يعكس ما حصل في معهد العلوم الاجتماعية ـ الفرع الأول في الجامعة اللبنانية انحدار العمل الطلابي إلى مستويات مقلقة. لا يزال الطلاب خارج المشهد الجامعي، قابعين في مناخ من الصراعات الحزبية الاستئثارية التي تقسمهم وتصادر دورهم في الدفاع عن حقوقهم، ويبدون عاجزين عن الخروج من هذا المناخ نحو الاتفاق على أبسط الأمور مثل نظافة جامعتهم.ما طلبه مدير الفرع، عاطف الموسوي، أخيراً، من الطلاب هو المحافظة على نظافة معهدهم وحماية موارده، لا سيما أن المعهد، على غرار سائر كليات الجامعة اللبنانية في المجمعات وخارجها، يتدبّر أموره بموازنة شحيحة للتشغيل والصيانة والنظافة «وليس مقبولاً أن تُرمى الأوساخ في الممرّات وعلى الأدراج، وأن يهدر خزان مياه بكلفة 100 دولار في اليوم التالي لشرائه، فالنظافة فعل يومي ويُنتظر من الطلاب أن يكونوا نظيفين ومسؤولين لا أكثر، فلا أحد يطلب منهم لا جمع أموال لهذا الموضوع ولا غير ذلك»، على ما يقول الموسوي. هي إذاً مبادرة للتوعية انتهت في مكان آخر...

شكوى إلى الرئاسة
يشير الطالب الناشط خضر أنور في اتصال مع «الأخبار» إلى تهديد تعرض له من «مجلس طلاب الفرع غير الشرعي»، إذ مُنع ومجموعة من زملائه من دعوة طلاب المعهد إلى جلستي نقاش بشأن ملف النظافة بعنوان: بيئة سليمة. «تجمّع نحو 15 شاباً على باب المعهد في موعد الجلسة الأولى، وتحوّل النقاش من ورشة النظافة الحائزة على إذن من مدير الكلية، إلى سؤالنا بشكل استفزازي عن هويتنا بحجة أننا نعمل تحت اسم لجنة طلابية، وهو اسم اقترحه أحد الأساتذة، فتريّثنا وقصدنا عدم تصعيد الموقف والانتظار حتى موعد جلسة النقاش الثانية. فوجئنا بانعقاد جلسة لمجلس طلاب الفرع حضرها نحو 12 شخصاً ومن بينهم أشخاص غير مسجلين في المعهد، ودعوتنا لحضورها وتهديدنا وقمعنا بعدم تنظيم النشاط، إلى أن تدخل أحد الطلاب الوسطاء من تكتل طلاب الجامعة اللبنانية لإيجاد تسوية بيننا، وقد مضى أسبوع كامل من دون أي نتيجة، فقرّرنا اللجوء إلى رئاسة الجامعة لمعالجة القضية فطلب منا تقديم شكوى، ونحن ننتظر محاسبة المرتكبين».
اشترى مدير الفرع مياهاً بكلفة 100 دولار أهدرت في اليوم التالي بسبب إهمال الطلاب


وكان أنور نشر على مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلاً صوتياً ومنشوراً يقول فيه إن «هذا التهديد من المجلس تبع الحزب (حزب الله)»، مشيراً إلى أن القضية «لم تعد مسألة نظافة إنما قصة حريات في الجامعة، وبتنا نشعر بأننا غير قادرين على التعلم في ظل قمع مجالس الطلاب غير الشرعية للحركات الطلابية الاحتجاجية، فالمعركة أكبر من تهديد شخصي، هي معركة الجامعة الوطنية». وطالب بتحويل الأشخاص المهدِّدين إلى المجلس التأديبي. وبعد تقديم الشكوى، تحدث أنور عن ثلاث مواجهات، وهي الدفاع عن الجامعة الوطنية، ومواجهة أدوات النظام في الجامعة، واستعادة الدور الفاعل والتقدمي والثوري للطلاب داخل المجتمع».

فبركة وتضخيم
من جهته، يقدم رئيس مجلس طلاب الفرع، جواد سيف الدين، رواية أخرى، فيلفت إلى أن «كلام أنور عن تجمع 15 شخصاً وسجنه في الغرفة (العدد في الاجتماع لم يتجاوز 4 أشخاص من جانبنا وجانبهم)، وتهديده، غير صحيح ويندرج في إطار الفبركات والتضخيم الإعلامي، وتوزيع التسجيل هدفه الاستفزاز، لكونه نُشر مجتزأً وحذفت منه مقاطع». ويرى سيف الدين أن «ما حصل لا يتجاوز خلق فتنة سياسية وتشتيت الطلاب، فيما فتحنا له صدورنا وأبدينا استعدادنا للتعاون معه والعمل في خدمة الجامعة من دون التمييز بين الطوائف والأحزاب». يضيف: «قال لنا حرفياً إنّه لم يأت إلى الجامعة ليتعلم، ويأخذ شهادة إنما لينشر فكره في صفوف الطلاب، في حين أن مجموعة الأشخاص التي يعمل معها لا تتجاوز 6 أشخاص، ويريد أن يشكل لجنة طلابية موازية للمجلس الطلابي باختيار مندوب عن كلّ صف، وهو ما رفضناه وترفضه الإدارة». ويسأل: «لو أن نظافة الجامعة تهمه فعلاً لماذا لم يشارك في حملة التنظيف التي دعوناه إليها؟ ما يريده هو الهجوم على مجلس الطلاب وعلى الأساتذة وتغيير النظام وهذا ما قاله بالحرف، وهذا ما يقصده بالبيئة السليمة، وهو لا يمكن أن يفعله».

عودة إلى الإدارة
بحسب مصادر جامعية، حوّل رئيس الجامعة بسام بدران الشكوى إلى عميدة الكلية مارلين حيدر، التي حولتها بدورها إلى مدير الفرع. وكان المدير شكل لجنة تحقيق من أستاذين في مجلس فرع الكلية، مستغرباً عدم توجّه أنور إليه. وقال: «دعوت الطلاب ليكونوا نظيفين لا أن يقوموا بأعمال وسخة، فالتهديد إذا كان صحيحاً مرفوض جملة وتفصيلاً، والخروج بهذه الطريقة إلى مواقع التواصل الاجتماعي وتقديم المعهد على هذا النحو أمر مرفوض أيضاً»، مشيراً إلى أن المطالبة بإجراء الانتخابات الطلابية والوقوف مع إصلاح الجامعة ضد الفساد هو كلام حق، وأؤيده شخصياً وسأدافع عنه.



افتتاح سكن الحدث في أوائل آذار؟
طمأنت مصادر جامعية إلى أن هناك مساعي حثيثة لافتتاح السكن الطلابي في مجمع الجامعة اللبنانية في الحدث في أوائل آذار المقبل، ورئيس الجامعة بصدد إطلاق مناقصات جديدة للصيانة والتشغيل والنظافة والحراسة خلال هذين اليومين. وجرى استمهال العمال في انتظار صدور نتائج المناقصة وإعلان أسماء المقبولين لدخول السكن. يجدر التذكير بأن كلفة السرير في السكن هو مليون ليرة، في حين أن الكلفة تتراوح بين 100 و150 دولاراً خارج الحرم الجامعي.