مع بداية العام الجديد تنضم مشكلة الإيجارات إلى سلة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها اللبنانيين، بين مالك لا يملك ومستأجر مهدد بالتشرد وقضاة معتكفين. ويبدأ خلاف جديد، هل هذه السنة هي بداية السنة التمديدية الأخيرة للعقارات السكنية بموجب القانون الصادرعام 2014، أم هي سنة عادية استناداً للقانون التعديلي الصادر عام 2017؟ السكن هو حق مقدس للفرد في أي دولة من دول العالم، إلا لبنان "بلد القداسة"، لا قداسة فيه لأيّ من الحقوق المتعلقة بالمواطن. فأزمة الإيجارات ليست من الأزمات المستجدة الناتجة عن تدهور الوضع الاقتصادي، إنما عمرها من عمر الاستقلال. فهي تعود إلى المراحل الأولى للهجرة الداخلية من البلدات اللبنانية نحو العاصمة بيروت للعمل والدراسة، بسبب غياب سياسة إسكانية شاملة والإنماء غير المتوازن، حيث كانت تحكم علاقة المالك والمستأجر قوانين إيجار استثنائية
يملك حسن مبنى مؤلفاً من خمس طوابق في منطقة الشياح العقارية، عشر شقق سكنية ومحلّين تجاريين لا يكفيان لتأمين أدنى مقومات العيش. يقول حسن إنه قام بتحرير شقتين بعد دفع تعويض للمستاجرين وهو يتقاضى حالياً 450000 ل.ل. بدل إيجار شهري عن كل شقة منهما. أما الشقق الأخرى فبحكم العشرة والجيرة نجح بعد صدور قانون الإيجار الجديد عام 2014 بالاتفاق مع قاطنيها على تحديد البدل العادل وتنظيم عقود تصل قيمة إيجار الشقة في السنة التمديدية التاسعة بعد اضافة كل الزيادات القانونية إلى 300000 ل.ل. أما بالنسبة للمحلّين، يبتسم حسن بسخرية موجعة قائلًا: "25000 لا أدري إن كانت تكفي ثمن ربطة خبز".
وبحساب سريع، يضيف حسن أنه في نهاية العام 2023 يصبح مدخوله الشهري 3350000 ل.ل. أي حوالي 70$ في حال حافظت الليرة اللبنانية على قيمتها الحالية مقابل الدولار، وهو أمر مستحيل. ويتابع حسن: "في السابق كنت أعتمد على الشقتين المحررتين لتأمين الحد الأدنى من احتياجاتي، لكن بعد الأزمة وتدهور قيمة الليرة، أصبح الأمر صعب وغيرمحمول، يضاف إليه خوفي الدائم من تصدّع المبنى والتسبب بإيذاء أحدهم بسبب عدم القدرة على صيانته ورفض المستأجرين المساهمة بذلك".
في المقابل، يشتكي الكثير من المستأجرين القدامى والجدد من وضع الإيجارات في لبنان، فمنهم من يعترض على دولرة بدل الإيجار بالنسبة للإيجارات الجديدة، ومنهم من يعترض على اعتبار سنة 2023 السنة التمديدية الأخيرة، والبعض الآخر يعتبر أن هذا القانون مجحف وسيؤدي إلى تهجير المستأجرين لا سيّما كبار السن.
فما بين فريق المالكين وفريق المستأجرين الكثيرمن الخلافات وشيء واحد يجمعهم هو تخلي الدولة عن مواطنيها وتركهم يصارعون أزمات لا حول لهم فيها ولا قوة.

بدلات بالدولار
مع استمرار الأزمات الاقتصادية في لبنان وانحدار قيمة العملة اللبنانية وارتفاع سعر صرف الدولار من 1500 ليرة ليتراوح حالياً بين 48000 ل.ل. و50000 ل.ل. ومع الغياب التام للدور التشريعي الواضح وانعدام قيمة إيجار العقارات المستأجرة الخاضعة للقانون 159/92، التجأ أصحابها إلى إبرام عقود إيجار بالعملة الأجنبية، مما طرح عدة إشكاليات قانونية حول صحة هذه العقود وقانونية استيفاء البدل بغير العملة اللبنانية.



