المشهد السياسي أمس عاش إرهاصات ما بعد إعلان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله «دعم» ترشيح زعيم تيار المردة سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، وسط التزام مسؤولي التيار الوطني الحر (باستثناء بعض الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي) بتعميم رئيس التيار جبران باسيل، فور انتهاء الخطاب، عدم التعليق على مضمونه.
(هيثم الموسوي)

وما من شك في أن الخطاب نقل المعركة الرئاسية إلى مرحلة جديدة، خصوصاً أنه جاء من طرف لاعب «فوق محلي»، هو حزب الله، وكان في معظمه موجّهاً إلى الخارج، وتحديداً أطراف لقاء باريس الخماسي. وهذا ما يفسر عدم تسجيل ردود فعل بارزة من بقية الأطراف السياسية المحلية. فيما الرد الوحيد جاء من الرياض التي لوحت بعض وسائل إعلامها (صحيفة «عكاظ») بأن ترشيح فرنجية يهدد بـ«التعجيل بسيناريو الفوضى والانفجار وتزايد الأزمات»، فيما زار سفيرها في بيروت وليد البخاري بكركي، على أن يجول على بعض القيادات السياسية. وعلى عكس الأجواء التفاؤلية التي حاول البخاري إشاعتها من بكركي حيث أكد على «دعم المملكة للاستقرار في لبنان ودعم سيادته، والتزامها بدعم خريطة طريق الإنقاذ، وكل المبادرات الخيرة التي تقوم بها الدول لخلق شبكة أمان»، وقوله إنه «متفائل جداً» وفقَ ما نقل عنه مدير مكتب الإعلام والبروتوكول في الصرح البطريركي المحامي وليد غياض، نقلت مصادر مطلعة أن السفير السعودي «عبّر بصراحة أمام البطريرك بشارة الراعي عن رفض بلاده ترشيح فرنجية». وأكدت المصادر أن «الرياض لا تزال ترفض أي مبادرة حوارية أو إنقاذية، وتصر على خريطة طريق إلغائية، وتضع دفتر شروط لانتخاب رئيس للجمهورية واختيار رئيس للحكومة يتبنيان مشروع المواجهة مع حزب الله والعمل على عزله».
وإلى الشق المتعلق بإعلان دعم ترشيح فرنجية، بقيت الأنظار أمس مشدودة على تأثير هذا الدعم على مستقبل التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر، كما تواصلت القراءات لما تضمنه الخطاب من رسائل إلى التيار، وأبرزها أن تبنّي ترشيح فرنجية لا يقفل باب الحوار غير المشروط بين الطرفين، ويبقي «كوريدوراً» مفتوحاً أمام باسيل ليشكّل رافعة للمرحلة المقبلة، ويحرص على عدم تجاوز التيار في إنجاز الاستحقاق الرئاسي.
بيان للتيار اليوم: ماضون في خياراتنا لانتخاب رئيس يتوافق مع نظرتنا لبناء الدولة وتأمين أكبر إجماع ممكن حوله


وفيما رأت مصادر مطلعة في تعميم باسيل إشارة إيجابية إلى عدم وجود نية للتصعيد، فإن مصادر أخرى أشارت إلى بيان سيصدر عن المكتب السياسي للتيار اليوم، مشيرة إلى أنه سيتضمن تأكيداً على مواقف التيار وليس رداً على إعلان السيد نصرالله «الذي لم يكن مفاجئاً»، بل كان متوقعاً «لأن المشكل الكبير بدأ في الحكومة... ومن الواضح جداً أن الأمور بين الطرفين لم تعد كما كانت». وبالتالي، فإن التيار «ماض في خياراته لانتخاب رئيس يتوافق مع نظرته لبناء الدولة وتأمين أكبر إجماع ممكن حوله». ولفتت إلى أن «الخلاف ليس على رئاسة الجمهورية، بل على انتخاب رئيس على أساس الميثاق والشراكة، وهذه النقطة تشكل اليوم جوهر الخلاف. كذلك فإن الخلاف ليس على نصوص التفاهم بل على روحيته. إذ إن التفاهم لا ينص حرفياً، مثلاً، على وقوف التيار إلى جانب المقاومة في أي حرب ضد إسرائيل، ولكن من الطبيعي أن يكون إلى جانبها وفق روحية التفاهم. وهذه الروحية، بالمثل، تعني الوقوف مع المسيحيين في خياراتهم وعدم ضرب الشراكة الوطنية بعرض الحائط».