في مثل هذا اليوم، قبل 16 عاماً، نفّذت المقاومة الإسلامية وعدها بأسر جنود إسرائيليين، لتحرير عميد الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية، الأسير (الشهيد في العام 2015) سمير القنطار. عملية شكلت ذريعة لكي تشنّ «إسرائيل» حربها على لبنان، وكان يمكنها أن تجد أيّ ذريعة أخرى. هي لا تحتاج إلى تبرير محاولاتها قلب المعادلات التي أرستها هزيمتها في لبنان في أيار 2000. المعادلة الأساس التي رست هي أنه يمكن لمن امتلك سلاح الإرادة أن ينتصر، بل وأن يهدّد العدو في أصل وجوده. إرادة هزمت عدواً اعتاد أن يربح حروباً بضربات جوية تهزم القيادات السّياسية المهزومة أصلاً، فتبقى الرصاصات حبيسة البنادق. نصر تموز 2006 ليس وليد لحظته، بل يمكن أن يكون تراكماً لتجارب كلّ من قرّر مقارعة العدو. من عمليات الاستنزاف المصرية على جبهة سيناء، مروراً بمعركة الكرامة، وصولاً إلى المعارك في بيروت وخلدة التي أسّست فكرة «الأرض اللبنانية الملعونة» في وجدان العدو. في تموز 2006 هناك من استوعب الصدمة الأولى وقاتل. لم ينهر تحت ضغط الطائرات وصواريخها أو التهديدات الدولية والعربية والمحلية. قرّرت المقاومة يومها أنّ العدو سيدفع الثمن. وكانت واقعية إلى حدّ الصدمة: يمكن للعدو أن يحتل الأرض ولكن ليس من دون أثمان باهظة. أصغر قرية في الجنوب، «مارون الرأس»، لم تسقط، ويوم توهم أنّه أسقطها أُطلقت عليه النار من خطوطها الخلفية. في العام 1982 تقدموا بالكيلومترات خلال ساعات، في تموز 2006 تقدموا بالأمتار خلال أيام، غداً سيبدأ التراجع. إلى حينه، الردع قائم.