بدأ الموقوفون احتياطياً في السجون تحركات احتجاجية للمطالبة بإخلاء سبيلهم بعد إخلاء سبيل الموقوفين في قضية تفجير مرفأ بيروت. قد يظن بعض القضاة أن إخلاء السبيل أمر خطير، في حين أن استمرار التوقيف الاحتياطي هو الأمر الذي يقتضي تلافيه. فالأصل هو الحرية، فيما التوقيف هو الاستثناء، كما سبق أن بيّنت «القوس» في مقال بعنوان «التوقيف الاحتياطي المستدام خلافاً للقانون» (راجع «القوس»، عدد 1 تشرين الأول 2022). «الحلّ» لمن يطالب بعدم إطلاق سراح «الجناة» هو بتسريع محاكمتهم وتوقيع العقوبات المناسبة عليهم، لا سيّما أن قانون أصول المحاكمات الجزائية نصّ على الاستعاضة عن توقيف المدعى عليه بوضعه تحت المراقبة القضائية، وبإلزامه بموجب أو أكثر من الموجبات التي يعتبرها ضرورية لإنفاذ المراقبة. كما لا بد من تعديل المادة رقم 108، قانون أصول المحاكمات الجزائية، للحاجة الملحّة إلى وضع حد أقصى للتوقيف الاحتياطي في كل الجرائم من دون استغلال الاستثناءات
متى يقتضي إخلاء سبيل الموقوفين احتياطياً؟
عملاً بقانون أصول المحاكمات الجزائية، لا سيّما المادة 108 منه، يقتضي إخلاء سبيل الموقوف احتياطياً والمتهم بجريمة عقوبتها الجنحة بعد شهرين من توقيف المتهم، أو بعد تمديد المدة لأربعة أشهر كحد أقصى فقط في حالة «الضرورة القصوى».
كما يقتضي إخلاء سبيل الموقوف احتياطياً بجريمة عقوبتها الجناية بعد ستة أشهر من توقيف المتهم، ولا يمكن تجديد الستة أشهر سوى لمرة واحدة بقرار معلّل. وبعد انقضاء هذه المدة، على قاضي التحقيق أن يقرر إخلاء سبيله أو تركه.

ما هي الاستثناءات على المدة القصوى للتوقيف الاحتياطي؟
في الجنحة: المحكوم عليه سابقاً بعقوبة مدتها سنة على الأقل.
أما في الجنايات: يُستثنى الموقوف المحكوم عليه سابقاً بعقوبة جنائية وجنايات القتل والمخدرات والاعتداء على أمن الدولة والجنايات ذات الخطر الشامل وجرائم الإرهاب.

هل للقرار الصادر بمنع السفر مدة قصوى؟
يمكن لقاضي التحقيق أن يقرر منع المدعي عليه من السفر لمدة لا تتجاوز الشهرين في الجنحة، والسنة في الجناية من تاريخ إخلاء سبيله أو تركه.

هل يمكن للقاضي توقيف المتهمين خلافاً للقانون؟
لا يحق للقاضي الاستمرار بتوقيف المتهمين خلافاً للقانون فيتعرض القائم بالتحقيق (ولو كانوا من قضاة النيابة العامة أو من عناصر الضابطة العدلية) إضافة إلى العقوبة المسلكية، إلى عقوبة الحبس لمدة تتراوح ما بين ثلاثة أشهر إلى سنة، وبغرامة تتراوح بين مليوني ليرة لبنانية وعشرة ملايين ليرة لبنانية في حال لم يراع أياً من الضمانات الأساسية للموقوف بما فيها احتجازه خلافاً للقانون.

كيف يتم إطلاق سراح الأشخاص الموقوفين بصورة غير مشروعة؟
عملاً بالمادة 403 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، يتوجب على كل من النائب العام الاستئنافي أو المالي والقاضي المنفرد الجزائي، كل ضمن حدود اختصاصه، عندما يبلغه خبر توقيف أحد الأشخاص بصورة غير مشروعة، أن يطلق سراحه بعد أن يتحقق من عدم مشروعية احتجازه، وإذا أهمل أي منهم العمل بما تقدم يلاحق مسلكياً.

ما هي واجبات قاضي التحقيق بعد التوقيف؟
خلال مدة 24 ساعة على توقيف أي متهم، يتوجب على قاضي التحقيق أن يستجوبه. وفي حال مرور مهلة الـ24 ساعة من دون استجوابه، يتوجب على رئيس النظارة أن يحضر، من تلقاء نفسه، المدعى عليه إلى النائب العام الذي يطلب من قاضي التحقيق استجوابه، وفي حال لم يتم استجوابه، يتوجب على النائب العام اتخاذ القرار بإطلاق سراحه في الحال.

