في 23 شباط الجاري، أرسل المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم برقية تطلب من كافة مكاتب ودوائر ومراكز المديرية عدم استقبال طلبات جواز السفر للمسجّلين على المنصة المخصصة للتقديم أو من لديهم مواعيد مسبقة، إلا في حال عدم حيازة مقدّم الطلب جواز سفرٍ صالحاً أو في حال كانت صلاحية جواز سفره أقل من سنة ونصف سنة، إضافة إلى حيازته إقامة صالحة في الخارج، أو سمة (Visa) ملصقة على جواز السفر، أو موعد سفارة ضمن شهرٍ من تاريخ تقديم الطلب، أو لمتابعة الدراسة أو العلاج الطبي أو العمل في الخارج شرط إرفاق مستندات تثبت ذلك.البرقية أحدثت بلبلة تحديداً لدى من يرغبون بالسفر إلى دولٍ لا تفرض عليهم حيازة تأشيرة دخول، إن كان بهدف السياحة أو ممن يضطرون إلى إجراء مقابلات عملٍ قبل توقيع العقود أو كحالة عائلة مغتربٍ تود زيارته أو تجّار الألبسة الذين يشترون بضائعهم من تركيا... والأمثلة كثيرة. هؤلاء جميعاً حرمتهم هذه الشروط من حقهم البديهي في حيازة جواز سفر وحق التنقل المكفول دستورياً. أبعد من ذلك، جعلت مقدمة الدستور اللبنانيين سواسية أمام القانون، وهنا خرق إضافي يكرّسه القرار، إذ يميّز بين المواطنين في قبوله أو رفضه لطلباتهم. لكل تلك الأسباب «يصبح القرار الإداري قابلاً للطعن أمام مجلس شورى الدولة من أي مواطنٍ متضرر»، بحسب ما يؤكد المحامي حسن بزي لـ«الأخبار»، مشيراً إلى نيّته تقديم طعن مخاصمة الدولة ووزارة الداخلية الثلاثاء المقبل، استناداً إلى مخالفة القرار لمبدأي حريّة التنقل والمساواة بين المواطنين، بهدف إبطاله ووقف العمل به. وفي هذه الحالة يتعيّن على شورى الدولة البت بالطعن وإصدار قراره الملزم في مهلةٍ لا تتعدى الشهر. وينطلق بزي من قاعدة تقول إن «مخالفة القاعدة الدنيا للقاعدة العليا توجب البطلان المطلق، وبما أن المعاهدات الدولية الموقع عليها لبنان تتيح للأفراد التنقل بحرية كما الدستور اللبناني، وبما أن للمعاهدات والدستور قيمة أعلى من القرار الإداري، فالطعن به متاح وموجبات بطلانه متوافرة».
شروط شبه مستحيلة للحصول على جوازات سفر لأسباب مالية؟


وعما إذا كان القرار محصوراً بطلبات جوازات السفر المستعجلة أم تلك العادية أيضاً، يجيب: «بحسب ظاهر القرار لا يتضمّن النص ما يميّز بين النوعين من الجوازات. وحتى وإن كان القرار محصوراً بالجوازات المستعجلة فهو مخالف قانوناً لما يتضمنه من إعطاء أفضلية لمواطن على آخر».
وشهدت مراكز الأمن العام في الشهور الماضية ازدحاماً غير مسبوق لتجديد جوازات السفر أو الاستحصال على جوازات جديدة. وفي الأسبوع الأخير من كانون الأول الماضي، أطلقت المديرية منصّة إلكترونية لتقديم طلبات حجز مواعيد لإنجاز الجوازات لمعالجة مشكلة الاكتظاظ، إلا أن كثيرين شكوا من تسجيل المنصة مواعيد أقربها يبعد بين شهرين وثلاثة، ليأتي القرار الجديد ويخفّض عدد طلبات التقديم إلى حدوده الدنيا.
وفيما لم يصدر عن الأمن العام أي بيانٍ توضيحي، علمت «الأخبار» أن القرار جاء أساساً بسبب نقص في الأموال المعتمدة لطباعة الجوازات، علماً أن إيجاد المخرج يقع على عاتق السلطة السياسية المسؤولة عن عمل الإدارات والمديريات، والتي يفترض بها التقدم بحلولٍ تراعي الدستور والمعاهدات والقوانين لا أن تخرقها وتسجن اللبنانيين أو تتخذهم رهائن أزمة تسببت بها.