فبين من يعتبر أن النظام الاقتصادي اللبناني نظام حر، وأن قانون الموجبات والعقود كرّس مبدأَي حرية التعاقد وإلزامية العقد، وأعطى في المادة 301 من قانون الموجبات والعقود الفرقاء حرية اشتراط الإيفاء بالعملة الأجنبية، وبين من اعتبر أن الإيفاء بغير العملة اللبنانية هو انتهاك للنظام العام ومخالف لقانون النقد والتسليف. ومع اعتكاف القضاء الذي شرّع الأبواب على مصراعيها أمام خلافات جديدة بين المالك والمستأجر، وفرض واقع جديد لا يلام عليه المالك وهو دولرة عقد الإيجار. فعدم استقرار قيمة العملة اللبنانية وضعت المالك أمام خيارين إمّا عدم التأجير، مما يسبب أزمة إسكانية وارتفاع كبير بقيمة الإيجارات وهو ما شهدناه في الفترة السابقة، أو الاتفاق على البدلات بالدولار وإيفائها إما بالدولار نقداً أو بالعملة اللبنانية وفقاً لسعر صرف السوق.
لا يمكن اعتبار هذا الحل من الحلول الفضلى، ولو أنه يُنصف المالك إلى حد ما، في حال التزم المستأجر بالدفع ولم يستغل الاعتكاف القضائي مهدداً إياه بعبارة "روح إرفع دعوى". لكن في المقابل هو مجحف بحق المستأجرين خصوصاً كبار السن غير المشمولين بأي تغطية صحية أو اجتماعية وأصحاب الدخل المحدود، مما يضطرهم إلى الهجرة داخلياً نحو قراهم أو السكن لدى عائلاتهم. وهذا ما فعله سامر، العامل في السلك العسكري والمقيم في منطقة المزرعة، الذي اضطر للإقامة في منزل أهله مع زوجته وأولاده تمهيداً للانتقال إلى الجنوب، بسبب انتهاء عقد الإيجار ومطالبة المالك دفع 200$ شهرياً لتجديده، والمبلغ يفوق راتبه الشهري.

تحرير أماكن السكن بعد 9 سنوات
على خلاف قوانين الإيجارات السابقة، لم يربط القانون الجديد الصادر بتاريخ 9/5/2014 والقانون التعديلي الصادر بتاريخ 28/2/2017 الزيادة بنسبة زيادة الأجور، بل بنسبة من قيمة العقار المستأجر، على أن تصبح العقود حرة بعد 9 سنوات.
تخضع لأحكام هذا القانون جميع عقود إيجار العقارات المبنية المعقودة قبل 23 تموز 1992، ويستثنى منها عقود إيجار الأراضي الزراعية والمباني التابعة لها، وعقود الإيجار الموسمية العائدة لأماكن الاصطياف والإشتاء، والعقود التي بموجبها يقدّم أصحاب العمل أماكن لسكن أجرائهم مجاناً أو ببدل، وعقود إيجار الفيلات التي تتوفر فيها مواصفات معيّنة حددها القانون. والمفارقة الكبرى أنه استثنى أيضاً عقود أشغال الأملاك العمومية للدولة والبلديات.

