ما الذي حلّ بنا؟ بعد رحيلك تفرّق الأصحاب والأحبّة. وبات كل منّا يدّعي أنه يعلم علم اليقين موقفك من الأحداث التي وقعت بعد رحيلك. كلّ بحسب هواه. بعد رحيلك تغيّر كل شيء، ولم يعد أحد يستمع إلى خطابات جمال عبد الناصر في آخر الليل.
بعد رحيلك غابت ساعات القراءة الطويلة واختفت أكوام التقارير والمقالات والكتب التي كنت تطالعها يومياً، وزالت حلقات النقاش واللقاءات مع من لا نعرفهم. بعد رحيلك أصبح التدخين ممنوعاً في المكاتب والممرات وانتقلنا إلى العالم الافتراضي.
لكننا ما زلنا هنا، وما زالت أحلامنا وقيمنا وطموحاتنا رغم كل شيء. فنحن لم نؤسس ملحقاً للأخبار مخصص للعدل والإنصاف، بل أطلقناه في موعد متأخر وهو استمرار وامتداد لما كنا قد تناولناه من أفكار وقيم، حين كنت تجمعنا في مبنى الكونكورد.
بعد رحيلك، نسعى إلى تقديم ما يمكن أن يساهم في زيادة المعرفة وتثبيت القيم وفتح آفاق الفكر والنقاش.
بعد رحيلك، نستمرّ ونتذكّرك كل يوم ومع كل عدد نصدره. نشتاق إلى خطك الأحمر وملاحظاتك بالقلم الأزرق على هوامش آخر أوراقنا قبل أن تتمكن الشاشة من ابتلاعها تماماً. بعد رحيلك، استعيد مشهد تحكّم أصابعك بالقلم وحركة تدوين الكلمات وكأن القلم يرقص على الأوراق ويرسم الموسيقى.
بعد رحيلك، ما زلنا على الخطّ، نتنشق عطر سترتك العسكرية يوم رافقت القائد الشهيد الحاج رضوان في جولة تفقّدية على بعض مواقع المقاومة مع الرفيق العزيز إبراهيم الأمين.
بعد 16 سنة على رحليك، ما زلنا نصدر صحيفتنا على الرغم من كل المطبّات والتغييرات والتحدّيات. وما زال المشروع الذي طالما راهن البعض على زواله. صحيح أن أشياء كثيرة قد تغيّرت، لكننا مستمرّون بما لدينا. ونعد القرّاء أن في جعبتنا أفكار ومعلومات وقيم نعمل على جمعها وترتيبها وصياغتها لننطلق من جديد في نهاية كل أسبوع ونعرض بعضاً مما تعلمناه من جوزيف سماحة.