تلقّى لبنان، مطلع الأسبوع، طلب تعاون قضائي جديد في ملف حاكم مصرف لبنان من ألمانيا. علماً أن لدى برلين ملفات كثيرة تريد متابعتها في لبنان، منها ما يتعلق برياض سلامة وبآخرين، ويقع قسم منها تحت شبهة تبييض الأموال.يشار إلى أن التعاون اللبناني – الأوروبي ليس يسيراً كما يعتقد كثيرون، إذ تبين لمتابعين في باريس وبرن أن هناك من يمارس الضغط في فرنسا وسويسرا لعدم شمول التحقيقات مصارف ومصرفيين من هذه الدول بتهمة تسهيل عمليات تبييض الأموال التي يشتبه في أن سلامة يقوم بها. ولذلك تأخّر كثيراً التعاون السويسري مع لبنان، وشهد الشهر الماضي أول تعاون وثيق مع برن، إذ أرسلت سويسرا إلى لبنان مجموعة من الأدلة المرتبطة بالتحقيق، من بينها ما يتعلق بشركة «فوري». وترافقت خطوة سويسرا مع قيام لوكسمبورغ بتسليم موادّ صارت في حوزة المحققين لديها تتعلق بسلامة، علماً أن السلطات هناك ادّعت عليه. بينما أعرب الجانب الألماني عن «اعتقاده» بأنه «من المنطقي النظر في أصل الأموال التي جمعها رياض سلامة منذ توليه منصبه كحاكم مصرف لبنان، لأن ما ظهر أنه بحوزته يفوق قدرته على تحقيقه من أعمال مشروعة».
سابقاً، كانت سويسرا أول من افتتح الملاحقة الجنائية بحق سلامة في الخارج. تقدّم لبنانيون يقيمون في أوروبا بدعاوى مختلفة ضد حاكم مصرف لبنان وضد مصارف ومصرفيين بتهمة اختلاس وتبييض الأموال وهدر أموال المودعين في المصارف اللبنانية. صحيح أن المعلومات حول تفاصيل ما يجري هناك لا تزال نادرة، لكنّ الواضح بحسب مصدر مطّلع، «أننا سنكون قريباً أمام جولة جديدة من المواجهة في عدد من الدول الأوروبية. وهي مواجهة لن تقتصر على القضاء بل على المسرح الإعلامي أيضاً، في ضوء توفر الكثير من المعطيات التي تتيح ملاحقة سارقي أموال اللبنانيين».
وبالعودة إلى الملاحقات الجنائية بحق سلامة وفريقه، فإن الاستنابة السويسرية كانت قد أفادت بأن رجا سلامة عمد إلى تحويل 207 ملايين دولار أميركي إلى حساباته في لبنان. وهي المعلومة التي تمّت مشاركتها مع أجهزة قضائية أخرى في أوروبا. وتبين في المتابعات القضائية الجارية في سويسرا وألمانيا وفرنسا ولوكسمبورغ، أن لدى المحققين هناك معطيات تشير إلى أن رياض سلامة عمد إلى إقامة هيكلية كاملة من الشركات والحسابات التي يتم من خلالها تحريك الأموال بأكثر من طريقة. وأشارت المعطيات إلى أن هذه الجهات تشتبه في أن سلامة أعدّ خطة مُحكمَة جعلته يقوم بعمليات شراء لأسهم تمكّنه من تملّك شركات، كان سبق لها أن تملّكت شركات أخرى، وهذه الشركات اشترت عقارات في عدد غير قليل من المدن الأوروبية.
كما تبين للجهات الأوروبية أن ماريان الحويك، المساعدة الخاصة لحاكم مصرف لبنان، تملّكت عقارات في بيروت وباريس بمبالغ تفوق قدرتها المالية وتتجاوز بكثير حجم المخصّصات التي تحصل عليها نتيجة وظيفتها في مصرف لبنان.
وتشير وجهة التحقيقات الأوروبية إلى أن الأموال التي استُخدمت في هذه الدورة المالية، كان مصدرها حسابات تخصّ رياض سلامة في مصرف لبنان. وهو ما دفع بالجهات الأوروبية إلى الطلب صراحةً إلى لبنان المساعدة في الآتي:
- الحصول على كشوفات مدقّقة لحسابات حاكم مصرف لبنان في المصرف المركزي وحركتها خلال فترة زمنية معينة.
- الحصول على كشوفات تخصّ حسابات شقيقه رجا سلامة في عدد من المصارف اللبنانية لحسم الجدل حول ما إذا كانت هذه الأموال هي التي استُخدمت في شراء الشركات التي تملك العقارات، لأن هذه الخطوة هي التي تتيح الحجز على ممتلكات سلامة وأمواله في أوروبا باعتبارها أموالاً «سُرقت من مصرف لبنان».