فشلت، أمس، محاولات مخابرات الجيش اللبناني لتوقيف الصحافي الزميل في «الأخبار» رضوان مرتضى، بقرار من قائد الجيش العماد جوزف عون، وضع موضع التنفيذ بإشارة من المدعي العام العسكري القاضي فادي عقيقي. الادعاء على مرتضى صدر عن عون على خلفية ما عدّه الأخير إساءة إلى الجيش. فشل التوقيف تمّ بسحب المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات إشارة توقيف مرتضى، لكونها مخالفة باعتباره صحافياً لا يمثل أمام جهاز أمني، على أن يحضر مرتضى أمام النيابة العامة التمييزية، لا أمام مديرية المخابرات، يوم الاثنين المقبل.جاء ذلك بعدما طوقت آليات تابعة للجيش والشرطة العسكرية مبنى قناة «الجديد»، حيث يعمل مرتضى من أجل توقيفه، بعدما أعطى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، فادي عقيقي، الإشارة باستدعائه إلى فرع التحقيق في وزارة الدفاع بجرم تضليل التحقيق القضائي في جريمة المرفأ والإساءة إلى الجيش اللبناني واختلاق الجرائم بحق المؤسسة العسكرية وعدة جرائم أخرى تمسّ بهيبة الدولة.
وكانت دورية من مخابرات الجيش قد توجّهت إلى منزل مرتضى أمس، ودعته إلى الحضور فوراً إلى التحقيق، في حين أنه لم ير إشارة قضائية على ورقة استدعائه وإنما توقيع مديرية المخابرات، ولدى مراجعته المدعي العام التمييزي، تبيّن أنهم لم يعطوا أي إشارة، وأن هناك إشارة من مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية فحسب.
وفي التفاصيل أن مرتضى تناول على حسابه عبر «تويتر» قائد الجيش بعد منعه من دخول المحكمة العسكرية، حيث قال: «لقد ارتكب الضابط عون حماقة»، واصفاً القرار بحقه بأنه «قمعي ومافيوي وعشائري». كذلك ظهر على تلفزيون «الجديد» متحدثاً عن وجود فرضيات عدة لأسباب حصول انفجار المرفأ، وهو شخصياً يرجّح فرضية «الحمرنة» التي تشمل قيادة الجيش السابقة والحالية، كونهما لم تتخذا أي إجراء لتفادي الانفجار.
بعد تطويق مبنى «الجديد» أمس، أجريت اتصالات أفضت إلى تدخل القاضي عويدات، وسحبه الدعوى من المحكمة العسكرية، ومتابعتها لدى النيابة العامة التمييزية. وبناءً عليه، جرى استدعاء مرتضى الى «التمييزية» الاثنين المقبل. وقد كلّف نقيب المحامين، ملحم خلف، المحامين عليا معلم وأنطوان الحويس ومازن حطيط، للدفاع عن مرتضى.
نقيب المحامين في بيروت كلّف ثلاثة محامين للدفاع عن الزميل مرتضى


عضو مجلس نقابة المحامين ومفوض قصر العدل المحامي ناضر كسبار لم يدل بموقف في أساس قضية الزميل مرتضى وما إذا كان كلامه يشكل جرماً أو لا لكونها معروضة أمام القضاء، لكنه أثار المسألة من حيث الشكل بحكم اطلاعه الواسع على قضايا المطبوعات وحضوره وكيلاً في مئات الشكاوى المقامة ضد الإعلاميين منذ 1990، مشيراً إلى أن لا توقيف احتياطياً في قضايا المطبوعات مهما كتب الصحافي أو الإعلامي وورد في الصحيفة والإذاعة والتلفزيون تحديداً، فيما صدر قرار مبرم عن محكمة التمييز يعتبر قضايا مواقع التواصل الاجتماعي قضايا جزائية بحتة. وأضاف: «غير صحيح ما نسمعه على لسان مسؤولين وغير مسؤولين أن الصحافي أو الإعلامي يستدعى فقط من محكمة المطبوعات، إنما يحق للمتضرر أو للشاكي أو النيابة العامة (إذا كانت قضية حق عام) اتخاد صفة الادعاء الشخصي أمام النيابة العامة أو تقديم شكوى مباشرة أمام قاضي التحقيق أو محكمة المطبوعات، مع العلم بأنه لا يحق للمدّعي العام أو قاضي التحقيق بالتوقيف الاحتياطي. وهنا يستمع المدعي العام أو المحامي العام الدي يكلفه إلى الصحافي أو الإعلامي مباشرة أو يحيل الشكوى أمام الضابطة العدلية للاستماع إليه، ولكنْ هناك نوع من الاتفاق بأن يحقق القاضي وليس رجل الأمن أو الدرك أو الضابطة العدلية مع الصحافي أو الإعلامي تماماً كما هو الأمر مع المحامين. وبعد أن يحقق المدعي العام لديه حل من ثلاثة: إما حفظ الشكوى أو قرار منع محاكمة أو إحالة الملف أمام قاضي التحقيق أو أن يحيلها مباشرة أمام محكمة المطبوعات».
مداهمة مرتضى من مخابرات الجيش استدعت موقفاً من نقابة محرري الصحافة التي أكدت «موقفها الثابت والدائم الذي سبق أن اتخذته في جميع الاستحقاقات المشابهة بأن الصحافي لا يمثل إلا أمام محكمة المطبوعات»، متمنية على قيادة الجيش «احترام قرار النقابة، واعتماده في أي مراجعة قضائية تخصّها مع رجال الإعلام، وخصوصاً أن الزميل مرتضى أعلن استعداده للمثول أمام القضاء في حال الادعاء عليه».
كذلك أدان «تجمّع نقابة الصحافة البديلة» استدعاء مرتضى للمثول أمام جهاز أمني، وتطويق مبنى «الجديد»، معتبراً أن المرجع الصالح لمحاكمة المدنيين، والصحافيين خاصة، هو القضاء المدني، إذ لا شرعية لمحاكمة مدنيين أمام القضاء العسكري.
من جهتها، استغربت الدائرة القانونية لمجموعة «الشعب يريد إصلاح النظام»، في بيان، «محاصرة مؤسسة إعلامية بإشارة قضائية مخالفة للقانون كان هدفها توقيف أحد الصحافيين بسبب آراء صادرة عنه بمناسبة عمله الصحافي والإعلامي، بغضّ النظر عن موافقتنا على مضمونها أو عدمها»، مؤكدة أن «أول واجبات القوى الأمنية هو الدفاع عن الأمن القومي الداخلي والخارجي، وليس الدفاع عن شخصيات عسكرية أو سياسية». ورأت أن ما حصل هو نتيجة طبيعية لتراكم الأخطاء والمخالفات والتعدّي الفاضح على الحقوق والحريات وغياب القضاء المستقل. وأشار البيان إلى أنه لا يمكن المجتمع اللبناني أن يقف مكتوف الأيدي أمام المخالفات الفاضحة للقوانين والتعدّيات الخطيرة على الحريات العامة من خلال إخضاع المحامين والإعلاميين للسلطات الأمنية، ومن البديهي القول إن محاسبة الصحافيين تتمّ أمام محكمة المطبوعات.