عكار | عرّت جولة وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال فراس أبيض إلى المنطقة، لتفقد مخيمات النازحين السوريين ومستشفى حلبا الحكومي، أول من أمس، المنظمات الدولية التي شاركت في اللقاء الذي عقد في سراي حلبا. إذ لم يخف رؤساء اتحادات بلديات عكار استياءهم الشديد من عمل هذه المنظمات وتقصيرها الفادح بحق النازحين السوريين. ولم تكف الساعة ونصف الساعة، مدة اللقاء مع الوزير الأبيض، رؤساء الاتحادات لتفريغ كلّ ما لديهم من سخط وغضب، وصل إلى مجاهرة غالبية الحضور بعدم القدرة على تحمّل المزيد جرّاء أعباء النازحين، التي تتخلّف هذه المنظمات عن تحمّل كامل المسؤولية عنها.«الفساد الموجود لدينا لا يشكل 10% من الموجود لدى المنظمات الدولية، التي تدّعي الحرص على الأموال وإنجاز المشاريع ودعم الإنسان، وفي الحقيقة كلّه كذب»، يقول أحد رؤساء الاتحادات وهو يهمّ بالخروج من القاعة، بعدما سمح لهم بالتعبير عن رأيهم، من دون تقديم أي حلول لهم.

رفع النفايات
«جئنا لنستمع إلى الحلول ولكن، كالدولة تريد منا المزيد في ظلّ انعدام الأموال، والمنظمات الدولية تتعاطى معنا بخفة»، يقول رئيس اتحاد بلديات ساحل القيطع أحمد المير (يضم الاتحاد 14 بلدية)، داعياً إلى جمع نفايات عكار من قبل الدولة على حساب الصندوق البلدي المستقلّ «لأن الأوضاع باتت تنذر بكارثة». ويشير إلى أن أكبر بلدات الاتحاد، وأكبر بلدات عكار هي بلدة ببنين (يقع مخيم الريحانية، الذي رُصدت فيه أوّل حالة كورونا، على تخومها)، تحصل على مبلغ مليارين و800 مليون، في حين أن كلفة جمع النفايات سنوياً هي 4 مليارات و500 مليون، فكيف نتدبّر أمورنا؟

تأمين المياه
بدوره أعرب رئيس اتحاد بلديات سهل عكار محمد حسين، (يضمّ الاتحاد 10 آلاف نازح سوري) عن استيائه من الفوضى القائمة وتقاعس المنظمات الدولية عن جمع النفايات وتأمين المياه. «يطلبون منا الوقاية، والتوعية، والمياه مقطوعة والناس كلّ شهر تستحمّ مرة». كما أكدّ رئيس اتحاد بلديات أكروم عادل خليفة عجزه عن تأمين المياه للنظافة بهدف الوقاية من انتشار الأمراض، مشيراً إلى أن الاتحاد يضم 12 ألف نازح سوري، ومحطات الضخ في المنطقة متوقفة كلياً بسبب انعدام المحروقات والكهرباء!

مشاريع متوقفة
«الدول الأوروبية عاجزة عن تحمّل عبء 50 ألف نازح سوري، أما لبنان فيجب أن يتحمل عبء مليون ونصف نازح، بأي منطق يطلبون منا تحمل النازحين وعبء تأمين المياه والخدمات، والأهم مواجهة الأمراض والأوبئة؟»، يسأل رئيس اتحاد نهر الأسطوان عمر الحايك، مؤكداً أن عمل المنظمات في المنطقة يتركز على الدعم النفسي في حين أن العالم تموت من الجوع والمرض! ويؤكد الحايك أن أي مشروع لم ينفذ في الاتحاد، «والمشروع الوحيد الذي وعدنا به هو رفع تلوّث الصرف الصحي عن نهر الأسطوان الذي يخترق أكثر من 50 بلدة، وبالرغم من إنجاز الدراسة في العام 2017 من قبل منظمة ACTED، إلا أن المشروع لم ينفذ. ويضيف: «كل ما قدّم لنا هو بضع آليات لجمع النفايات والتي استخدمناها لفترة بسيطة بسبب التكلفة المرتفعة لصيانتها، ما أدى إلى توقفها وتعطلها». ويطالب الحايك الحكومة بـ»اتخاذ إجراءات حاسمة لإجبار المنظمات على التدخل السريع ومنع تفشي الأوبئة، وننتظر ما ستخرج به اللجنة الحكومية خلال اجتماعها اليوم، وكبلديات لن نرضى بإلقاء المسؤوليات علينا».
اتحادات البلديات تستغيث طلباً للمساعدة في رفع النفايات والتخفيف من الأعباء


الأمر نفسه يسري على «معمل الفرز والتسبيخ في سرار» الذي تم إنشاؤه بدعم من الاتحاد الأوروبي في منطقة سرار، ولا يزال متوقفاً عن العمل بسبب العجز عن تشغيله جرّاء الكلفة المرتفعة». ويؤكد صاحب مكبّ «سرار» خال الياسين «أننا لغاية اليوم لم نتسلم المعمل رسمياً من وزارة التنمية الإدارية، بالرغم من انتهاء العمل به منذ العام 2020، ولسنا متحمسين لاستلامه في ظل الظروف الاقتصادية الحالية».

المنظمات تستفزّ
لم يأت جواب المنظمات الدولية على قدر المسؤولية، ما استفزّ البلديات. إذ أعلنت منظمة «اليونيسف» مثلاً، في إطار النقاش مع الوزير أبيض عقب الجولة، أنها غير معنية بمشاريع المياه، وهي مدرجة جزئياً في العام 2023 ولكن تم التدخل بشكل محدود في هذه المرحلة بسبب الوباء، كما أعلنت أن عملها يتركز بشكل أساسي على التوعية وتوزيع المعقمات وكتيبات الإرشاد للنازحين بهدف الوقاية.
من جهته، أكد أبيض «أنه من غير المقبول تخفيض المساعدات بحجة وجود أزمة في أوكرانيا أو غيرها، وأزمة الآخرين لا تحل على حساب لبنان، مؤكداً أن الحكومة اللبنانية ستبحث اليوم بهذا الأمر».