نحو 700 تلميذ مهدّدون بالتشرّد، عشيّة امتحانات نصف السنة، والبحث عن مقاعد في مدارس أخرى، بعدما أبلغ مدير متوسطة الزيتون الرسمية في بلدة الفاكهة في البقاع الشمالي، أحمد خليل، المنطقة التربوية نيّته إقفال أبواب المتوسطة المستأجرة.وكانت الأزمة المالية أحكمت الخناق على الذمة المالية الشخصية للمدير، إذ بادر إلى استدانة تكاليف مازوت الإنارة والتدفئة من محطة للمحروقات، والقرطاسية والمعقّمات وسائر المتطلبات من مكتبات ومؤسسات تجارية مختلفة. والمتوسطة تعتمد كما غالبية المدارس الرسمية على الذمّة المالية الشخصية للمدير، فيكون الكفيل للسداد على اسمه الشخصي وذمته المالية مع صاحب محطة المحروقات والمكتبات والمؤسسات التجارية، ما أدى إلى تراكم المبالغ وتوقّف المصرف عن توفير السيولة اللازمة. وقال: «وردني شيك من مؤجّر المتوسطة، وتفاعل اعتراض الدائنين ومطالبتهم بالسداد، وخصوصاً بعد معرفتهم بأني سأتقاعد العام المقبل، في حين أنّ الديون على ذمتي، ولا ألومهم لأنهم يريدون حقهم، فيما الدولة لم تدفع للمدارس منذ 3 سنوات».
لم يكتف خليل بإبلاغ المنطقة التربوية بما آلت إليه الأمور ونيّته الإقفال، بل أبلغ ذوي التلامذة بخطوته وأسبابها المبنية على تعذّر تأمين المازوت والمتطلبات الضرورية واللازمة للمتوسطة، وعدم توافر السيولة المالية للمتعاقدين والموظفين في المتوسطة. إلّا أنّ الدولة الممثلة بوزارة التربية لم تحرّك ساكناً، كما قال، تجاه الموضوع و«كأنه لا يعنيها إقفال المتوسطة، وتشريد مئات التلامذة».
وزارة التربية تخلّت عن المدرسة ولم تعد توفر لها السيولة اللازمة


خليل أشار إلى أنّ الأمور وصلت إلى حائط مسدود، «ويحزّ في قلبي إنهاء حياتي المهنية ـ العام المقبل ـ بإقفال صرح تربوي متميز على مستوى المنطقة». يعزو الرجل الذي أمضى 29 عاماً في إدارة المتوسطة سبب الإقفال إلى أنّ الدولة تخلّت عن المدرسة الرسمية، ولم تعد توفّر لها السيولة اللازمة لتسيير شؤونها التربوية، «وما عم نحكي عن متوسطة فيها 10 تلاميذ بل عن مدرسة تضم 700 تلميذ بدوامَين نهاري ومسائي». يكشف خليل عن أعباء مالية كبيرة بدءاً من إيجار المبنى ذات الغرف «المشقوعة»، في وقت شيّدت مبانٍ ضخمة لمدارس أخرى لا تحوي ثلث عدد تلامذة متوسطة الزيتون، ولا تنتهي عند تكاليف الإنارة والتدفئة بمولد بقدرة 10kva مع موظفي مكننة، وحارس، وحاجب، ومتعاقدين مسجلين على صندوق المتوسطة. خليل لفت إلى أنّ كلفة الأعباء تصل إلى 35 مليوناً شهرياً «في وقت نُذلّ فيه على أبواب المصارف».
المدير رأى أنّ مساهمة الأهالي بـ 3 «براميل» من مادة المازوت وعشرة ملايين ليرة هو «حل جزئي ومؤقت، وخصوصاً إذا بقيت وزارة التربية تقف موقف المتفرّج». واستغرب كيف يجري تحويل الجهات المانحة لمساعدات مالية وعينية (مازوت) على بعض المدارس في البقاع، «لا يمكن مقارنتها بمستوى متوسطتنا العلمي والعددي للطلاب، إذ حصلت على 4500 دولار أميركي في حين لم يصل إلى مدرستنا إلا 1000 دولار، وكأن ما يحصل ممنهج ضد المدرسة».
الوضع المالي والمصرفي في المنطقة قد يقفل متوسطات وثانويات رسمية أخرى في بعلبك ـ الهرمل لأن المشكلة ليست في بلدة الفاكهة فحسب، وإنما في سائر متوسطات المحافظة. وأشار خليل إلى أنّ هناك فرعاً وحيداً لأحد المصارف في المحافظة، وهو الملاذ المالي للموظفين في القطاعين العام والخاص، وللمؤسسات والشركات التجارية على اختلافها، وبدا لافتاً إقفال فروع المصرف مرات عدة، وآخرها بموجب الحكم القضائي، في حين يدافع المصرف عن نفسه تجاه المؤسسات التربوية بتلكؤ المصرف المركزي بتحويل الأموال تارة وبتجزئتها تارة أخرى.