لا تزال ملاحقة «آل سلامة»، في لبنان والخارج، قضية رئيسية على جدول أعمال الجهات المعنية في لبنان وعواصم أوروبية. لكن المؤكد هو الإصرار الأميركي على «منع المس» بحاكم مصرف لبنان، وهو ما يلتزم به أركان الحكم في لبنان على كل المستويات، ويحتمي به أركان النظام المصرفي اللبناني لتعطيل التحقيقات الهادفة الى كشف عمليات اختلاس وإثراء غير مشروع يشتبه في أن رياض سلامة وشقيقه رجا ومساعدين له قاموا بها على مدى سنوات.وتشير المعلومات الى أن اجتماع الجهات القضائية المعنية في ملف الحاكم في إحدى العواصم الأوروبية، والمرجح أن تكون باريس، نهاية هذا الشهر، سيشهد إصراراً من القضاء الفرنسي على متابعة مسار التحقيقات الى النهاية، حتى في حال وجود تضارب مصالح مع السياسة الفرنسية الحاضنة لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي. وأكدت مصادر قضائية فرنسية أن الرئيس إيمانويل ماكرون لن يجرؤ على التدخل في عملية قضائية أو التأثير عليها على عتبة انتخابات رئاسية فرنسية في أيار المقبل. وهو ما جرى إبلاغه الى القنوات الدبلوماسية اللبنانية ودوائر القصر الجمهوري على حد سواء.
وترى مصادر مطّلعة أن حرص سويسرا على سمعة قطاعها المصرفي لن يسمح لها بالتغطية على رياض سلامة، بل تفضل الكشف عن خيوط القضية التي فتحها القضاء السويسري، وأقلّه التضحية بمتورطين منعاً لتمدد هذه الدعاوى الخارجية.
لذا، ثمة أمل لدى بعض المعنيّين بأن تعوّض هذه الفرصة الدولية إحباط مساعي القاضي جان طنوس بضغط من الرئيسّين نبيه بري ونجيب ميقاتي واستجابة غير مبررة من النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات.
كما طرأ عامل إضافي على خط المواجهة مع سلامة وعرّابيه، يتعلق بمنع السفر بحقه الصادر عن القاضية غادة عون. ورغم اتصال عويدات بالقاضية لسؤالها عن موجبات قرار مماثل، إلا أنه حتى الساعة لم يكسر قرارها. فيما تقول المعلومات إن أحد الوزراء سأل ميقاتي أمس عن تهديده بالاستقالة في حال الاستمرار بملاحقة سلامة والمصارف، فتراجع عن حدّة موقفه مستعيضاً عنه بالإشارة إلى أنه سيكون له «موقف حازم».
واستمر أمس النقاش القانوني حول إجراء القاضي طنوس بإلزام المصارف بالتصريح عن بيانات الحسابات العائدة الى رجا سلامة. وقال محامون إنه يحق للقاضي الاطلاع على حسابات سلامة نفسه، لكن القانون يمنعه من رفع السرية عن الحسابات المرتبطة بهذا الحساب والتي جرى تحويل أموال إليها. فيما للقاضي طنوس رأي مخالف يستند فيه الى المواد القانونية التي ترفع السرية عن الحساب المعني بتحقيق حول إثراء غير مشروع، ولا تضع حدوداً كما يفترض أصحاب المصارف أو وكلاؤهم القانونيون.
ويدعم موقف القاضي طنوس تفسير قانوني يقول إن الجرائم تلاحق في لبنان بصورة موضوعية، أي بغضّ النظر عن مرتكبيها أو شركائهم أو المتدخلين فيها، وفي حال مرت ١٠ سنوات على ملاحقة الجريمة وتم اكتشاف فاعلها، فهذا لا يسمح باستخدام مرور الزمن. ما يعني أن جريمة الإثراء غير المشروع تطبّق على الفاعلين والشركاء والمتدخلين ولو كانوا من غير الموظفين. ويضيف أصحاب هذا الرأي إن «السر المصرفي» هو «سر موضوعي يتعلق بالحسابات المصرفية وليس بهوية الأشخاص مالكيها. ومتى نص القانون على عدم الاعتداد بسرية الحسابات المصرفية في دعاوى الإثراء غير المشروع، فهذا الاستثناء يشمل جميع الحسابات المشمولة بالتحقيق بغض النظر عن هوية مالكيها وصفاتهم».