تمعن الدولة اللبنانية في خنق جامعتها، فتصادر استقلاليتها ولا تسمح لها بالتوظيف، ولا تعطيها أموالاً لتسيّر أمورها. وفيما الجامعة تمضي عطلة الأعياد، سلّم، أمس، موظفو الصيانة والتشغيل في مجمع الحدث الجامعي المفاتيح وأخلوا مكان عملهم، معلنين الامتناع عن إسداء الخدمات لحين إيجاد حلّ لوضع الموظفين. وحمّلت لجنة موظفي المجمع المسؤولين المعنيين مسؤولية أي ضرر قد يحصل، أو عطل قد يحدث أو فقدان أي شيء.وبحسب مسؤول العمال بشير زعيتر، باءت كلّ محاولات إيجاد الحلول بالفشل، ولم يعد بمقدور أي منّا متابعة العمل وسط الظروف القائمة، فالوعد الذي قطعه رئيس الحكومة بحلحلة الموضوع وتمنيه علينا بتأمين استمرار المرفق العام لم يغيّرا في الواقع شيئاً، فالموظفون لا يزالون بلا رواتب منذ ثلاثة أشهر، والشركة الملتزمة بالصيانة والتشغيل (شركة دنش للمقاولات والتجارة) أوقفت كل الأعمال، بتاريخ 31 كانون الثاني 2023، ورفضت تمديد العقد، ولم يجر تسليمها إلى أي مقاول أو جهة أخرى، رغم أن المناقصة العمومية طُرحت أكثر من مرة، وفق قانون الشراء العام.
وأشار زعيتر إلى «أننا غير معنيين بالنزاع بين الدولة والشركة الخاصة، واللجنة أمهلت المعنيين حتى الرابعة من بعد ظهر اليوم (أمس) لإقفال المكاتب وتسليم المفاتيح، وهي في صدد إعداد كتاب رسمي بالموقف إلى كلّ من وزير التربية عباس الحلبي ورئيس الجامعة بسام بدران تشرح فيه الموقف، علماً أننا أبقينا المولدات شغالة حتى تنطفئ بشكل أوتوماتيكي، كي لا تضطر الجامعة لاستقدام شركة فرنسية لإدارتها من جديد. وإذا حدث أي طارئ له علاقة بمضخات المياه وما شابه فليتحمل المسؤولون النتيجة».
ويتجه الموظفون إلى رفع دعاوى جماعية أمام وزارة العمل لتحصيل حقوقهم المهدورة وتأمين ديمومة عملهم. وقال زعيتر إن اللجنة طلبت تحويل 6 مليارات من الـ45 مليار ليرة التي أقر مجلس الوزراء، في جلسة 6 شباط، إعطاءها للشركة الملتزمة كي تستمر في تسيير المرفق العام، بهدف دعم انتقال الموظفين، إلا أن الطلب قوبل بالرفض.
يتجه الموظفون إلى رفع دعاوى جماعية أمام وزارة العمل لتحصيل حقوقهم


مصادر رئاسة الجامعة قالت إن الحلول ليست بيد الجامعة، فالكرة في ملعب رئاسة الحكومة، وخصوصاً أن مجلس الإنماء والإعمار (ممثل الدولة اللبنانية في العقد مع الشركة الخاصة) نفض يده من كلّ الملف، والشركة الملتزمة غادرت ولا يتقدم أي عارض للمناقصات العمومية للتشغيل والصيانة، بما فيها المناقصة الأخيرة التي أُطلقت قبل 5 أيام.
ونفت المصادر أن تكون الجامعة جاهزة لتسلّم المرفق وتشغيل الكهرباء والمياه فيه، «ولتتحمّل الدولة مسؤوليتها في هذا الصدد، وخصوصاً أن المجمع يضم مختبرات وبرادات تضمّ موادَّ مخبرية تحتاج إلى حرارة (– 80 درجة مئوية) ومركزاً صحياً». وجدّدت المصادر التأكيد على رفض الرئاسة إجراء اتفاق بالتراضي مع أي مقاول، رغم كلّ الضغوط، مشيرة إلى أن رئيس الجامعة سيتواصل مع وزير التربية ليتواصل بدوره مع رئيس الحكومة بغية إيجاد مخرج لهذا المأزق.