زيادة تدريجية للبدلات
تُرفع الإيجارات بنسبة تدريجية، هي نسبة ممّا يعرف "ببدل المثل" الذي يتم تحديده وفقاً للمادة 18 من قانون الإيجارات الصادر عام 2017 وذلك رضاءً بالاتفاق بين المالك والمستأجر. أمّا في حال عدم الاتفاق، فيُستعان بتقرير خبراء من قائمة الخبراء المسجلين لدى المحاكم، وفي حال تعارض تقارير الخبراء جاز اللجوء إلى اللجنة المنصوص عليها في المادة 7، والتي يُقبل قرارها بهذا الخصوص الطعن عن طريق الاستئناف.
 يُزاد بدل الإيجار المتوجب بتاريخ هذا القانون سنوياً وتباعاً، إذ تُزاد في السنوات التمديدية الأربعة الأولى 15% من قيمة فارق الزيادة بين البدل المعمول به قَبل نفاذ هذا القانون وبدل المثل المشار إليه سابقاً. و20% من قيمة فارق الزيادة المذكورة سابقاً وذلك عن كل من السنتين الخامسة والسادسة من الفترة التمديدية حتى يبلغ بدل الإيجار في السنة التمديدية السادسة قيمة بدل المثل المشار إليه. ويكون بدل الإيجار في السنوات الممددة السابعة والثامنة والتاسعة مساوياً لقيمة بدل المثل.
وتعتبر الزيادات التدريجية بمثابة إمهال للمستأجر، أي إعطائه مهلة كافية لتنظيم أوضاعه والبحث عن بدائل، ففترة التسع سنوات كافية لتأمين مسكن بديل وملائم.

صندوق الدولة يساعد
أوجب المشرع زيادة سنوية تدريجية على بدلات الإيجار وصولاً إلى قيمة بدل المثل في السنة التمديدية الأخيرة، وبغية مساعدة المستأجرين الذين لا يتجاوز معدل دخلهم الشهري خمسة أضعاف الحد الأدنى للأجور وفق القانون التعديلي عام 2017 (ثلاثة أضعاف، وفق القانون الصادر عام 2014).
أنشئ بموجب المادة 3 من قانون الإيجارات الجديد الصادر بتاريخ 9/5/2014، صندوقاً خاصاً للإيجارات السكنية يكون تابعاً لوزارة المالية، يساهم في دفع الزيادات كلياً أو جزئياً حسب الحالة التي تطرأ على بدلات إيجاراتهم. وحصرت تقديمات هذا الصندوق بالمستأجرين اللبنانيين لأماكن سكنية منذ ما قبل 23/7/1992 ومن أجل احتساب معدل الدخل الشهري للمستأجر أخذ المشرّع بعين الاعتبار دخل المستأجر ومداخيل شاغلي المأجور القانونيين معه. أي ربط مساهمة الصندوق بمعدل الدخل العائلي الشهري للمستأجر، وبالتالي فمن يستفيد من التمديد القانوني والحق في السكن عليه أن يتحمل المساهمة في دفع البدلات.
وتنظر في تطبيق الأحكام المتعلقة بدفع الزيادات على بدلات الإيجار، لجنة مؤلفة من قاض عامل أو متقاعد رئيساً وأربعة أعضاء يمثل أحدهم المالكين والثاني المستأجرين والثالث تنتدبه وزارة المالية والرابع تنتدبه وزارة الشؤون الاجتماعية.
عام 2019، صدرت المراسيم التطبيقية المتعلقة بإنشاء اللجان القضائية، كما صدرت قرارات وزراء العدل المتعاقبين بتعيين مساعدين قضائيين للجان. وصدر أخيراً عن وزير العدل هنري خوري المرسوم رقم 8794 قضى بتعيين قضاة جدد في اللجان القضائية بعد اعتذار بعض القضاة عن هذه المهمّة وبلوغ آخرين سنّ التقاعد.
رغم أن الصندوق أُنشئ -وعندما نتحدث عن الصندوق لا نقصد كيان مادي وإنما حساب مالي تُشرِف عليه وزارة المالية- ونُشر مرسوم النظام المالي لحساب الصندوق رقم 5700 بتاريخ 3 تشرين الأول 2019. ورغم أنه رُصدت له الأموال في الموازنات المتلاحقة السابقة وفي مشروع الموازنة الأخيرة، لكنه لم يذكر بالقانون النهائي لموازنة 2022، ما يؤدي حتماً إلى عدم تمكّن المالكين من قبض أي مبلغ. والسبب لا يعود إلى تصفير حساب الصندوق فقط وإنما لعدم تفعيل اللجان القضائية البالغة أربعة وعشرون لجنة لعملها وتمنّعها عن البت بألاف الطلبات المقدمة للاستفادة من التقديمات، إذ يعود لها حصراً البت بمسألة مدى استفادة هذا المستأجر أو ذاك من تقديمات الصندوق، وتحديد قيمة بدل المثل تمهيداً لبيان قيمة الزيادات التي سيدفعها الصندوق للمالك عن المستأجر. وبالتالي فإن رصد أي مبلغ لدعم صندوق المساعدات الخاص بالمستأجرين القدامى يبقى من دون جدوى ما لم يتم تفعيل اللجان ذات الطابع القضائي.

