مضت ثلاثة أسابيع على انتظام العام الدراسي حضورياً في كليات الجامعة اللبنانية، ولا يزال مدير السكن الجامعي في مجمع الحدث مجيد الحلو يتحزّر في الإجابة على سؤال الطلاب: «متى يفتح السكن»؟ يقول: «بعد شهر، شهر وشوي، شهر إلا شوي»... وفيما ينتظر الطلاب القاطنين في أماكن بعيدة انتهاء أعمال الصيانة في السكن ليلتحقوا بالعام الدراسي، يصارحهم: «أعمال الصيانة لم تبدأ بعد».كانت هذه الإجابة الوحيدة التي حصلت عليها «الأخبار» من الحلو، لدى سؤاله عن السكن الطالبي. غير ذلك، «لا أدري متى ستباشر الشركات الملتزمة تنفيذ الصيانة (دنش وبريستيج) عملها». أما كيف سيحصل ذلك؟ أو بالأحرى، من أين ستأتي الجامعة بالمال اللازم للصيانة وهي العقبة الوحيدة التي عطلت أعمال الصيانة في السكن على مدار سنوات وأوصلته إلى حال مزرية؟ فيجيب: «ليت الإجابة عندي». بدل إيجار السرير في السكن، عندما يفتح، «لم يعلنوا عنه بعد، لا أحد يعرف شيئاً»، يجزم الحلو.
غداً، تنتهي مهلة الشهر التي حدّدها مكتب شؤون المدينة الجامعية لإعادة استقبال الطلاب القدامى وفق النظام الخاص بالسكن، بعدما أقفله بداعي الصيانة في 14 الشهر الماضي. ما حصل طيلة هذه المدة هو تنظيف الغرف والباحة أمام مبنى السكن، وفتح باب تقديم الطلبات لاستئجار غرفة في السكن من دون أن تصدر بعد نتائج امتحانات الدورة الثانية للعام الماضي في جميع الكليات، علماً أن اجتيازها هو شرط للحصول على الغرفة.
في هذه الأجواء، يسود اقتناع بأن السكن سيبقى مقفلاً إلى أجل غير مسمى وسط عدم جدية المعنيين في حلّ هذه الأزمة التي تعرقل تعليم عدد كبير من طلاب الجامعة اللبنانية الآتين من أماكن بعيدة. برودة أعصاب المسؤولين تقابلها معاناة طلاب تتعطل مسيرتهم التعليمية مع تعطل السكن، مثل شربل، طالب في كلية طب الأسنان، لا يستطيع النزول من البقاع إلى بيروت ودفع ما لا يقلّ عن 300 ألف ليرة يومياً. يقول كمن يستغيث إدارة الجامعة: «ارفعوا بدل إيجار الغرفة، لكن افتتحوا السكن». ولا يعرف نديم، طالب سنة ثالثة حقوق، إلى متى «سأصمد في المجيء يومياً من عكار وتحمل مشقة 3 ساعات ونصف على الطريق وبدل نقل لا يقلّ عن 150 ألفاً»، تتدخل زميلته في الصف شذى: «يستغرق الطريق من الجنوب 4 ساعات يومياً، فيما تكاليف النقل تصل إلى 300 ألف».
لم تصدر نتائج امتحانات الدورة الثانية بعد علماً أن اجتيازها شرط للحصول على الغرفة


قبل أن يتحدّث علي، طالب في السّنة الثانية، عن معانته اليومية التي ترافق نزوله من زحلة بتكلفة تصل إلى 500 ألف ليرة ذهاباً وإياباً، يشير إلى أصدقائه الآتين من قرى أبعد في بعلبك إذ يتكلّفون مبالغ تصل إلى 800 ألف ليرة يومياً، ويؤكّد «أنّهم لن يستمروا جميعاً في الحضور اليومي في حال لم يفتح السّكن الجامعي»، وعوضاً عن ذلك «سيحضرون المختبرات فقط من دون المقرّرات النظرية بغية التوفير»، بالإضافة إلى أنّ التنقل ليلاً بين المناطق أصعب، فبعض المحاضرات تنتهي عند السّابعة مساءً.
لم يبقَ أمام طلاب السكن الجامعي إذاً إلا تحمّل عناء وكلفة النقل يومياً من مكان سكنهم إلى الجامعة، أو انتظار عطف المسؤولين وفتح السكن الجامعي. أما السكن الطالبي الخاص في محيط مجمع الحدث فهو غير متوافر الآن، السكن القريب من الجامعة «فوّل» والأبعد يتطلب، إلى جانب كلفته المرتفعة، كلفة مواصلات. وفي جميع الحالات، خيار السكن الجامعي الخاص أو الشقق المفروشة التي تؤجر للطلاب ليس في متناول الجميع نظراً لكلفته العالية. «يبدأ إيجار السرير بـ50 دولاراً ويصل إلى 150 دولاراً بحسب الخدمات المقدمة»، كما يخبرنا كريم، الذي بحث ولم يجد.