سياسة التهاون التي يتبعها القضاء العسكري في ملفات العملاء الفارّين تُنذر بلجوء المتضرّرين إلى سياسة «الانتقام الناعم» على مسارين: الأول قضائي - قانوني لوقف «زحف» العملاء عبر المعابر الشرعية، والثاني مسار استيفاء «الحق» بالذات.وفي هذا السياق، علمت «الأخبار» أن جمعيات حقوقية تُعنى بشؤون الأسرى المحرّرين بدأت درس ما سمّتها «خطوات علاجية لوقف التدهور القضائي الحاصل»، من بينها التوجه إلى «طرد» العملاء الوافدين غير المرغوب فيهم من قراهم.
علّة «مرور الزمن» التي يحمّلها القضاء العسكري أسباب عدم صرامته في تطبيق الأحكام والملاحقات في حق العملاء الفارين لا تخفي العيب في الأداء، إذ يُتيح النص لأي قاض الاجتهاد وعطف أي حالة على مادة واردة في القانون. رغم ذلك، يستسهل قضاةٌ الاعتماد على النص الجامد. الأمر نفسه ينطبق على البرقية 303 التي ترد فيها أسماء العملاء الفارين والمطلوبين الآخرين في قضايا إرهاب. «البرقية» التي أُريد لها أن تكون «مصيدة» تحولت إلى ما يشبه «دعوة استضافة»، إذ تنحصر مهمتها في إحالة العميل إلى الجهة الأمنية والاستماع إليه، قبل أن يخرج حراً بإشارة قضائية.
لذلك كله، يجري درس إجراءات لمواجهة هذا النهج القضائي الاستفزازي عبر آليات قانونية، تحت سقف «الأمن الوقائي» ولتجاوز «علة مرور الزمن»، من بينها التقدم بإخبارات أمام النيابة العامة العسكرية ضد العملاء الفارين. وعلمت «الأخبار» أن «الباقة» الأولى قُدّمت الأربعاء الماضي، عبر المحامي غسان المولى بوكالته عن مجموعة من الأسرى المحرّرين، وشملت 12 عميلاً هم: بولين عبرئيل نهرا، عبرئيل نهرا (والدته سوزان)، جوزيف فارس، نبيه أبو رافع، جوزيف أندريه سلامة، أندريه سلامة، فادي نمور، منير منذر، مريم يونس، ميلاد عواد، أمين عباس الحاج الملقب بـ«رومينيغيه» والياس يونس، بتهم تُراوح بين الاتصال والتعامل مع العدو والقتال إلى جانبه ودخول أراضيه والحصول على جنسيته، والقتل العمدي ومحاولات القتل والتعذيب، وذلك بحسب المواد المنصوص عنها في قانون العقوبات. مصادر «المدّعين» قالت لـ«الأخبار» إن هذه المجموعة لن تكون الأولى، وستلحق بها أسماء أخرى، مؤكدة أن المشمولين بالدعوى التي اتخذت صفة الادّعاء الشخصي، هم «حرّاس وجلّادون ومحقّقون خدموا في معتقل الخيام وفروا إلى داخل كيان العدو».
إخبارات ضد كل العملاء الفارّين لتجاوز التهاون القضائي لـ«علة مرور الزمن»


إلى ذلك، علمت «الأخبار» أن قضية العميل نبيه سليمان عليق الذي عاد إلى لبنان أخيراً قادماً من ألمانيا حيث لجأ بعد مغادرته جيش العملاء ودخوله الأراضي المحتلة عام 1999، عادت إلى التفاعل. فقد أحالت النيابة العامة العسكرية «الإخبار» المقدم بحق العميل عليق من «هيئة ممثلي الأسرى المحرّرين» إلى مديرية المخابرات في الجيش. وفي المعلومات أن «المديرية» بصدد إحالة الملف إلى فرع الجنوب. وقالت مصادر متابعة إن «القوى الأمنية عادةً، تعمل بشكلٍ تلقائي وتقوم بإجراء متابعات أمنية بحق أي عميل يرد اسمه في البرقية 303». يُذكر أن الأمن العام أوقف عليق في المطار وأحاله إلى استخبارات الجيش، فأشار القضاء العسكري بالاستماع إليه ثم تركه «رهن التحقيق»، وسطّر طلباً إلى الأمن العام بإصدار منع سفر بحقه، قبل أن يتراجع ويصدر إشارة بوقف العمل بمنع السفر.
على الصعيد الميداني، تشهد بلدة عيترون (قضاء بنت جبيل) حيث يقيم عليق احتقاناً زادته روايات أفادت بأنه وزّع مساعدات مادية.
وتداعت أمس جمعيات وهيئات تُعنى بشؤون الأسرى والمحررين للاجتماع في مقر «الجمعية الوطنية للأسرى المحررين»، بحضور مندوبين عن حزب الله وحركة أمل والحزب الشيوعي اللبناني. وخلص الاجتماع، بحسب معلومات «الأخبار»، إلى الاتفاق على البدء باتخاذ إجراءات بحق عليق، منها التحضير لتحرك باتجاه بلدة عيترون لطرده منها. فيما عُلم أن اتصالات تجري للتهدئة، وإفساح المجال أمام الإجراءات الأمنية والقضائية.