بين الأصل والتعديل.. هل 2023 هي سنة الإخلاء؟
أدى صدور القانون 2014 والقانون التعديلي 2017 إلى بروز عدة إشاكاليات قانونية تتعلق بنفاذ القانون واحتساب الزيادات القانونية، ويرجع ذلك إلى أن البعض يعتبر أن القانون التعديلي الصادر عام 2017 ألغى القانون الأساسي عام 2014. وبالتالي تكون بداية السنوات التمديديّة كما وبداية استحقاق الزيادات هي 28/2/2017 وليس 28/12/2014، مستندين على ما ورد في المادة 15 من القانون التعديلي أنّه: "تمدّد لغاية تسع سنوات، والمستفيدين من تقديمات الصندوق لغاية 12 سنة، من تاريخ نفاذ هذا القانون، عقود إيجار الأماكن السكنية على أن يدفع المستأجر قيمة بدل المثل تدريجياً.."
وقد أخذت هذا المنحى محكمة استئناف بيروت في القرار الصادر عنها بتاريخ 24/6/2021 واعتبرت أن 2017 هي السنة التمديدية الأولى وتُطبّق عليها الزيادة المقررة في القانون 2/2017.
أما الرأي الآخر، فوجد بأنّ المشرّع لم يلغ القانون الصادر عام 2014 وأن القانون التعديلي 2/2017 لم يستبدل القانون الأساسي ولم يحلّ محلّه وبالتالي يبدأ سريان السنوات التمديديّة اعتباراً من 28/12/2014. وهذا يعني أن تحرير عقود الإيجارات يكون لغير المستفيدين من حساب "صندوق مساعدات المستأجرين" بعد 9 سنوات أي بتاريخ 28/12/2023 وتحرير العقود بالنسبة للمستفيدين من الصندوق بعد 12 عاماً أي بتاريخ 28/12/2026. وإنّ القول بخلاف ذلك من شأنه أن يزيد عدد السنوات التمديدية عن التسع ويجعلها تُقارب الإثنتِي عشرة سنة، الأمر الّذي يناقض ما قصده المشرّع. أما بالنسبة للسنوات الإثنتي عشرة الخاصّة بالمستأجرين المستفيدين من تقديمات الصندوق، فهذا الأمر يتعلّق بنصّ جديد يجب تطبيقه لجهة عدد السنوات، وبالنسبة لمنطلق سريانها فإنّها تبدأ أيضاً من تاريخ نفاذ القانون الصادر بتاريخ 09/05/2014 طالما أن قانون الإيجارت الصادر في العام 2017 قد عدّل فقط الأحكام المخالفة من دون أي أمرٍ آخر، وهنا عدد السنوات فقط وليس منطلق سريانها.
للاطلاع على أصحاب هذا الرأي نحيلكم إلى دراسة قانونية أعدها المحامي شربل شرفان تحت عنوان: "نفاذ قانون الإيجارات الجديد بين "الإشكاليّة" الفارغة وقواعد التفسير القانوني الصحيح"، نُشرت في المجلة القضائية صادر لكس (SADER Lex) بتاريخ 27/12/2022.
وقد ناقش هذه الإشاكاليات القانونية أيضاً وبشكل مفصل القاضي المنفرد المدني في جديدة المتن علاء بشير ضمن محاضرة ألقيت في نقابة المحامين بتاريخ 6 نيسان 2022. تناول فيها التعديل الذي طرأ على المادة 15 بين القانونَين الصادرين عام 2014 و2017. إذ يتّضح من نصّ المادّتين أن كلاً منهما حدّدت تاريخ بدء السنوات التمديدية من تاريخ نفاذ القانون، إلّا أنّه خلافاً للمادّة (15 من قانون 2014) التي نصّت على أن عدد السنوات هو تسع في مطلق الأحوال، ميّزت المادّة المعدّلة (15 من قانون 2017) بين المستأجر المستفيد من تقديمات الصندوق والمستأجر غير المستفيد منها، فيكون عدد السنوات 12 بالنسبة للأوّل، و9 سنوات بالنسبة للثاني.
مع الغياب التام للدور التشريعي الواضح وانعدام قيمة إيجار العقارات المستأجرة، التجأ أصحابها إلى إبرام عقود إيجار بالعملة الأجنبية

