أمس، التصق اسم محمد إبراهيم بوسم راج على مواقع التواصل الاجتماعي. محرّكات الناشطين كانت تبحث عمّا يتعلق بالشاب الثلاثيني الذي «أنهى حياته بالرصاص صباحاً في خراج بلدته الوردانية (ساحل الشوف)»، وفق تحقيقات قوى الأمن الأولية. قبل يوم واحد، كان اسم حسين مروة هو الرائج بدلاً من إبراهيم. الشاب الأربعيني أيضاً «أنهى حياته بالرصاص في كرم زيتون في بلدته الزرارية (قضاء صيدا)». وقبلهما، راج اسم الأربعيني علي أبو حمدان الذي «أطلق النار على نفسه في منزله في تعلبايا (قضاء زحلة)». أما فاتحة حوادث الانتحار لهذا الأسبوع، فكانت مع موسى الشامي الذي وجد مقتولاً بالرصاص عند مدخل منزله في دير الزهراني (قضاء النبطية). وفي وقت لاحق، انتشرت رسالة صوتية نسبت إليه، أرسلها قبيل مقتله، إلى أحد أصدقائه يبلغه بنيته الانتحار.المعلن من الأسباب
«تعبت من هالحياة يا علي». عبارة اختصرت رسالة الشامي الصوتية التي سجلها بصوت متهدج تغالبه الدموع. وفيها، ربط إقدامه على الانتحار بالضائقة المعيشية. قرّر الشامي أن يرتاح، لكنه خلّف وراءه زوجة وطفلاً وطفلة، سيواجهون متاعب كثيرة؛ أقلّها «الهجوم على ربّ العائلة الذي لم يكن شجاعاً بما فيه الكفاية» كما علّق البعض على وسائل التواصل. رسالة الشامي جعلت انتحاره يدوّي ويتحوّل افتراضياً إلى قضية رأي عام.
رسالة مروة لزوجته لم تكن مدوّية. «رايح كزدر شوي» قال لها عندما خرج من منزله. وفي كرم زيتون، اتصل بها ليعلمها بأنه سينتحر. احتاجت زوجته إلى وقت لكي تعثر على مكانه بمساعدة الأقرباء. على أنقاض منزل قيد الإنشاء، اختار مروة الموت. ترك بجانبه علبة السجائر والهاتف والسلاح. لم ينجب مروة أطفالاً خلال زواجه منذ أكثر من عشر سنوات. كان يعمل في التجارة الحرة، ويعتاد يومياً أن يوصل زوجته إلى مكان عملها في بيروت قبل أن يعودا مساء إلى الزرارية. برنامج يومي منهك يشبه يوميات الكثير من اللبنانيين الذي يقيمون في الأطراف المهمشة في ظل غياب النقل العام. خلال أحداث 17 تشرين، شارك مروة في التظاهرات الاحتجاجية، ولا سيما تلك التي نظّمت أمام مصرف لبنان وفروع المصارف.
اختار أبو حمدان الموت بهدوء أكبر. برغم انتمائه إلى أسرة ميسورة، إلا أنّه عانى أخيراً من أزمات مالية استدعت دعاوى قضائية. أزمات باعدت المسافات بينه وبين زوجته وأطفاله المقيمين في الخليج ومنعته من الالتحاق بهم. أكبر أطفاله في الخامسة عشرة من العمر وأصغرهم في الثالثة من عمره.
العدد الأكبر من حالات الانتحار سجّل عام 2019 حيث بلغ 172 حالة


آخر المنتحرين صباح أمس، كان محمد إبراهيم، الوالد لطفلة وطفل والموظف في صندوق تعاضد القضاة في قصر عدل صيدا. المعطيات الأولية تفيد بأن «لديه ديوناً مالية تفوق الـ 150 ألف دولار أميركي بعد تورطه بألعاب القمار والبورصة عبر المواقع الإلكترونية التي تحذّر منها الأجهزة الأمنية».
معدلات أقلّ
هذا العدد من المنتحرين قد يوحي بأن الانتحار صار ظاهرة أخيراً بسبب التفاعل الذي تحظى به قصص أصحابه على «السوشيال ميديا». لكن الأرقام لا تزال أقل من معدلات السنوات الماضية، بحسب «الدولية للمعلومات». يوم الخميس الفائت، أعادت نشر بياناتها حول نسب الانتحار في لبنان، ولفتت إلى أنه «خلال عام 2022 تراجعت حوادث الانتحار مقارنة بعام 2021. إذ بلغ المتوسط ما بين 2013 و2022 ، 143 حادثة». وأشارت إلى أن العدد الأكبر سجّل عام 2019، حيث بلغ 172. أما العدد الأدنى، فقد سجّل عام 2013 وبلغ 111.