بأيّ سقف نقابي ستعمل الهيئة التنفيذية العتيدة لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية، ومن ستواجه، ووفق أيّ آلية، وهل إدارة الجامعة محسوبة على السلطة، وما هو البديل الموجع للإضراب؟ ظلّلت هذه الأسئلة النقاش داخل الجلسة الأولى لمجلس المندوبين في الولاية الانتخابية (2023 ـ 2025 ).انتظر المندوبون أن تضع الهيئة التنفيذية خطة إنقاذية تتضمّن خريطة طريق واضحة للتحرّك المطلبي، فاصطدموا ببرنامج عمل فضفاض قارب كل المسائل الحقوقية والتعليمية والبحثية في الجامعة، فيما المرحلة الراهنة الحرجة تقتضي، بحسب الأساتذة المشاركين، التصويب على الأولويّات، ولا سيّما تغذية صندوق التعاضد وتصحيح الرواتب.

صحة أهلي أهمّ من البحث العلمي
المندوبون حملوا إلى الجلسة وجعهم ووجع من يمثّلون في كلياتهم، ولم يكن هناك أصدق من دموع مندوبة معهد العلوم الاجتماعية ـ الفرع الأول، ناهد رواس، التي ينفطر قلبها حزناً على والدَيها اللذين يحتاجان إلى عناية طبية مركزة، فيما صندوق التعاضد لا يلبّي الحد الأدنى من التغطية الصحية المطلوبة. تقول: «لم يعد البحث العلمي هو أولويّتي، صحة أهلي اليوم هي الأهم».
المندوبون رفضوا إعطاء الأساتذة الفتات والمساعدات المذلّة، ولا سيّما ما سمّي بـ«بدل الإنتاجية». وكان لافتاً أيضاً مطالبتهم بحماية حرية التعبير، وحق انتقاد النهج النقابي.
حضر الجلسة 46 أستاذاً من أصل 143 مندوباً، وشارك في افتتاحها رئيس الجامعة بسام بدران، بدعوة من رئيس مجلس المندوبين علي رحال. وأوضح بدران أنه لم يأت ليتدخل في العمل النقابي أو ليشارك في النقاش، وإنّما ليؤكد أنه خلف الرابطة وأمامها وعلى يمينها وعلى يسارها لتحصيل حقوق الأساتذة والموظفين والطلاب، ولكي تجتاز الجامعة المرحلة الصعبة.

دولرة الرسم!
ورداً على اقتراح رحال بـ«دولرة» الرسوم الجامعية للطلاب، وتحديد الرسم بـ 100 دولار أميركي لتأمين حقوق الأساتذة، قال بدران إن الأمر يحتاج إلى تعديل قانوني، إذ إن الرسوم تستوفى بالليرة اللبنانية. وبينما أشار رحال إلى أن ملف الأموال المستحقة للجامعة لقاء فحوص الـ PCR يفترض أن يُحلّ بتسوية تفرج عن بعض الأموال التي تؤمن صمود الجامعة، باعتبار أن هناك خللاً واضحاً في العقد مع شركات الطيران، أكد بدران أننا لن نترك حق الجامعة في هذه الأموال، حتى لو استغرق الأمر وقتاً أطول.
رئيس الهيئة التنفيذية للرابطة أنطوان شربل تلا برنامج الهيئة، مشيراً إلى أن «ما نقدّمه هو استراتيجية لم نذكر فيها خطوات التحرّك التي تندرج في إطار التكتيك وكي لا تتلطّى لنا السلطة، علماً بأن حدودنا في العمل هي السماء وسنشرك الأساتذة في كلّ قراراتنا عبر تكثيف الجمعيات العمومية». لكنه لفت إلى أننا «لن نغطي أساتذة يتحركون خارج القرار النقابي».
اقترح رئيس مجلس المندوبين علي رحال دولرة الرسوم الجامعيّة للطلاب


نفى كامل صالح، أن تكون المسألة متعلقة بإعطائنا 50 دولاراً من هنا و100 دولار من هناك، «فالقضية أننا استُنزفنا من الإذلال على أبواب المستشفيات وبتنا موضع شفقة القريب قبل البعيد». وأشار إلى أن الراتب اللائق لا يجب أن يقل عن 700 دولار أميركي. وسألت مندوبة كلية الآداب ـ الفرع الأول، لينا بيضون، عن آلية دعم الإضراب فيما لو أقرّ، وضمان عدم تكرار التجربة السابقة لجهة أننا لم نعرف لماذا عدنا عن الإضراب. ورأت مندوبة كلية الآداب ـ الفرع الثاني، نايلة أبي نادر، أن زيارة المسؤولين ليست وسيلة ناجعة للمطالبة بالحقوق، مشيرة إلى أن حق النقد الذي يمارسه الأستاذ الجامعي ليس شخصياً وإنما هو انتقاد للأداء في موقع عام «وبدنا نتحمل بعض».

هل من خطوات واضحة؟
مندوب كلية العلوم ـ الفرع الأول علاء غيث قال إن الرابطة لا تملك ترف الوقت، وليس مطلوباً أن تعرض برنامجاً بالعناوين والأفكار، بل يجب أن تحدّد خطوات واضحة لسير عملها في المرحلة المقبلة، وليس مبرّراً أن تقول إنها تسلّمت مهامّها حديثاً، فالعمل النقابي استمرارية، وكان عليها أن تضمّن برنامجها عبارة تعديل النظام الداخلي للرابطة بشكل جريء وواضح، لتفادي عثرات التجربة السابقة. غيث تحدّث عن مزاريب الهدر وأبواب الصرف في المشاريع البحثية، وطلب من الهيئة التنفيذية أن تتابعه كأن يعطى باحث 400 مليون ليرة من دون أن تعرف المعايير، ويحرم الأساتذة المتفرغون والمتعاقدون من أموال تؤمن لهم ما يكفي للتفرغ للجامعة وعدم العمل خارجها. ودعا غيث الرابطة إلى تنسيب رئيس الجامعة، أي أن يدفع رسم اشتراكه في الرابطة، إذ يجب أن يأتي إلى الهيئة النقابية لا أن تذهب هي إليه. ووصفت مندوبة كلية العلوم ـ الفرع الأول وفاء نون برنامج الرابطة بالخطابي لكونه غرق في العموميات من دون أن يسمّي من هي السلطة التي ستواجهها الرابطة، متسائلة ما إذا كان تكرار عبارة الظروف الاستثنائية يحمل في طياته عدم التحرك أو الإضراب. وأكدت أن متلازمة الأستاذ الجامعي أن يكون حراً وناقداً، والمطلوب هو الاستقلالية المالية للجامعة بالدرجة الأولى قبل الاستقلالية الإدارية والأكاديمية.
وسألت مندوبة كلية الفنون ـ الفرع الرابع عبير عطروني الرابطة عن سقف التحرّك، مشيرة إلى أن المؤسسات لا تبنى بالتضحيات كما يفعل أساتذة الجامعة وإنما بالحقوق والواجبات، وكان من الأجدى تضييع سنة تعليمية على الطلاب على أن يقف أساتذتهم مذلولين أمامهم.