يُعتبرَ ما آلت إليه العلاقة بينَ «حزب الله» و «التيار الوطني الحر» نتيجة طبيعية لخِلاف بأوجه كثيرة، تشكل الانتخابات الرئاسية رأس جبل الجليد منه. لكن هل ينهار التفاهُم كلياً مع ما يعنيه من تغيير على صعيد المعادلة الداخلية وتداعيات على الطرفين؟ هذا السؤال تستحضره في بيروت أوساط سياسية في ظل وقائع واضحة تؤكّد أن كل محاولات «فرملة» الانهيار نجحت، حتى الآن، لأن القيادتين أرادتا ذلك، بحثاً عن مسوغات شكلية للفراق. وباتَ محسوماً أن التفاهم يحتاج إلى شيء مختلف حتى يعود وردياً. وبعد أن نالَ كل طرف «قسطه» من الآخر، فقد وصلت الأمور إلى حد لا تنفع معه «طمطمة» الاختلافات، خصوصاً أنها ليست شكلية. لكن «حفظ الودّ» هو قرار عزم عليه الحزب الذي سيستأنف تواصله مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل عبر مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في الحزب وفيق صفا، وفقَ ما قالت مصادر مطلعة لفتت إلى أن «لقاء سيُعقد في الأيام المقبلة من باب التأكيد على سياسة اليد الممدودة دائماً واستمرار الصداقة مهما بلغت التباينات».في ضوء ذلك، استمرت المشاورات داخل الهيئة السياسية للتيار التي اجتمعت أمس في منزل باسيل في البياضة لتحديد وجهة التصويت خلال جلسة الانتخاب التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري الخميس الماضي. وسبقَت الجلسة التي امتدت خمس ساعات معلومات عن وجود ضغط من بعض نواب التيار للدفع في اتجاه عدم التصويت بالورقة البيضاء، مع «إصرار عدد من العونيين على تبنّي اسم من داخل التكتل». هذا الجو انعكسَ عصفاً فكرياً داخل الجلسة، حيث انقسم البرتقاليون إلى رأيين: الأول يؤيد ترشيح التيار لرئيسه باسيل، وآخر يؤكد على عدم استبعاد أي اسم لديه فرص وحظوظ من داخِل التيار»، قبلَ أن يصل الجميع إلى قرار «العودة إلى خيار التصويت بالورقة البيضاء يومَ الخميس بسبب غياب جاهزية التيار لدعم أي اسم».
وقالت مصادر نيابية إن «الجلسة الطويلة لم تصِل إلى رأي حاسِم في ما يتعلقّ بالتسمية، بل كانت فرصة لاستعراض كل ما يُقال ويطرح في السوق الرئاسية هذه الأيام»، مع الاتفاق على أن «هذا المسار يحتاج للنقاش مع كتل أخرى». وأشارت المصادر إلى أنه «ليسَ لدى باسيل أي اسم يزكّيه»، لكنه لفت إلى «ضرورة الحرص على اختيار اسم يكون مقبولاً لدى حزب الله، وقد وافقه عدد من النواب على هذا الأمر»، مع عدم استبعاد فرضية ترشيح اسم من داخل التيار يمتلك فرصاً للفوز.
وفي هذا السياق، وصفت مصادر مطلعة قرار التيار بعدم تسمية أي مرشح في إطار تبادل الرسائل الإيجابية مع الحزب، في سبيل احتواء التوتر، وربما يكون ذلك رداً على عدم إعطاء الحزب الغطاء لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لعقد جلسة حكومية»، إذ حتى يوم أمس لم يكُن ميقاتي قد حصلَ على جواب من ثنائي حزب الله وحركة أمل بشأن الجلسة أو في ما يتعلق بجدول الأعمال الذي نوقِش خلال اجتماع ميقاتي مع «الخليلين» أول من أمس بإمكانية أن يتضّمن بنداً واحداً يتعلق بالكهرباء.