وعليهِ، طُرحت إشكالية معرفة أي من القانونَين واجب إعتماده لبدء احتساب السنوات التمديدية، وخصوصاً تلك المتعلّقة بغير المستفيدين من تقديمات الصندوق طالما أنّها تسع سنوات في القانونين، وماذا عن السنوات الاثنتي عشرة الخاصة بالمستأجرين المستفيدين من تقديمات الصندوق، هل تبدأ من تاريخ صدور قانون الإيجارات رقم 2/2017 طالما أنّه هو فقط التي نصّ عليها، أم أنّه يمكن بدء احتسابها بمفعول رجعي من تاريخ القانون الصادر في 9/5/2014.
ويخلص بشير في محاضرته إلى تغليب الرأي القائل باحتساب المدة من تاريخ نفاذ القانون الصادر عام 2014 لأنّ تحديد تاريخ بدء السنوات التمديدية منذ نفاذ القانون الصادر في 2014 هو تطبيق للقانون المذكور، أمّا تحديد عدد هذه السنوات فهو تطبيقٌ للقانون الصادر في 2017 والّذي عدّل عدد هذه السنوات فقط من دون منطلق سريانها، وأصبح بالتالي هو الواجب التطبيق لهذه الجهة.

لا بد من الضغط لتفعيل عمل اللجان القضائية لِدورها الأساسي في حل الخلافات بين المالك والمستأجر

بمعني أنّه طالما أن التعديل قد طاول عدد السنوات فقط وليس منطلق سريانها، فلا يكون هناك أي تطبيق للقانون المذكور بمفعول رجعي. ومهما يكن، فإنّه يبقى من الأفضل حصول تدخل تشريعي يضع حدّاً لهذا التضارب في الآراء، فقهياً واجتهادياً، بحيث يُحدِّد التاريخ الّذي تبدأ منه السنوات التمديدية بشكل جازم، وإلّا يُحدِّد تاريخاً تتحرّر فيه عقود إيجار الأماكن السكنية من التمديد الحكمي بصرف النظر عن تاريخ بدء احتساب السنوات التمديدية.

تمديد بعد انتهاء المدة ولكن..
تنصّ المادة 16 من قانون الإيجارات 2017 على أنه "يحق للمستأجر الذي يكون لا يزال مستوفياً لشروط الاستفادة من تقديمات الصندوق، أن يطلب من المالك خطياً، وقبل حلول أجل العقد في السنة التاسعة الممددة بثلاثة أشهر، بتحرير عقد جديد لمدة أقصاها ثلاث سنوات ببدل مساوٍ لبدل المثل، شرط أن يثبت خلال المهلة ذاتها حصوله على قرار اللجنة بأنه يستوفي شروط الاستفادة من تقديمات الصندوق". وعلى افتراض تفعيل عمل اللجان القضائية، فإن مشكلة انهيار العملة الوطنية تطغى مجدداً. فوِفق ما ذكرناه سابقاً، يشترط للاستفادة من الصندوق أن لا يزيد دخل العائلة عن خمسة أضعاف الحد الأدنى للأجور (ثلاثة أضعاف بالنسبة للقانون الصادر عام 2014). ووفق ما هو مسلّم به، فإن الحد الأدنى للأجور ما زال 675000 ل.ل. لم يتأثر كغيره من الأرقام بتنوّع أسعار الصرف. في المقابل، تبدّلت أجور العاملين في كل القطاعات وأصبح من الصعب أن تستوفي أي عائلة هذا الشرط، إذ إن مدخول الفرد الواحد أصبح يتجاوز هذه القيمة (675000×5 = 3375000).

