في إطار «خطة التكامل بين المرافئ» التي أعلنتها وزارة الأشغال العامة والنقل، وبعد أسبوع على كارثة انفجار مرفأ بيروت، استقبل مرفأ صيدا الجديد باخرتي قمح على متنيهما 11 ألف طن ونصف طن. بين أمس واليوم، تشرف رئاسة مرفأ صيدا والأجهزة الأمنية على إفراغ الحمولتين اللتين حوّلت وجهتهما من بيروت إلى صيدا بعد الانفجار. وبحسب مصادر متابعة، فإن الباخرتين اللتين أُفرغت حمولتيهما لصالح أحد التجار، دشّنتا حركة البواخر التي سترسو في مرافئ صور وصيدا وطرابلس في الأشهر المقبلة.وصول الباخرتين إلى مرفأ صيدا الجديد أعقب جولة لوزيري الصناعة عماد حب الله والأشغال والنقل ميشال نجار، الجمعة الماضي، عليه وعلى مرفأ صيدا القديم ومرفأ صور لتفقد جاهزيتها لاستقبال البواخر التجارية التي كانت قد حجزت مواعيد رسوّها في مرفأ بيروت. لكن هل يستطيع مرفآ صور وصيدا التعويض عن بيروت؟
في عام 2008، أعلن وزير الأشغال والنقل الأسبق محمد الصفدي عن خطة لتطوير المرافئ على طول الشاطئ اللبناني. أسلافه تبنّوا الخطة وأضافوا عليها من دون تطبيقها عملياً. آخر الإضافات سُجّل في عهد يوسف فنيانوس عام 2019 الذي ضمّن خطته بند «التجانس بين المرافئ الكبرى». وأقرّت الخطة «ضرورة تجانس نشاط المرافئ الكبرى وتكامل خدماتها واعتماد سياسة نقل بحري وملحقاتها وتوابعها عبر تطوير مرفأ بيروت واستكمال تطوير مرفأ طرابلس». واللافت أن تطوير مرفأي صيدا وصور ضمن الخطة كان بهدف «تنشيط دوريهما السياحي»! فنيانوس كان قد ألحق بالخطة إنشاء مرفأ ترانزيت في الناقورة.
ربما لم يخطر على بال القيمين المتعاقبين على وزارة الأشغال والنقل احتمال تعطّل العمل في مرفأ بيروت أو أي مرفأ رئيسي آخر، ووضع خطة عمل بديلة. الانفجار فرض هذا الواقع. لكن مرفأي صور وصيدا لا يستطيعان التعويض بالشكل المطلوب. الجولة الوزارية كشفت عن حاجة مرفأ صيدا القديم إلى الصيانة بعد تكسّر رصيف رسوّ البواخر، علماً بأنه في كل عاصفة شتوية تضربه، يتعرض لأضرار ويقفل قسراً أمام حركة الملاحة التي تقتصر في الأساس على البواخر الصغيرة الحجم. أما مرفأ صيدا الجديد، الذي أنشئ قبل خمس سنوات ليصبح بديلاً من المرفأ القديم الذي سيستخدم كميناء سياحي وللصيادين، فإنه يستوعب حالياً بواخر متوسطة الحجم في حوض بعمق 10 أمتار وعلى رصيف بطول 275 متراً. لكنه لم يفتتح رسمياً بعد، لأن الأشغال لم تنجز فيه. المرحلة الثالثة معلقة بانتظار رصد اعتمادات بقيمة 40 مليون دولار لاستحداث أرصفة جديدة وعنابر ومساحات إضافية ومراكز لوجستية لخدمة البواخر، بحسب نجار.
استقبل مرفأ صيدا الجديد أمس باخرتين محمّلتين بـ11.5 طناً من القمح


الجولة التفقدية شملت مرفأ صور الصغير الحجم وغير القابل سوى لاستقبال بواخر صغيرة. وطوال السنوات الماضية، تخصص في استقبال البواخر المعدة لنقل السيارات والأسماك. ولم يشهد منذ التسعينيات أي ورشة صيانة أو توسعة. وهو على غرار مرفأ صيدا القديم، تتسبب العواصف الشتوية في أضرار بالغة فيه، من دون أن يخضع للترميم من بعدها.
خطوة «غربلة» المرافئ التي فرضها انفجار مرفأ بيروت، تذكّر بمرفأ «نبيه بري للصيد والنزهة» في عدلون، الذي أنجز تشييده قبل عامين من دون أن يبدا تشغيله. ورغم أنه يمتد على مساحة أكثر من 160 الف متر مربع ويضم «سنسولَي» حماية بطول 240 و600 متر و400 مرسى وتسعة أحواض، إلا أنه غير قادر على المساهمة في التعويض عن مرفأ بيروت. وفق مصدر مواكب، فإن المساحة بين الـ«سنسولَين» ضيقة لا تسمح بدخول باخرة ولو صغيرة الحجم، كما أن عمق أحواضه لا يتجاوز خمسة أمتار.