قبل أيام قليلة من بدء العام الدراسي، الاثنين المقبل، فاجأت إدارة المدرسة الإنجيلية الفرنسية «كوليج بروتستانت» أهالي الطلاب بزيادة «رسم الدعم» الإلزامي بالدولار الأميركي ليصبح 2200 دولار، بدلاً من الـ 1000 دولار، وهو المبلغ المقطوع الذي حدّدته المدرسة، في نهاية العام الدراسي الماضي، ليكون قيمة «الرسم» المفروض على كلّ تلميذ، عن العام الدراسي الحالي (2022 -2023).يكاد أحد أولياء الأمور (موظف)، وهو أب لتلميذين في المدرسة، لا يصدّق الرقم، ولا سيّما أنه رتب أموره على أساس الـ 1000 دولار. لا يعرف من أين سيأتي بالمبلغ الإضافي «الصاعق»، وخصوصاً أنه سدّد 300 دولار عن كلّ تلميذ، كدفعة على الحساب، غير قابلة للاسترداد، تحت طائلة خسارة ولديه المقعد الدراسي، وبالتالي فإن خيار نقلهما إلى مدرسة أخرى بات مستحيلاً. يشير الوالد إلى أن إجمالي المبالغ التي سيدفعها للمدرسة هو 45 مليون ليرة لبنانية و4400 دولار أميركي رسم دعم، و900 دولار وجبة طعام. يستغرب تعليل أسباب الزيادة بالتطوير والتجديد وبشراء الكومبيوترات وغيرها، وخصوصاً أن الأسباب نفسها قُدّمت العام الماضي ولم نلمس ذلك على الأرض، فلم يجرِ تشغيل المكيفات كما تدّعي الإدارة.

أرباح طائلة
لم ينتظر الأب أيضاً أن يُلزم بدفع 300 دولار عن كلّ فصل دراسي (3 أشهر) لقاء وجبة الطعام التي ستقدّم لابنته يومياً كونها في مرحلة الروضات، فيما المبلغ المقترح لباقي المراحل الدراسية هو 360 دولاراً، لكنه ليس إلزامياً. ويسأل: «ماذا لو تغيّب التلميذ لوقت طويل عن المدرسة بداعي المرض أو غيره، هل سيُجبر ولي الأمر على دفع المبلغ كاملاً؟»
يضرب الموظف أخماساً بأسداس مشيراً إلى أن المبالغ المطلوبة خيالية إذا ما احتسبت بالمقارنة بينها وبين عدد التلامذة، فالعدد يلامس نحو 1600 تلميذ (هناك 4 شعب في كل صف)، وإذا استثنينا أبناء الأساتذة فهناك نحو 1400 تلميذ يدفعون القسط. وإذا ضُرب هذا الرقم بـ 2200 دولار، فيكون المبلغ المحصل 3 ملايين و80 ألف دولار. ولنفترض أن معدّل الأقساط هو 23 مليون ليرة مضروباً بـ 1400 تلميذ، أي 30 مليار ليرة و800 مليون بالليرة اللبنانية. يقول إن الأرباح طائلة، بالنظر إلى أن المبلغ خيالي لتغطية المصاريف التشغيلية ورواتب المعلمين حتى لو دفعت 15% أو 20% من رواتب المعلمين بالدولار الأميركي.
إحدى الأمهات تعلّق: «استسلام تام، هذه آخر سنة مدارس إلي، فتنا بالحيط على كلّ الصعد، على أي جبهة بدك تخابطي، أبحث عن جامعات لأبنائي في الخارج، إذ لم نعد قادرين على تعليمهم هنا».

الحفاظ على المستوى!
يتفهم أحد الآباء (رجل أعمال) غضب الأهالي، لكنه يرتبط، كما يقول، عاطفياً بمدرسته التي أصبحت مدرسة أولاده، ويريد أن تحافظ على مستواها التعليمي وأن تحتفظ بالمعلمين الأكفاء وتمنع هجرتهم، وتقدّم التسهيلات اللازمة لتعليم جيّد، لذا فهو يتفهم أيضاً وضع المدرسة التي تحتاج إلى الدولار لتغطية مصاريفها التشغيلية ورواتب المعلمين، لافتاً إلى أن الزيادة لا تؤثر عليه شخصياً، بل على العكس فإن تعليم أبنائه بات أقلّ كلفة، إذ كان الولد يكلفه 7 آلاف دولار، وبات اليوم 3 آلاف دولار. يقترح البحث عن حلول مثل إعفاء ذوي الدخل المحدود من «رسم الدعم» وفرض المبلغ على المقتدرين.
رئيس لجنة الأهل: النفقات كبيرة والمدرسة مكسورة حتى مع الزيادة


«دفاتر المدرسة مفتوحة»، هذا ما يقوله رئيس لجنة الأهل، عمر دبغي، في إشارة إلى «الشفافية المالية» للإدارة، «إذ إن ممثلي الهيئة المالية في اللجنة هم في تواصل يومي مستمرّ مع المدرسة، ويطّلعون على كلّ أرقام الإيرادات المتمثلة بالأقساط والتبرّعات والمساعدات، وأرقام النفقات، وكذلك حجم رواتب المعلمين والإداريين، ويتبيّن منها أن المدرسة ستكون مكسورة حتى مع الزيادة المفروضة». دبغي يرى أن الرسم لا يزال مقبولاً مقارنة مع مدارس أخرى مثل الأنترناشيونال كولدج (IC) ولويس فيغمان، لكنه يؤكد التضامن بين مكوّنات المدرسة إدارة ومعلمين وأهالي، وسيجري البحث عن حلول لمنع مغادرة أي أسرة غير قادرة على الدفع، ولم يسبق أن حدث مثل ذلك في المدرسة. إلا أن بعض الأهالي غير متفائلين بالتضامن، وخصوصاً أن المدرسة تلقّت في العام الماضي مساعدات خارجية و»لم يصل لجيوبنا أي قرش، باستثناء بعض المحظوظين». «الأخبار» حاولت التواصل مع مديرة المدرسة، لينا الخال، للوقوف على حيثيات الزيادة من دون أن توفّق في الحصول على إجابات واستبيان موقف الإدارة.
يذكر ان معظم أولياء الامور المتمولين هاجروا وغادروا المدرسة، ومن بقي من الأهالي هم باغليتهم قضاة وضباط وموظفون يقبضون بالليرة اللبنانية