كالعادة، في كل ما يتعلق بما تبقّى تحت إدارة هذه الدولة، لا بد أولاً من تهديد أو تلويح بإضراب، تتبعه محادثات، فحلّ جزئي، ثم عودة إلى العمل... في انتظار إعادة الكرّة.هكذا، لم تتوقف الاتصالات مع متعهدي تأمين المواد الغذائيّة للسجون منذ أن أبلغ هؤلاء المديريّة العامّة لقوى الأمن الداخلي، في كتاب الشهر الماضي، نيّتهم التوقّف عن العمل، بسبب خسائر يتكبّدونها بفعل تقلّب الأسعار وتأخر صرف مستحقاتهم المالية. وقد سارعت المديريّة إلى إرسال وفدٍ ضمّ رئيس الإدارة المركزيّة بالوكالة العميد حسين خشفة ورئيس شعبة الشؤون الإداريّة العقيد عصام طقوش للقاء المدير العام لوزارة المالية جورج معراوي والاتفاق على آلية دفع واضحة تُرضي المتعهدين الذين يُطالبون بتسديد 200 مليار ليرة عن الأشهر السابقة المستحقة سلفاً، و40 مليار ليرة كتجديدٍ للعقد من 1 نيسان حتّى 30 حزيران المقبل.
بعد انتهاء الاجتماع، رفع وزير الماليّة في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل إلى رئاسة مجلس الوزراء مشروع مرسوم بنقل اعتماد من احتياطي الموازنة للعام 2023 على أساس القاعدة الاثني عشرية بمبلغ 30 مليار ليرة لتأمين دفع المستحقات التي ستترتّب لمتعهدي تقديم المواد الغذائية والوجبات الجاهزة للسجناء، كما وافق على صرف سلفة طارئة بقيمة 40 مليار ليرة لتجديد العقد.
وتواصلت المديريّة مع المتعهدين لإبلاغهم بما توصّلت إليه مع وزارة المالية، وتعهّدت البتّ في أمور سلف الخزينة خلال 10 أيّام ووافقت على طلبهم بتعديل الأسعار بما يتوافق مع الارتفاع المستمر لأسعار السلع. لكن المعنيّين أكدوا للمتعهدين أنّ الوزارة لن تكون قادرة على تأمين كامل المبلغ (200 مليار ليرة) دفعة واحدة، وسيعمد الخليل الى تقسيط المستحقات على دفعات، قيمة كل منها 30 مليار ليرة. بناءً على ذلك، قرّر المتعهدون العودة إلى تأمين المواد الغذائية إلى السجون بعدما أخذت المديريّة على عاتقها حلحلة أمورهم العالقة.
ويشير مسؤولون في وزارة المالية إلى أنّ الخليل سيدرس مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الصيغ المتاحة لدفع هذه المستحقات، لأنّه ليس بإمكان الوزارة تأمينها من احتياطي الموازنة.