مرّ عام على انتخابات المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي، ولا يزال الحزب يعاني من تداعيات هزيمة لائحة رئيس مجلسه الأعلى السابق أسعد حردان، مع تمسك نائب حاصبيا - مرجعيون برفض الاعتراف بالنتائج، وتشكيل حالة حزبية منفصلة من رموز في القيادة السابقة ومقرّبين منه.ومنذ ذلك الحين، لم تنجح الضغوط على قيادة الحزب الجديدة، برئاسة ربيع بنات رئيس الحزب، ورئيس المجلس الأعلى الجديد عامر التلّ، لإجبارها على عقد تسوية تعيد الرجل القوي تاريخياً في الحزب إلى السلطة.
وفيما كان الرئيس السوري بشّار الأسد، قد أعطى توجيهاً للمسؤولين السوريين بضرورة المساعدة على وحدة الحزب، حظي حردان بكلّ أشكال الدعم من السفير السوري في بيروت علي عبد الكريم علي ومن أبرز الأجهزة الأمنية السورية، لتشكيل توازن مع القيادة الجديدة، فاستفادت القيادة القديمة وعمدت إلى تحديد مواعيد عديدة طوال السنة لعقد مؤتمر قومي عام، ثم تراجعت عنها بعدما لم تلق تجاوباً من القوميين. في المقابل، جرى إغلاق مكاتب الحزب الرسمية في سوريا ووضعت إجراءات منع السفر بحقّ العديد من المسؤولين البارزين ومورست ضغوط شخصية على المسؤولين لتقديم استقالاتهم والالتحاق بالقيادة القديمة، كما مُنعت قيادة الحزب في بيروت من زيارة دمشق.
وبذل حردان جهوداً حثيثة للإشارة إلى أن القيادة الجديدة لا تمثّل غالبية القوميين وتحمل أجندة عمل خارجية معادية لتحالف محور المقاومة، محاولاً إقناع القيادة السورية وقوى 8 آذار في لبنان بذلك. إلا أن احتفال الحزب في ذكرى المقاومة والتحرير في شارع الحمرا في 23 أيار الماضي وعدم التحاق القوميين في سوريا بالقيادة السابقة، حسم الأمر لدى عدة جهات سورية ولبنانية، حول تمثيل حردان الحقيقي.
لم تنجح الضغوط لعقد تسوية تعيد الرجل القويّ تاريخياً في الحزب إلى السلطة


ومنذ أشهر، طلب الأسد من المعنيين رفع الضغوط عن القوميين وفتح مكاتب الحزب، وكادت أن تصل الأمور إلى إجراء انتخابات داخلية موحّدة في آب الماضي، على أن تتعامل سوريا مع القيادة الجديدة الناتجة من الانتخابات المبكرة مهما كانت النتائج. إلّا أن المساعي عادت وتوقفت مع محاولات حردان وعلي عقد تسوية جانبية مع القيادة الجديدة تضمن حصة لحردان في الانتخابات، ورفضا رفع الضغوط بشكل فعلي عن الحزب، واكتفى السفير السوري بالإعلان عن إجراءات شكليّة. ما دفع القيادة الجديدة إلى التمسّك بموقفها باشتراط فتح المكاتب ورفع الإجراءات وعودة العلاقة مع سوريا إلى سابق عهدها قبل الدخول في أي حوار. وخلال الأسابيع الأخيرة، طلب علي من حزب الله المساعدة على تليين موقف القيادة الجديدة، التي عادت وأكّدت بحسب المعلومات، تمسكّها بإزالة أي إجراء «عقابي»، قبل الخوض في أي حوار.
وتسعى القيادة القديمة إلى إيجاد تسوية قبل الانتخابات النيابية اللبنانية للحفاظ على مقعد حردان في دائرة الجنوب الثانية حيث يقف غالبية القوميين فيها إلى جانب القيادة الجديدة، خصوصاً أن غالبية حلفاء القومي في لبنان، بدأوا الاتصال وعقد الاجتماعات مع قيادته، لمناقشة العلاقات الثنائية وملف الانتخابات النيابية.
ويظهر التباين السياسي بوضوح بين القيادة الجديدة والقيادة القديمة، حيث عمد نواب الكتلة القومية المحسوبون على حردان إلى تسمية الرئيس سعد الحريري ثم الرئيس نجيب ميقاتي لرئاسة الحكومة، بينما رفضت القيادة الجديدة هذه التسميات، مؤكّدة أن الحريري وميقاتي يعتبران امتداداً للمرحلة السياسية - الاقتصادية القديمة في البلاد، ومن المسؤولين عمّا وصل إليه الحال اليوم في لبنان. كما أن حردان، تبنّى تسميّة الموظّف السابق في صندوق النقد الدولي نائب رئيس الحكومة سعاده الشامي ممثّلاً للحزب في حكومة ميقاتي، الذي اعتبر توزير الشامي إنجازاً له، فيما عمدت القيادة الجديدة إلى إعلان موقف رافض لأي اتفاقية مع صندوق النقد الدولي، ودعت إلى اللجوء إلى خيارات بديلة متاحة.
وعقد حردان الأسبوع الماضي مؤتمراً بمشاركة خجولة ممّن يحقّ لهم الانتخاب في الاستحقاقات الحزبية الداخلية، على أن يعقد في غضون يومين انتخابات يشكّل على أساسها قيادةً لحزبه الجديد، في محاولة للاستفادة من المشاركة في الحكومة لانتزاع موقف مؤيّد له من وزير الداخلية الجديد أو من القضاء اللبناني، بهدف انتزاع الشرعية الرسمية للحزب أمام الدولة اللبنانية. إلّا أن الداخلية والقضاء، يتخّذان موقفاً «متوازناً» حتى الآن، مع معرفة المعنيين بتعقيدات القضية.