لا بديل عن الدولة
قد لا تكفي كل المجلدات لنقاش قانون الإيجارات الجديد وتعديلاته والإشكاليات التي أحدثها وتأثيرها السلبي على المواطنين القابعين تحت الأزمات، والحل الوحيد يكمن بتحمّل الدولة بسلطاتها الثلاث المسؤولية، فلا بد من التدخل التشريعي كما ذكرنا سابقاً لتوضيح تاريخ نفاذ القانون وبدء سريان المدة وتحديد سعر الصرف لبدلات الإيجار ووضع خطة إسكانية شاملة تبدأ بإنشاء وحدات سكنية شعبية ولا تنتهي بإقرار قانون الإيجار التملّكي، ولا بد من الضغط بكافة الوسائل لتفعيل عمل اللجان القضائية لِما لها من دور أساس في حل جزء كبير من الخلافات الدائرة بين المالك والمستأجر.
وتبقى الإيجارات غير السكنية بانتظار دورها من رحمة المشرّعين من أجل تحريرها، فلا بد من إخضاعها لتشريع يراعي خصوصيتها ويتلافى ما وقع به المشرّع في القانون 2014 وتعديلاته.



مثال على تطبيق الزيادة على البدلات
يبلغ إيجار العقار السكني قبل 23 تموز 1992 مبلغ 1,500,000 ليرة لبنانية سنوياً (أي 1000 دولار أميركي)
وقد جرى تخمين العقار بالرضى بمبلغ خمسين ألف دولار 50000$
إن بدل المثل وفق المادة 20 المعدلة هو 4% من القيمة البيعية للعقار أي (50000×4)/100 = 2000$
ويكون الفرق بين بدل المثل وبدل الإيجار 2000-1000= 1000$
وتكون الزيادة القانونية المفروضة في السنوات الأربعة الأولى (1000*15)/100 = 150$
ويكون الإيجار في السنة الأولى 1150$، وفي السنة الثانية 1300$، وفي السنة الثالثة 1450$، وفي السنة الرابعة 1600$.
أما الزيادة عن السنتين الخامسة والسادسة فهي (1000*20)/100 = 200$
أي يصبح بدل الإيجارعن السنة الخامسة 1800$، وعن السنة السادسة 2000$، أي قيمة بدل المثل ويستمر البدل ذاته في السنوات السابعة والثامنة والتاسعة.


قوانين الايجارات
في العام 1992، أقر مجلس النواب قانونَين لتنظيم العلاقات التأجيرية، الأول يحمل الرقم 159/92 يرعى عقود الإيجار المعقودة بعد تاريخ 23/7/1992، أي تاريخ العمل به. أمّا الثاني فيحمل الرقم 160/92 ويتعلق بعقود الإيجار الخاضعة لقوانين الإيجارات الاستثنائية، التي تمدد مفعولها بالشروط الملحوظة في القانون المذكور أكثر من اثنتَي عشرة مرة.
وكان آخر القوانين الاستثنائيّة قانون الإيجارات الجديد الصادر في 9/5/2014 والذي أصبح نافذاً وواجب التطبيق اعتباراً من 28/12/2014، وجرى تعديله بموجب القانون رقم 2/2017 تاريخ 28/2/2017.