هل يلزم قاضي التحقيق باتخاذ القرار بتوقيف المتهم؟
عملاً بالمادة 111 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، يمكن لقاضي التحقيق أن يستعيض عن التوقيف الاحتياطي بفرض المراقبة القضائية، مهما كان نوع الجرم حتى في الجنايات وفي الجنح المعاقب عليها بالحبس لأكثر من سنة. فالمراقبة القضائية هي البديل عن التوقيف الاحتياطي. ويمكن للقاضي إلزام الموقوف بإيداع جواز السفر لدى قلم دائرة التحقيق، وإعلام المديرية العامة للأمن العام بذلك، أو تقديم كفالة ضامنة يعيّن مقدارها قاضي التحقيق أو غير ذلك من الإجراءات المحددة في المادة المذكورة آنفاً.

متى يجب أن يُخلى سبيل الموقوف؟
◦ يقتضي أن يُخلى سبيل الموقوف إذا كانت الجريمة من نوع الجنحة بحيث يخلى سبيله بحق بعد انقضاء خمسة أيام على تاريخ توقيفه. أما الاستثناء فهو: إذا كان قد حكم عليه سابقاً بعقوبة جرم شائن أو بعقوبة الحبس مدة سنة على الأقل.
أما في جميع الجرائم الأخرى، وإذا لم تتوافر شروط تخلية السبيل بحق، يمكن لقاضي التحقيق، بعد استطلاع رأي النيابة العامة، أن يقرر إخلاء سبيل المدعى عليه الموقوف، إذا استدعاه وتعهد في استدعائه بحضور جميع معاملات التحقيق والمحاكمة وإنفاذ الحكم، لقاء كفالة أو من دونها.
وفي حال الرفض، للمدعى عليه أن يستأنف أمام الهيئة الاتهامية قرار تخلية السبيل في مهلة 24 ساعة من تاريخ إبلاغه إياه.
وحتى إذا استأنفت النيابة العامة أو المدعي الشخصي القرار القاضي بإخلاء سبيل المدعى عليه أو بتركه أو باسترداد مذكرة توقيفه المخالفة للأصول، فإن الاستئناف يوقف إنفاذ القرار حتى البت فيه خلال مهلة 24 ساعة فقط. وإذا انقضت هذه المهلة من دون أن تتخذ الهيئة الاتهامية قرارها فعلى النائب العام أن يطلق سراحه حكماً.
وفي حال لم يتم استجواب الموقوف من قِبل قاضي التحقيق خلال 24 ساعة من توقيفه أيضاً، يتوجب على النائب العام اتخاذ القرار بإطلاق سراحه في الحال.
للقاضي المنفرد أن يقرر إخلاء سبيل المدعى عليه الموقوف بعد أن يستطلع رأي النيابة العامة.
أما في حال كانت الدعوى غير جاهزة للحكم في الجنحة المشهودة وقرر القاضي المنفرد إرجاءها إلى موعد آخر لا يتجاوز العشرة أيام، له أن يخلي سبيل المدعى عليه تلقائياً عند عدم وجود ادعاء شخصي أو بناء على استدعاء منه، بكفالة أو من دونها، إذا وجد أن لا ضرورة لاستمرار توقيفه، شرط أن يتخذ المدعى عليه المخلى سبيله محل إقامة له في البلدة أو المدينة التي يقع فيها مركز القاضي المنفرد. ويمكنه، في هذه الحالة، أن يقرر منعه من السفر إذا رأى ضرورة لذلك لمدة لا تتجاوز الشهرين.
يتوجب على كل من النائب العام الاستئنافي أو المالي والقاضي المنفرد الجزائي أن يطلق سراح الموقوف بعد التحقق من عدم مشروعية احتجازه


إذا فسخت المحكمة الحكم المستأنف وقضت بإعلان براءة المدعى عليه أو بإبطال التعقبات في حقه، تقضي في الوقت نفسه بإطلاق سراحه إذا كان موقوفاً.
على النيابة العامة إطلاق سراح الموقوف فوراً إذا انقضت مدة عقوبته قبل البت في استئنافه المقدم لاستئناف قرار القاضي المنفرد الجزائي.
إذا قضت المحكمة ببراءة المتهم أو بكف التعقبات في حقه، تحكم بإطلاق سراحه فوراً إن لم يكن موقوفاً لداع آخر.



أسباب التوقيف
«يجب أن يكون قرار التوقيف معللاً، وأن يبيّن فيه قاضي التحقيق الأسباب الواقعية والمادية التي اعتمدها لإصدار قراره، على أن يكون التوقيف الاحتياطي الوسيلة الوحيدة للمحافظة على أدلة الإثبات، أو المعالم المادية للجريمة، أو للحيلولة دون ممارسة الإكراه على الشهود أو على المجني عليهم، أو لمنع المدعى عليه من إجراء أي اتصال بشركائه في الجريمة أو المتدخلين فيها أو المحرّضين عليها، أو أن يكون الغرض من التوقيف حماية المدعى عليه نفسه أو وضع حد لمفعول الجريمة أو الرغبة في اتّقاء تجددها، أو منع المدّعى عليه من الفرار أو تجنيب النظام العام أي خلل ناجم عن الجريمة» (قانون أصول المحاكمات الجزائية، المادة 107، فقرة 3).