تعدّ بلدية بيروت لإجراء مناورات حية، كنوع من التدريب على التصرّف في حال وقوع زلزال، في إجراء عملي يكاد يكون الوحيد لطمأنة المواطنين القلقين من الهزّات الأرضية المتلاحقة منذ 6 شباط الفائت، تاريخ وقوع الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا، ومن المتوقّع أن تستمرّ لفترة كما يقول الخبراء.فقد أحيا الزلزال، وما تبعه من هزّات صدّعت بعض جدران البيوت، قلقاً لدى الناس وتحميلاً للمسؤوليات، من دون حيلة، في ظلّ دولة مفلسة وبلديات شبه منهارة ومواطنين غالبيتهم من الطبقات الفقيرة التي لا تملك سوى الدعاء. ويبدو قلق الناس مبرّراً في ظلّ تأكيدات عدد من المهندسين أن غالبية الأبنية في الضواحي لا تحتاج إلى إجراء مسح عليها، لأنها ببساطة «أبنية غير صالحة للسكن». على الرغم من ذلك ترتفع أصوات الناس مطالبة البلديات بالتحرّك، فماذا فعلت البلديات التي تواصلت معها «الأخبار»، سائلة عن الإجراءات التي اتخذتها ما بعد الزلزال في مسح الأضرار ومعرفة إن كانت المباني صالحة للسكن أم لا.

بيروت: مناورة حية
يقول محافظ بيروت القاضي مروان عبود إن البلدية تجري مسوحات هندسية وفقاً للطلب. مشيراً إلى أمر أكثر واقعية وهو عمل البلدية على إجراء مناورات حية ستبدأ قريباً «كتدريب على التعامل في حال وقع زلزال انطلاقاً من غرفة عمليات تُحدّد فيها منذ الآن طواقم الإنقاذ ومواقع الآليات لرفع الأنقاض، والاتصالات والممرات...» لافتاً إلى ضرورة الكشف على المباني الإستراتيجية والحيوية وتدعيمها، مثل: ثكنات الدفاع المدني، المستشفيات، محطات تكرير المياه،وخزانات المياه.

الضواحي: البناء العشوائي مهدّد
رئيس بلدية الغبيري معن الخليل أكد أن غالبية المباني في المناطقة العشوائية (الأوزاعي والسان سيمون) التي بنيت من غير تراخيص، «وضعها سيّئ ومهدّدة بالسقوط حتى من دون حاجة إلى هزة». مشيراً إلى أن البلدية تقوم بالكشف بناءً على الطلبات، وقد وردت عشرات الاتصالات المطالبة بالكشف وهو يحتاج إلى شركات مختصّة».
وفي الحدث أيضاً تلقّت البلدية عشرات الطلبات من الأهالي للكشف على المباني بحسب ما يقول رئيس البلدية جورج عون «الناس خائفون، وقد حوّلنا الطلبات إلى نقابة المهندسين والهيئة العليا للإغاثة لأن البلديات لا تملك الإمكانات وقانون الشراء العام لا يعطيها الإمكانية للصرف، فالفحص المخبري لمتانة الباطون وقوته كلفته نحو 1000 دولار»، لافتاً إلى أن «النطاق البلدي يحوي مبانيَ آيلة للسقوط منذ ما قبل الزلزال ووضعنا إنذاراً بالإخلاء».
في السياق نفسه، يشير رئيس بلدية الشويفات جهاد حيدر إلى أن «حال أغلب المباني مخيف من غير الحاجة إلى هزّة، خصوصاً تلك غير المرخّصة، ونحن نتابع وضعها منذ ما قبل وقوع الزلزال الأخير». مؤكداً «حتى بعض المباني الحديثة غير خاضعة للمواصفات، تسلّمها مهندسون تجار، وفّروا على حساب المواصفات، ونتمنى أن لا نصل إلى وقت يدفع فيه الناس الثمن غالياً من أرواحهم».
من جهته، يقول رئيس بلدية برج البراجنة عاطف منصور إن «بعض البيوت قد تكون تضرّرت بفعل الهزة، إذ تقدّم نحو 300 شخص بطلب للبلدية من أجل الكشف. بعضهم أُنذر بضرورة الإخلاء وبعضهم بضرورة الترميم». لكن في المحصّلة الكثير من الناس يعلمون أنهم يعيشون في بيوت خطرة لكن ما الذي سيفعلونه في غياب البدائل؟ «البلدية تقوم بواجباتها، وكثير من الأبنية لم يؤثر فيها الزلزال لكنها متصدّعة وبحاجة إلى ترميم وهي بمثابة قنبلة موقوتة أغلبها تعديات بنيت بدون إشراف هندسي ولا سيما في منطقة المرامل والأوزاعي». ويحمّل منصور الدولة مسؤولية تأمين السيولة واتخاذ القرارات في هذا الصدد.

برج حمود: الله يستر!
في برج حمود، «الأحوال سيئة جداً» كما يشير رئيس دائرة الشرطة والحراس جرجيوس جرادي، حيث غالبية البيوت قديمة، «أكثر من نصفها بني في أوائل القرن العشرين من الحجر الرملي. وكانت البلدية قد أخلت 4 بنايات ما قبل الهزة الأخيرة لأنها آيلة للسقوط. حالياً فرّغ الجهاز الفني في البلدية نفسه للمسح، لكن المسح الشامل يحتاج إلى وقت كون المنطقة كبيرة. سبق أن قدّمنا 250 إخطاراً إلى الناس بتصليح بعض المباني المتصدّعة، غير أن قدرة الناس على الترميم معدومة بسبب الأحوال الاقتصادية السيئة». ويشير إلى أن الخطير في الموضوع هو «أن بعض مردات الشرفات «البلكون» قد تسقط في أي لحظة، مهدّدة السلامة العامة ويجب ترميمها، وهذا غير سهل لأن معظم الناس هم من الطبقات الفقيرة، لذلك لا نقول إلا الله يستر».