واشنطن | بكثير من التهكّم، سأل رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى لبنان إرنستو راميريز ريغو الوفد النيابي اللبناني الذي يزور الولايات المتحدة برئاسة نائب رئيس مجلس النواب الياس يو صعب، عما إذا كانوا يعلمون أن موازنة 2022 - 2023 كان يجب أن تقر قبل أكثر من ثلاثة شهور. وبكثير من الصرامة، عدّد المسؤول الدولي بعضاً من بنود القائمة الطويلة للإصلاحات التي كان الصندوق ينتظر إقرارها، مشيراً إلى قانون السرية المصرفية الذي تم التوافق عليه في اللجان النيابية المشتركة «عُدّل بما لا يتناسب مع مقترحات الصندوق»، وأن الموازنة التي كان يُفترض أن تكون «موازنة طوارئ»، لحظت زيادة في رواتب القطاع العام، خلافاً لكل توصيات الصندوق، من دون تقديم أي تصور لزيادة ملموسة في الإيرادات. كما أبدى راميريز استياء شديداً من الفضائح المتمثلة بنيّة الحكومة إحياء الهيئة العليا للمصارف.الاجتماع مع صندوق النقد في 31 الشهر الماضي، كان من ضمن جدول أعمال زيارة الوفد (بو صعب، نعمة افرام، ياسين ياسين ومارك ضو) للولايات المتحدة. في مستهل اللقاء، قدم الوفد اللبناني عرضاً مسهباً عن عمل اللجان النيابية تمهيداً للبت بقانوني الـ«كابيتال كونترول» وقانون السرية المصرفية في الهيئة العامة لمجلس النواب، وطالب بتوضيح ماهية مطالب الصندوق، خصوصاً بالنسبة للودائع، وخطة التعافي وغيرهما. غير أن المشاركين فوجئوا بحديث صارم لراميريز ريغو في الشكل والمضمون.
عند البحث في أموال المودعين، كرر بو صعب ما قاله في مطلع الاجتماع عن استحالة شطب ديون الدولة، فأجابه نائب المدير المسؤول عن الملف اللبناني تانوس أرفانتيس بأن اقتصاد لبنان انهار، ومصرف لبنان في حالة استنزاف، ومؤسسات الدولة تخسر والبلد أفلس. وفي النتيجة، على الحكومة من خلال سياستها الضرائبية أن تحدد من سيتحمل الخسائر. وعندما أشار بو صعب إلى إمكان الاستفادة من ممتلكات الدولة العقارية لإنشاء مناطق حرة، مثلاً، يمكن للشركات الأجنبية الاستثمار فيها، أكد أرفانتيس أن «عليكم بذل الجهد في لبنان وليس في أي مكان آخر، ويفترض بمجلس النواب اللبناني أن يأخذ مبادرة وضع استراتيجية وطنية، وعندها سيلاقيه الصندوق في منتصف الطريق». ولفت أرفانتيس الزوار اللبنانيين إلى أن «قطاع الاتصالات لم يعد مربحاً، وشركة الكهرباء تعجز عن تأمين ساعتي تغذية يومياً، فيما استثمار الأصول العامة نسمع الكثير عنه من دون أي ترجمة على أرض الواقع.
على الحكومة من خلال سياستها الضرائبية أن تحدد من سيتحمل الخسائر


وعندما طالب افرام بـ«توحيد الرواية بشأن الأسباب المباشرة للانهيار في لبنان»، أجابه راميريز ريغو بأن سبب الأزمة هو «النظام المالي، وسعر الصرف، والخسائر الفادحة التي تكبّدتها مؤسسات الدولة»، مذكّراً النائب اللبناني باعتماد البنك الدولي مصطلح «الاحتيال الهرمي» في تشخيص أسباب الانهيار. وشدّد على أن إفلاس الدولة ليس مرتبطاً فقط بعدم دفع مستحقات اليوروبوندز، إذ إن خسائر مصرف لبنان تبلغ 70 مليار دولار والاستنزاف متواصل.
وحين حاول بو صعب الإشارة إلى بعض الإيجابيات كبدء المسح البيئي في ما يتعلق بالنفط، بموازاة دخول 10 مليارات دولار البلد عام 2022، فيما لفت افرام إلى أرباح أصحاب مولدات الكهرباء، قاطع المسؤول الدولي ضيوفه بأن «ما يجب أن تعرفوه بوضوح هو أن قانون إعادة هيكلة المصارف لا يسهل الاتفاق بين لبنان وصندوق النقد. هناك دراسة يعدّها الصندوق حول لبنان، ليست ملزمة طبعاً، لكنها تشكل خريطة طريق لمجلس النواب، في حال أراد لبنان فعلاً الاستفادة من الصندوق».