الرقمي ومشاريع المراسلة التي يمكنها اختراق جدران الحماية الإيرانية ضد التطبيقات التي تستخدمها أميركا للتدخل في شؤونها الداخلية. وقد موّل الصندوق 33 مشروعاً على الأقل تشمل استهداف الساحة الإيرانية بميزانيات تُراوح بين 50 ألف دولار و3,5 ملايين دولار. ويؤمّن الصندوق تمويلاً سريعاً للحالات الطارئة التي تفرض فيها الحكومات إغلاق الإنترنت أو أي إجراءات أخرى تحدّ من تواصل الناشطين مع الغرب في حالات التصعيد والطوارئ. بحسب الموقع، موّل هذا الصندوق 100 مشروع في 40 بلداً من بينها إيران، ويشجع أي شخص لديه الاستعداد للتقدم بطلب، حتى وإن لم يكن يمتلك المؤهلات أو الشروط اللازمة للتأهل للمنحة... المهم أن يبدي استعداداً «للتعاون».