لسلطة السياسية ــــ التشريعية والتنفيذية ــــ لم تتخلّ فقط عن صلاحياتها لحاكم البنك المركزي رياض سلامة في السنتين الماضيتين، بل اختارت دعم إجراءاته، وتوفير الغطاء السياسي لها. التواطؤ بين السلطتين السياسية والنقدية ظهر حين قرّر سلامة التوقّف عن توفير الدولارات لاستيراد المواد الأساسية، قبل توزيع البطاقة التمويلية. لجأ التجّار إلى السوق لتأمين الدولارات، ووجدوا في الأمر مُبرّراً لرفع الأسعار إلى مستوى لا يقدر أغلبية السكان على دفعه. يومها، كان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي «عرّاب» سلامة في هذا القرار. ضغطٌ إضافي على سعر الصرف تسبّب به سلامة الخميس الماضي، بعدما قرّر رفع سعر صرف الدولار للحسابات بالعملات الأجنبية من 3900 ليرة إلى 8000 ليرة، كـ«هدّية» قدّمها لرئيس مجلس النواب نبيه برّي. هو النهج المُستمر منذ التسعينيات، بتكليف سلامة صنع سياسات المنظومة الحاكمة، حتى وصل به الأمر مع حكومة ميقاتي، إلى تعيين وزيرٍ للمال موظف في مصرف لبنان، ووضع اقتراح قانون القيود على السحوبات والتحويلات المصرفية (الكابيتال كونترول)، واحتكار التفاوض مع صندوق النقد الدولي في محاولةٍ لتمرير أرقامه للخسائر ورؤيته للحل. دفع ذلك رئيس الجمهورية ميشال عون إلى تسجيل شكوى خطّية لدى رئاسة الحكومة من تغييبه عن المفاوضات وإجرائها من دون علمه!مصرف الدولة اللبنانية يتّخذ إجراءات تُحمّل الناس كلفة رفع الدعم، كما يفعل في ما خصّ المحروقات. ويُحمّل كلّ المجتمع المزيد من الانهيار بالعملة المحلية والقدرة الشرائية. أما آخر ارتكابات سلامة، فإعلانه تمردّه على الدولة من خلال عدم القيام بواجبه تأمين الدولارات لوزاراتها وبعثاتها الدبلوماسية.