لا تزال أبواب الحكومة العتيدة موصدة بالأقفال، فيما بدا واضحاً أن مساعي التأليف لم تُبارِح دائرة التعقيدات حتى الآن، رغم تأكيد الرئيس سعد الحريري أن الحكومة ستبصر النور قريباً. تمضي المشاورات في مرحلة «التفاوض السلبي»، محكومة بمعادلة «انتظار اتفاق الأضداد»، أي الحريري ورئيس تكتّل «لبنان القوي» النائب جبران باسيل، في لحظة باتَ من الصعب فيها الفصل بين التطورات الداخلية والخارجية. وإلى جانب الحريري، يصرّ بعض السياسيين على إشاعة أجواء إيجابية، تكفّل بها أمس نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، الذي كشف في حديث إلى برنامج «هنا بيروت» على قناة «الجديد»، أنه «تم الاتفاق على شكل الحكومة وعدد الحقائب فيها بين الرئيسين عون والحريري والاتفاق على الأسماء سيجري هذا الأسبوع». وفي المقابل، أكدت أوساط مطلعة على خط المشاورات أن «الساعات الماضية لم تحمِل أي مفاجآت سعيدة على صعيد التشكيل»، وسطَ انشداد الأنظار الى ما سيحمِله باتريك دوريل، مستشار الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، الذي وصلَ مساء أمس إلى بيروت في زيارة قيل إنها «محاولة أخيرة لإحياء المبادرة الفرنسية والضغط على القوى السياسية من أجل الإسراع في تأليف الحكومة والبدء بتنفيذ الإصلاحات»، كما سيسلّم إلى المسؤولين اللبنانيين الذين سيلتقيهم رسالة تحذير، من أن عدم تأليف حكومة قبل انعقاد مؤتمر الدعم للبنان، أواخر الشهر الجاري، سيحوّل المؤتمر من مؤتمر للدعم الاقتصادي إلى مؤتمر للدعم الإنساني.وفي ظل حالة المراوحة التي تُسيطر على الملف الحكومي، خرقت المشهد أمس زيارة قامَ بها رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط الى عين التنية، حيث اجتمع برئيس مجلس النواب نبيه برّي، وهي زيارة كانَ من المقرّر أن يقوم بها جنبلاط منذ يومين وجرى تأجيلها. وقالت مصادر مطلعة على أجواء اللقاء إن جنبلاط، الذي خرج من عين التينة من دون الإدلاء بأي تصريح، «حمَل معه شكوى من إدارة الملف الحكومي، وركّز على محاولات البعض الانتقاص من مكانة الدروز وحجمهم في الحكومة الجديدة».
مشاورات الحكومة: الحريري والفرزلي يشيعان أجواء إيجابية


في موازاة ذلك، لم تهدأ في بيروت بعد عاصفة العقوبات الأميركية التي طالت باسيل أخيراً، بينما أكّد أكثر من مصدر متابِع أن الأميركيين يشيعون، عبر شخصيات تابعة لهم، معلومات عن أن «عقوبات جديدة ستفرض على سياسيين لبنانيين نهاية هذا الأسبوع، أو في الأسبوع المقبل على أبعد تقدير».

ترسيم الحدود … الجولة الأطول
في سياق آخر، انعقدت صباحَ أمس، في مركز الأمم المتحدة (اليونيفيل) في رأس الناقورة، الجولة الرابعة من مفاوضات ترسيم الحدود البحرية غير المباشرة بين لبنان والعدو الإسرائيلي، برعاية الأمم المتحدة، وبواسطة أميركية، للبحث في ترسيم الحدود البحرية. وتأتي هذه الجلسة بعدَ أن سادَ الجلستين السابقتين توتّر كبير من جرّاء تقدّم الوفد اللبناني المفاوض بمستندات ووثائق وخرائط تُثبِت حق لبنان في حدود مياهه البحرية، وفقاً لقانون البحار المعترف به، مؤكّداً التشبث بها، وتبلغ مساحتها 1430 كيلومتراً مربعاً إضافية، زيادة عن الـ863 كيلومتراً المتنازع عليها، ما دفع العدو الإسرائيلي إلى الاستنفار، واللجوء الى إعلامه لتوجيه رسائل إلى لبنان تفيد بأنه ينوي طرح خطوط جديدة رداً على الطرح اللبناني.


وفيما كانَت التوقعات بأن تكون هذه الجلسة حاسمة، قالت مصادر عسكرية لـ«الأخبار» إن «هذه الجولة كانَت الأطول، وقد استمرت لأكثر من 4 ساعات، بعدَ طلب تمديدها لساعة إضافية من قبل الجانب الآخر». وأشارت المصادر إلى أن «الجلسة بدأت بجوّ صدامي، بعدَ تأكيد الوفد اللبناني طرحه، أي الخط الذي وضعه لبنان وتعمّق باتجاه الجنوب، بحيث يصل إلى حقل كاريش، وردّت عليه «إسرائيل» بخطّ 310 الذي يصل إلى ما بعد صيدا شمالاً، ما يعني قضم أجزاء من البلوك الرقم 9 و10 والبلوك الرقم 8 كاملاً وجزء من البلوك الرقم 5»، (راجع «الأخبار»، أمس) لافتة إلى «وجود محاولات ضغط للعودة إلى خطّ هوف، لكن لبنان لن يتراجع عن مطلبه».
وقالت المصادر نفسها إن «البحث لا يزال يتركز حول نقطة الانطلاق، والخط الذي يجِب اعتماده، وهو بحث تقني بامتياز»، من دون أن تُضيف أي تفصيل آخر. وفيما اتفق المشاركون على استئناف المفاوضات في جلسة خامسة في الثاني من كانون الأول المقبل، أصدرت الولايات المتحدة ومكتب المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان «يان كوبيتش» بياناً يقول: «ما زلنا نأمل أن تؤدي هذه المفاوضات إلى حل طال انتظاره».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا