عمّت الاحتفالات أرجاء المعمورة (باستثناء شقة سكنية في أحد مباني شارع بلِس المقابل لحرم الجامعة الأميركية في رأس بيروت)، حيث صاغ كلّ من الأطراف المشاركة في المهرجان الانتخابي، والمقاطعة له على حد سواء، قوانين اللعبة التي فاز فيها طرفه والتي لا تتطابق بالضرورة مع معايير الربح والخسارة المعتمدة عادةً في الأعراس الانتخابية. حتى في الشقة السابقة الذكر يشاع أن قاطنها المشهور ببخله فرِحٌ لتوفيره أعباء الضيافة لزوارٍ كانوا قد يأتونه مباركين لو كتب للوائح مرشحيه أن تنتج كتلة نيابية.في الجنوب احتفل جمهور أبطال تحريره بالأرقام المسجلة التي أثبتت أن الوفاء للمقاومة بخير، وذلك بفضل خيرِ الدين أو رغماً عنه. صحيح أنه خسر من حلفائه ما جعل التحالف يخسر الأكثرية في مجلس النواب في وقت حرجٍ يشهد فيه لبنان والمنطقة والعالم تحولات مصيرية. لكن رب ضارة نافعة، فلا يخفى على أحد أن بعض هؤلاء الحلفاء كانوا يشكلون عبئاً محرجاً.
كان يمكن لمن تبقّى من حلفاء المقاومة أن يحتفلوا سوياً في المطاعم المطلة على شلالات جزّين وغابات بكاسين الخلابة لولا الالتهاء بحاصلهم الثاني قبل تأمين الأول. وهنا يجدر ذكر أن خاصية الصوت التفضيلي في الدائرة الصغرى أُدخلت على هذا القانون الانتخابي خصيصاً لتفادي اختيار ناخبي صيدا نواب جزين، ومع ذلك حصل الحاصل. لكن رغم ذلك هناك أسباب احتفالية لدى الفريقين، فالعونية صمدت بوجه الحملة الكونية وقد يكتب لها عهد جديد في المستقبل. ولا أحد يمكنه الاستفادة من تناقضات مجلس نواب بلا أكثريات، أو أي مجلس نواب آخر، كرئيسه الحالي والتالي. وبالتالي هناك دواع احتفالية أيضاً لكتلة بيضة القبان واللعب عالحبلين، وإن كان البيك الابن لا يوحي بأنه ورث مهارات البيك الأب.
احتفل أنصار التغيير بخَرق الخارقين، حتّى الخُرق منهم. الفريق المدني، الثائر سابقاً، قد لا يملك الخبرة لكنه ناشط. فهلمّوا إلى التشريع، لأنه كما شَعَرَ نزار قباني وغنّت ماجدة الرومي، إن الثورة تولد من رحم اللجان.
ومن بين الثوار المحتفلين أيضاً حزب «الشلعوطين ونص» الذي رزق بشلعوط جديد رغم الجهد الكبير الذي بذله نديم للتهرب من إرث العائلة. كن كميشال وميشال اللذين احتفلا باستمرار إرث عائلتيهما من دون خجل.
حزب المصرف يحتفل هو الآخر رغم خسارته لقامتين من كبار قومه في المجلس واحتفال الناس بهذا الإنجاز. فهو تجدّد وتسلّل إلى المجلس بكتلة تشبه كبار المودعين وكلها إرادة بنكية دولية. والفائز الأكبر في هذا المهرجان احتفل بخروجه من السجن في 14 آذار الأولى وها هو يفوز بالصوت التفضيلي لـ«طال عمره» في 14 آذار الثانية.
الكل فاز والكل فرح ولا أحد يحب الشخص النكد الذي يقطع على الناس احتفالاتها. لذلك مبروك للجميع. ارقصوا و«هيصوا»، فلن تكون هناك فرصة لاحتفالٍ آخرٍ قريب في هذا البلد، لكن لن ندخل في هذه الأمور قبل دُخلة البرلمان الجديد.